المجتمع الدولي “يتاجر” بالنزوح السوري.. لبنان وقبرص يدفعان الثمن!

لبنان 8 نيسان, 2024

وسط أجواء مشحونة بالتوتر على صعيد الجبهة الجنوبية والأمنية في الداخل اللبناني، وصل الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، الاثنين إلى بيروت، في زيارة يلتقي خلالها المسؤولين، ويبحث ملفات مشتركة بين البلدين أبرزها الهجرة غبر الشرعية، النزوح السوري والحدود البحرية في المتوسط.

وفي السياق، عاد ملف النازحين السوريين إلى الواجهة من جديد، عبر تحرك سياسي وقانوني جديد، حيث باتت هذه القضية بالنسبة لمسؤولين سياسيين وأمنيين تخفي بين طياتها أخطاراً كبيرة تهز الاستقرار الاجتماعي والأمني في لبنان.

وطفت مواقف أطلقها مسؤولون تتحدث عن “مؤامرة” دولية تستهدف توطين النازحين في لبنان، الأمر الذي يقلق اللبنانيين، كما حمل الكثير من سياسيي لبنان المجتع الدولي بأزمة النزوح السوري في لبنان وغيرها من الدول المجاورة.

وفي المقر الحكومي وسط بيروت، عقدت محادثات ثنائية بين الرئيس القبرصي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي باعتباره الموكل بصلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي. وشارك فيها عن الجانب اللبناني وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، قائد الجيش العماد جوزف عون، سفيرة لبنان لدى قبرص كلود الحجل، المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، مستشارة وزارة الخارجية والمغتربين فرح الخطيب ومستشار الرئيس ميقاتي زياد ميقاتي. وقد اعتذر عن عدم المشاركة في الاجتماع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب لوجوده في زيارة رسمية إلى اليونان. كما اعتذر عن عدم المشاركة وزير الدفاع الوطني موريس سليم.

وفي سياق متصل، أكد رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي “حرص لبنان وقبرص على العلاقات التاريخية والاخوية بينهما، وسعيهما المشترك للحفاظ على أمن الدولتين وشرق البحر المتوسط”.

وشددا على “أهمية ايجاد حل شامل ومستدام لأزمة النازحين السوريين وما تتركه من انعكاسات على دول المنطقة وفي مقدمها لبنان وقبرص”.

الخطوة المرتقبة

وبنتيجة المحادثات تم التوافق على أن تقوم قبرص بمسعى لدى الاتحاد الاوروبي لوضع “اطار عملي” مع لبنان على غرار ما حصل بين الاتحاد الأوروبي وكل من مصر وتونس، ومن شأن هذه الخطوة المرتقبة منح الحكومة اللبنانية المزيد من المساعدات الضرورية وإعطاء النازحين السوريين حوافز للعودة إلى بلدهم.

وخلال الاجتماع رحب رئيس الحكومة بالرئيس القبرصي الضيف قائلاً: “إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في لبنان، وإن زيارتكم تدل على الصداقة القوية والتاريخية بين بلدينا، وأنا على ثقة من أن مناقشاتنا وتفاعلاتنا ستعزز أواصر التعاون والتآزر بين لبنان وقبرص.”

وأضاف، “إن وجودكم هنا هو شهادة على أهمية علاقاتنا الثنائية، وأنا حريص على الدخول في حوار مثمر وبناء خلال فترة وجودكم في بلادنا من اجل توثيق العلاقات المشتركة وايجاد حل مستدام لملف النازحين من لبنان واليه”.

وتابع ميقاتي، “لدى لبنان وقبرص مصلحة مشتركة في معالجة التحديات التي يواجهانها بفعل الهجرة غير الشرعية، وهناك إمكان للتعاون في تمكين المؤسسات المختصة من ضبط الحدود البحرية. لبنان وقبرص عضوان فاعلان في المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي، حيث سيرفعان الصوت للمساعدة في بلورة الحلول المطلوبة للقضايا المشتركة”.

وقال: باعتباره أحد أكبر البلدان المضيفة للاجئين من حيث عدد السكان، يتحمل لبنان أعباء متعددة ليس لها تأثير فوري على أمنه واستقراره فحسب، بل على وجوده المستقبلي. فواقعنا الديموغرافي فريد من نوعه، ولبنان لا يستطيع تحمل أي تغيير في هذا الواقع.

