“الخماسية” تبحث عن “خريطة طريق رئاسية”.. ولا نتائج قريبة بعد

لبنان 19 آذار, 2024

على الرغم من إطلاق سفراء “الخماسية” لعجلة تحركاتهم المحليّة مجددًا، بعدما آثرت كتلة “الاعتدال الوطني” تجميد مفعول لقاءاتها، بانتظار ما ستؤول إليه التطورات، لا تزال أزمة الفراغ الرئاسي تراوح مكانها، في ظلّ غياب أيّ “خريطة طريق” تفتح أبواب قصر بعبدا لرئيس جديد، بات حاجة ملحّة للبلد وسط تراكم أزماته وتشعّبها.

في ظلّ هذا الواقع، أشار البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، اليوم الثلاثاء، خلال ترأسه القداس الاحتفالي بمناسبة عيد القديس يوسف في معهد مار يوسف عينطورا للآباء اللعازريين، إلى أنّنا “كم نخجل من ذواتنا عندما نرى الدول تعتني بضرورة انتخاب رئيس لبلادنا، فيما زعماء التعطيل يهزؤون منهم في نفوسهم، بل يتوقون إلى فشل كل مبادرة أكانت من الداخل أم من الخارج. وهذه وصمة عارٍ على جباههم”.

كما لفت الراعي في هذا الإطار، إلى أن “لجنة السفراء الخماسية أطلعتنا على نشاطاتها وتطلعاتها وخريطة عملها”.

هذا واستكمل سفراء “الخماسية” جولتهم اليوم بعد اللقاءات التي عقدوها أمس في بكركي وعين التينة، حيث توجهوا إلى معراب، والتقوا رئيس حزب “القوات اللبنانيّة” سمير جعجع، الذي أكد بعد اللقاء، أننا “لم نطرح أسماء وأنا متأكد أنه في حال تمت الدعوة لعقد جلسات فسيتم انتخاب رئيس”.

وأضاف جعجع: “هذه دول صديقة للبنان وتحاول أن تساعد في انتخاب رئيس الجمهورية، ولذلك كنت صريحًا معهم بأنّ المشكلة هي لدى محور الممانعة، لأنّه لا يريد انتخابات أو يريدها على قياسه”.

ومساء التقى السفراء الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط، في كليمنصو.

وبعد اللقاء قال النائب هادي أبو الحسن إن أجواء الاجتماع والنقاشات إيجابية أما موضوع النتائج فما زال مبكراً الحكم عليه.

كما كان السفراء قد توجهوا اليوم أيضًا إلى الرابية والتقوا الرئيس السابق ميشال عون.  وكشف السفير المصري في لبنان علاء موسى بعد اللقاء “أننا التقينا عون نظرًا لرمزيته السياسية وخبرته الطويلة وسمعنا نصائحه”.

ولفت إلى أنّه “بعد مشاورات اليوم، سنستكمل اللقاءات مطلع الشهر المقبل مع القوى السياسية الاخرى وصولًا إلى وجود أرضية مشتركة، تسمح لنا بإحداث خرق في الملف الرئاسي”.

أكدت مصادر سفراء مجموعة الدول الخماسية لصحيفة “النهار” أنّه حتى اللحظة لم تتم بلورة خريطة الطريق، وأن هدف الجولة الجديدة للسفراء هو التثبت من استعداد القوى السياسية للانخراط في العملية السياسية أولًا، لكنها استطردت قائلة إن “ركيزتها التوافق”.

وبحسب المصادر نفسها، فإن سفراء الخماسية يقومون بدور المسهل للتواصل بين الفرقاء السياسيين، وهناك مؤشرات إيجابية من اللقاءات السابقة.

وعن اختلاف وجهات النظر اللبنانية حول من يترأس الحوار، أوضحت المصادر الدبلوماسية أن دور الخماسية هو تقريب وجهات النظر والمساعدة في استعادة الثقة المتبادلة وليس إقناع أي طرف بمواقف الطرف الآخر.

مسار سياسي لحماية لبنان!

إلى ذلك، اعتبرت مصادر اللجنة الخماسية لـ “اللواء”، أنّ المسار السياسي يجب ألا يتعطل، وهو يوفر غطاءً دبلوماسيًا دوليًا وعربيًا لحماية لبنان من أي تهور إسرائيلي، بتوسيع دائرة الاشتباكات.

ورأت أوساط سياسية مطلعة أنه لا يمكن الاستنتاج منذ الآن ما يمكن أن ترسو إليه لقاءات اللجنة الخماسية في ما خص الملف الرئاسي، لا سيما أن هذا الحراك لن يخرج بمبادرة جديدة تختلف عما كان متفقًا عليه لجهة إتمام هذا الاستحقاق وقيام تفاهم عريض على هذه الخطوة.

وأكدت هذه الأوساط لصحيفة “اللواء” أن المواقف التي صدرت عن السفير المصري تعكس وجود خارطة طريق إنما الأمور مرهونة بخواتيمها، ومعلوم أن اللجنة الخماسية لم ولن تلتزم مرشحًا للرئاسة، ولم تتبن أي مرشح، وتؤيد كل مسعى يدعو إلى إنجاز الانتخابات حتى وإن كانت هناك صعوبة في الأمر.

جوجلة للأفكار والطروحات!

