ذكرى انفجار المرفأ تترافق مع انهيار الأهراءات الشمالية.. هل تُترك الصوامع الجنوبية لنفس المصير؟


4 آب, لبنان 4 آب, 2022

كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:

تترافق الذكرى الثانية لجريمة تفجير مرفأ بيروت مع انهيارات الصوامع الشمالية من الأهراءات، التي تركت لمصيرها منذ عامين، على إثر تكرّر اندلاع النيران فيها، فيما تزداد المخاوف من انهيار المزيد منها.

فمن جهة، كان المطلوب من إهمال معالجة الحرائق بالمستوى المطلوب محو لآثار جريمة العصر، ومن جهة أخرى، كان الهدف تحقيق نوايا السلطة في هدم الأهراءات دون الحاجة لمواجهة الآراء المعارضة لهذا الارتكاب، والتحضير لإتمام الصفقات والسمسرات في ما بعد تحت شعار إعادة إعمار المرفأ من جديد.

في هذا الإطار، لا بدّ من قراءة علميّة. وعن الرأي العلميّ الهندسيّ فيما يحدث، يوضح نائب عميد كلية الهندسة في جامعة بيروت العربية الدكتور يحيى تمساح، أنّ المجوعة الشمالية من الأهراءات هي أساسًا كانت متضررة أكثر من المجموعة الجنوبية جرّاء انفجار 4 آب، وهي كانت تميل بشكل بطيء، لكنّ هذا الانحراف كان ممكن أن يتوقّف قبل اندلاع الحرائق بتدعيم نظام الأساسات، ومن ثم بتدعيم المنشأ العلوي، إلّا أنّ هذا لم يحدث، فابتدأ الحريق الذي أدّى إلى ضرر في البنية الإنشائية للمبنى الشمالي.

ويضيف تمساح لـ”هنا لبنان” إنّه كان قد حذّر منذ البداية من الحريق كونه يؤدي إلى إضعاف البنية الإنشائية، “فليس من الضروري أن يكون الإنسان خبيرًا هندسيًا ليعرف أن الحريق في أي مبنى كان، وبغض النظر عن مواد الإنشاء، يتسبّب بإضعاف المنشأة وبالتالي انهيارها، ورغم ذلك استمرّ الحريق لمدّة أسبوعين دون معالجة قبل أن يؤخذ القرار بالإطفاء، ففي البداية كان يُقال أنّ لا معدات وإمكانيات متوافرة لإطفاء الحريق، ثمّ في الأسبوع الثاني أُخذ القرار بالإطفاء بالمعدات الموجودة وسيطروا على الحريق أثناء النهار لكنّه كان يندلع من جديد في فترة الليل، وأخيرًا وصلنا إلى النتيجة الحتمية، الانهيارات في الصوامع”.

حاليًا ومع انهيار جزأين من الأهراءات الشمالية، يبقى 6 أجزاء منها محكوم عليها بالسقوط في أي لحظة، ويرجّح تمساح أن التساقط سيكون على مراحل إذ أولًا سينهار الجزءان الملاصقان للأجزاء المنهارة، موضحًا أنّ السقوط لن يؤدّي إلى أي انفجار، وآلية الانهيار ستكون تدريجية في مكان الصوامع دون أي انحراف، والركام لن ينتشر بعيدًا، كما أنّه لا يؤثر على المحيط ولا على الصوامع الجنوبية، فالتأثير سيكون فقط في الحلقة الضيقة للأهراءات.

هل ينتظر الأهراءات الجنوبية المصير نفسه؟

يلفت تمساح إلى أنّ الصوامع الشمالية وصلت إلى مرحلة متقدمة من الأضرار، لا تُستدرك، وترميمها لم يعد ممكنًا، لكنّ المبنى الجنوبي الذي ينفصل عن المبنى الشمالي بمساحة تبلغ مترًا وعشرين، هو ثابت ولا يجب أن يُقال أنّه يشكل أي خطر، كونه يستلزم فقط تدعيماً وترميماً بسيطاً.

لذلك يقول تمساح إنّه لا يجب أن تذهب هذه المجموعة لنفس سيناريو أو مصير المبنى الشمالي لأنّها ثابتة وآمنة، لكنّها تحتوي على بقايا من القمح والحبوب وهناك احتمال أن يشبّ فيها حريق في حال ترك الوضع فيها على حاله، كما كان الوضع في المجموعة الشمالية.

ويشير تمساح إلى أنّ الصوامع التي تتصدّع وتنهار “لا إمكانية لإعادة الإعمار مكانها، فالدراسات الهندسيّة تؤكّد أنّ أساساتها اهتزّت واعوجّت، وبالتالي، لا يمكن إعادة إعمار أي منشأة مكانها، فإذًا الموقع لن يُستفاد منه ولا بأي شكل”.

ما هي الأضرار البيئية والصحية لهذه الانهيارات؟

بما أنّ الانهيارات في الجزء الشمالي باتت حتمية، فلا بدّ من معرفة أضرارها البيئية والصحية على الإنسان. وفي هذا الإطار، يشرح الخبير البيئي البروفيسور شربل عفيف لـ “هنا لبنان” أنّ “الأضرار هي بالغالب تنحصر بالهواء، وكما توقّعنا فإنّ اتجاه الهواء في معظم الأوقات هو صوب البحر، وبالتالي هذا الأمر خفّف من وطأة تأثير انتشار الغبار في العاصمة”.

لكنّ عفيف يُشدّد على ضرورة التزام أهالي المنطقة بالإرشادات والإجراءات من إغلاق النوافذ والأبواب الخارجية للمنازل والمكاتب المحيطة بالمرفأ، كما إغلاق نوافذ السيارات، وارتداء الكمامات في حال التواجد في الخارج، “لأنّ الفطريات التي تخرج في الهواء لها تأثير على صحة الإنسان، خصوصًا على الرئة”.

ويقول عفيف إنّه “من الضروري أن يلتزم الناس بالإجراءات الوقائية لفترة من الوقت، حتّى لو لم يروا الغبار بكثافة في الجو بالعين المجرّدة، فهذا لا يعني أنّ الغبار المضرّ لم يعد موجوداً”.

أمّا بالنسبة لتلوّث مياه البحر، فيلفت عفيف إلى أنّه “سيكون هناك أثر سلبي في حال سقط جزء من القمح أو من الإهراءات ومخلفات البناء في البحر، ونسبة الخطورة تتعلّق بالمادة التي تقع في المياه، لكنّ بكل الأحوال الأثر سيكون في حدود مياه المرفأ أو أبعد بقليل، بسبب وجود “السنسول” وحصول المد والجزر”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us