وأضاف، “على مدى السنوات الماضية، استقبل لبنان النازحين السوريين الهاربين من الحرب والتزم بالمبادئ والأعراف الدولية، ومن الضروري أن يتخذ الاتحاد الأوروبي وسائر المجتمع الدولي اليوم خطوات جديدة ويعيدوا النظر في سياساتهم بشأن أمن سوريا، لان معظم مناطق سوريا اصبحت آمنة لعودة النازحين اليها”.

وأكد ميقاتي أن، الجيش والقوى الامنية اللبنانية يبذلان قصارى جهدهم لوقف الهجرة غير الشرعية، ولكن لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال عودة اولئك الذين يبحثون عن الأمان الى المناطق الامنة في سوريا أو تأمين اقامتهم في بلد ثالث”.

وأشار إلى أنه “من الضروري أيضا بذل المزيد من الجهود لمعالجة الأسباب الجذرية لأزمات اللاجئين. وسيعمل البلدان عبر المنطمات الدولية لدعم سياسات منع عمليات النزوح في المستقبل وتعزز السلام والاستقرار الدائمين في شرق البحر الأبيض المتوسط”.

وختم بالقول: “تتطلب هذه الأزمة تعاونا ومسؤولية مشتركة بين الدول المضيفة والمجتمع الدولي. من خلال العمل معًا، يمكننا إحداث تأثير مفيد وتوفير الأمل لهم”.

زيارة أخوية

بدوره أعرب الرئيس القبرصي عن أهمية الزيارة الأخوية التي يقوم بها على رأس رفد حكومي الى لبنان، مشددا على أن سياسة الجوار التي تعتمدها قبرص مع لبنان قائمة على الأخوة التي تربط العلاقات التاريخية التي تربط البلدين”.

وقال: “إن زيارتي للبنان هي الاولى بعد تولي رئاسة الجمهوربة، وتأتي في أعقاب التطورات الأخيرة الحاصلة من جراء الإعداد الكبيرة للنازحين والمهاجرين السوريين غير الشرعيين، الذين ينطلقون من السواحل السورية أو عبر الساحل اللبناني والمراكب غير الشرعية التي تنطلق من السواحل اللبنانية الى دولة قبرص”.

وقال الرئيس القبرصي: “إن قبرص تتفهم الأوضاع اللبنانية وحساسية الموضوع بالنسبة الى لبنان واهمية الحل النهائي والشامل لهذا الموضوع، عبر الضغط على الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية لاستيعابهم التحديات التي يواجهها لبنان، وفي الوقت نفسه نحن نتفهم موقف لبنان الرسمي بان الحل النهائي لن يتم الا عبر عودتهم الى أراضيهم، خصوصاً ان هناك مناطق معينة أصبحت امنة في سوريا، وأكثرية النازحين هم نازحون اقتصاديون وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية العمل لتمويل مشاريع إنمائية في سوريا وتحفيز عودتهم الى بلادهم لحل هذه الأزمة التي لا تضرب امن لبنان وقبرص فقط بل امن البحر المتوسط .”

كما شدد الرئيس القبرصي على أن بلاده تدعم لبنان في كافة المحافل الدولية عبر زيادة الدعم التقني والمادي لمؤسسات الدولة اللبنانية بما فيها الجيش اللبناني.

وكان وزير الداخلية القاضي بسام مولوي ونظيره القبرصي كوستانتينوس يوانو عقدا اجتماعا ثنائيا على هامش محادثات السرايا تناول القضايا المشتركة بين البلدين.

كما عقد قائد الجيش العماد جوزيف عون اجتماعا مع نظيره القبرصي الجنرال جورج تسيتسيكوستاس، جرى خلاله البحث في التعاون الأمني بين البلدين.

كما التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس والوفد المرافق، في حضور وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي.

بعد وداعه الرئيس القبرصي، رد الرئيس بري على أسئلة الإعلاميين، وقال: “إنّ المباحثات كانت جيدة جدا”.

ونفى أن “يكون هناك عتب من قبل الجانب القبرصي”، وقال:”بالعكس هناك تعاون مثمر”.

وأشار رئيس المجلس إلى “أنّ التطورات في الجنوب وقطاع غزة والوضع الفلسطيني ككل كانت حاضرة في اللقاء”.

وحول إمكانية حصول حلحلة في الملف الرئاسي بعد عطلة الأعياد، أجاب بري : “ان شاء الله” .

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us