“مخيم ولا أغرب” في لبنان.. يأوي نازحات أرامل فقط
كتبت جوني فخري في “العربية”: هرباً من الاعتداءات الجسدية والتحرّش الجنسي، لجأ أكثر من ثلاثين لاجئة سورية من مدن ومحافظات سورية عدة إلى سهل البقاع شرق لبنان، وتحديداً إلى بلدة العمارية بين منطقتي بر إلياس وحوش الأمراء في البقاع الأوسط، حيث تجمّعن في مخيم واحد أطلقن عليه اسم “مخيم الأرامل”، وأُقيم على مساحة تبلغ نحو 1200 متر مربّع ويضمّ 30 مقطورة هي عبارة عن بيوت بلاستيكية تحوّلت إلى سقف يأوي هؤلاء النسوة.
نصرة محسن سويدان الملقّبة بـ”الشاويش”، لأنها المسؤولة عن “المخيم”، وآمنة الربيع وخنساء منصور تحدّثن لـ”العربية.نت” عن قصة هذا المخيم وكيف تم إنشاؤه ليأوي النساء الأرامل فقط من دون أي تواجد للرجال فيه.وتقول نصرة البالغة من العمر 42 عاماً والأم لولد وحيد “في العام 2014 توجّهت إلى لبنان، هرباً من الحرب في سوريا بعدما فقدت زوجي بهجوم صاروخي بمحافظة حمص، وعلمت بوجود مخيم يضمّ فقط لاجئات أرامل فتوجّهت إليه وسكنت فيه، وأنا اليوم أتولى إدارته”.
200 لاجئ
ويضمّ المخيم قرابة المئتي لاجئة سورية موزّعات بين الأمهات (30) وأطفالهن، وتم إنشاؤه بدعم من جمعيات كويتية، كما تؤكد الأرامل اللاتي تحدّثن لـ”العربية.نت”، في حين أن لا علاقة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR بالمخيم كما أكدت الناطقة باسمها ليزا أبو خالد لـ”العربية.نت”.
وتقول نصرة “إن جمعية استأجرت الأرض لإقامة المخيم واستقدمت 30 مقطورة إليه لإيواء اللاجئات الأرامل.
طلباً للأمان
تُجمِع اللاجئات الأرامل، نصرة وآمنة وخنساء على أنهن توجهن إلى “مخيم الأرامل” طلباً للأمان والعيش المستقرّ، لأن المرأة “الوحيدة” برأيهن تتعرّض للمضايقات والتحرّش الجنسي، ولا تجد من يحميها.، خصوصاً إذا كانت أرملة”.
وتقول نصرة “لا يمكن لأرملة لديها أطفال صغار أن تسكن في مخيم مشترك وحدها، لأنها تُصبح عرضة للمضايقات”.
إلى ذلك، تولى تأمين الحماية لهذا المخيم الغريب شيخ يُدعى (غ.ك)، حيث يتولّى رجاله مهمة حراسة المخيم ليلاً نهاراً ومنع دخول الرجال إليه.
ومع اقتراب فصل الشتاء وبدء موسم الأمطار، تتكرر معاناة ساكنات “مخيم الأرامل”، حيث لا تصمد بيوتهن التي هي عبارة عن خيم ومقطورات أمام الأمطار التي تتسلل إليهن من الأسقف فضلاً عن البرد القارس وموجات الجليد.
وإلى جانب معاناتهن خلال فصل الشتاء، تعجز ساكنات المخيم عن دفع فواتير الكهرباء والماء بالإضافة إلى الإيجار السنوي المقدّر بنحو 120 ألف ليرة (نحو 60 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي).
لا نجد عملاً
وتشرح نصرة “أننا لا نجد عملاً يؤمّن لنا لقمة العيش. إذا كيف أعمل وأترك ابني وحيداً في البيت؟ عندما لجأت إلى المخيم كانت اللجنة الكويتية تؤمّن لنا الأكل والشرب، لكن منذ عام تغيّر الوضع وبتنا نؤمّن ربطة الخبز من خلال مساعدات يُقدّمها لنا “أهل الخير”.
ونسألها عن الجمعيات والمنظمات الأممية التي تُعنى بمساعدات اللاجئين السوريين، فتقول “نتلقّى مساعدات بسيطة هي عبارة عن بعض المواد الغذائية ومبلغ مالي صغير لا يتعدى المئتي ألف ليرة بالشهر. وهذا لا يكفي”.
إلى ذلك، تطالب نصرة إلى جانب آمنة وخنساء بتقديم الدعم لمخيمهن عبر تدعيم منازلهن وتزويدهن بمادة المازوت، لأن الشتاء لا يرحم والمنطقة التي يوجد فيها المخيم شديدة البرودة”.
أفضل مكان للعيش
وكما نصرة، تؤكد آمنة ياسر الربيعة، البالغة من العمر 50 والذي قتل زوجها عام 2013 في مدينة القصير بمحافظة حمص “أن المخيم أمّن لها ولأولادها الأربعة سقفاً يأويهم بعيداً من المضايقات. وتقول إنها انتقلت من بلدة عرسال اللبنانية على الحدود مع سوريا للعيش في “مخيم الأرامل” بعدما سمعت من عدة لاجئات أنه أفضل مكان لإيواء الأرامل، وأن الحياة فيه هادئة ومستقرّة”.
إلا أنها تشكو بدورها من “شحّ” المساعدات على أنواعها منذ أن توقّف دعم المخيم.
تعليم أولادي
ولعل أكثر ما يُفرح آمنة أن أولادها الأربعة مسجّلين في مدرسة خاصة للاجئين السوريين، قائلة “هذه نعمة حُرمت منها، لكن أشكر الله على إعطائها لأولادي”.
ومع أنها وجدت الأمان في “مخيم الأرامل”، فإن حلم العودة إلى الوطن الآمن لا يزال يراودها. وتؤكد “عندما تسقرّ الأوضاع نهائياً هناك سأعود مع أولادي، فلا شيء أغلى من الوطن”.