بدورها، أوضحت معلومات “نداء الوطن” أن اللافت في زيارة سفراء اللجنة للصرح البطريركي عدم طرحهم أفكارًا لحل الأزمة الرئاسية، بل حاولوا جوجلة الأفكار والطروحات، وكان كلامهم في الإطار العام المنادي بضرورة انتخاب رئيس والتحذير من خطر الفراغ ودعم الخيار الثالث، وبالتالي لا تزال الأمور في إطار التشاور، ولم يبشر السفراء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بأي حل، وأكدوا لقاءه مجددًا عندما تنتهي الجولة.

وأكدت مصادر بكركي لصحيفة “نداء الوطن” أن السفراء لم يطرحوا أي إسم للرئاسة. فيما كان البطريرك حازمًا في رفضه “اللف والدوران”. واعتبر أن مسألة انتخاب الرئيس تحتاج إلى أمر واحد وهو احترام الدستور والتئام النواب في المجلس وممارسة دورهم، بينما الحوار أو الاتفاق المسبق على الرئيس هو هرطقة دستورية، وهذا لن تسمح به بكركي.

كذلك أفادت معلومات لصحيفة “نداء الوطن” بأنّ بكركي لم تبد “حماسة” حيال اقتراح رئيس “التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إلى التلاقي المسيحي برعاية الصرح البطريركي. وعزت المصادر عدم حماسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى أن الظروف غير مؤاتية لمثل هذه الخطوة.

وأكدت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية” أن “الحوار قيمة مطلقة، وهو سبيل من سبل التفاهم للخروج من الأزمات، ولكن حرص “القوات” على الحوار يجعلها تتشدد في إجراءات انعقاده كي لا يفقد قيمته ومعناه وجدواه”.

“الخماسية” تبحث عن خارطة طريق!

وفي المواقف على صعيد الملف الرئاسي أيضًا، رأى النائب غسان سكاف في حديث لصحيفة “الأنباء الإلكترونية” أن “الخماسية” تعمل هذه المرة على خارطة طريق وتريد أن تبحث مع الفرقاء السياسيين مبدأ الالتزام بها، وأنها تأخذ الأمر بجدية هذه المرة، وعلى هذا الأساس قررت أن تلتقي كل القوى السياسية، معتبرًا أن هذا التحرك يعكس الدفع باتجاه الخيار الثالث الذي يحظى بغالبية الكتل النيابية، وأصبح مسلمًا به من اللجنة الخماسية وغالبية الدول الغربية والعربية، لافتًا إلى مرونة ملحوظة لدى “الثنائي الشيعي” بعد أن كان متمسكًا بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لكنه لن يقنع إلا برئيس يطمئن له بكل ما يحصل في الجنوب وعلى مختلف الجبهات العسكرية والسياسية.

وتمنى سكاف من الحراك الجديد للخماسية أن يكون أحد أهدافه إيقاظ بعض الضمائر الغافلة عن المسؤولية وتذكيرهم بواجباتهم، فالخماسية لا تريد أن تفرض على اللبنانيين رئيس جمهورية بالقوة، كاشفًا أن اللجنة الخماسية تتقاطع في مكان ما مع مبادرته وهي تحمل بعدين الأول داخلي والثاني خارجي، لذا يجب اقتناص الفرص والترويج للإيجابيات.

أجواء إيجابية!

أمّا عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى، فأشار في حديث لموقع mtv، إلى أن “زيارة سفراء الخماسية كانت لوضع الرئيس نبيه بري بأجواء الاجتماعات التي قاموا بها، والأجواء إيجابية لاستكمال السعي ووضع آلية عمل لانتخاب رئيس للجمهورية”.

وأكد موسى أنه لم يتم التطرق إلى الأسماء ولا إلى نقاط تفصيلية حول الملف، معتبرًا أن “الأجواء والمناخ أفضل، أما المهم فهو أن نصل إلى نتيجة واضحة”.

وعن احتمال دعوة بري إلى جلسات متتالية، قال موسى: “هذا جزء من النقاش، والرئيس بري عندما يشعر بأن هناك تغييرًا في المناخ بما يتيح إحداث تغيير ما لانتخاب رئيس، فمن المؤكد أنه سيدعو الى جلسة. ولكن من دون تطورات جدية وملموسة ستكون الجلسة، إذا ما حصلت، كالجلسات السابقة ومن دون نتيجة”.

وعند سؤاله عمّا إذا قد وصل البحث بين “الخماسية” وبري إلى الخيار الثالث، أكد موسى أنّه “لم تصل الأمور بعد إلى خيارات أخرى، بقدر ما تُعتبر استكمالاً للحديث بين الفرقاء. وهذا الأمر يحتاج إلى جوٍّ معيّن من خلال استكمال المشاورات الحاصلة والتي تحرز تقدمًا، ولكن لا يمكننا القول إنّنا وصلنا إلى الخيار الثالث”.

وعن وجود ترابط بين جولة “الخماسية” ومبادرة تكتل الاعتدال، أوضح أن “مبادرة الاعتدال جيّدة وتحرّك المياه الراكدة وهذا الأمر مطلوب، ولكن لا ترابط عمليًا، لأن المطلوب اليوم انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، وهذا الأمر يتعلق باللبنانيين بمساعدة الدول الصديقة، بينما الأمر الآخر مرتبط بأمور أكبر”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us