رفع الدعم على الأبواب… والفقر أيضاً
جاء في “المركزية”:
يقترب موعد استنزاف كامل احتياطي مصرف لبنان غير الإلزامي، ومعه التوقف عن دعم استيراد المواد الأساسية والحيوية، هذا ما أعاد تأكيده حاكم المصرف رياض سلامة أمس، موضحاً أن “لدينا إمكانية للإبقاء على الدعم لشهرين”. والتوقف عن تأمين العملة الصعبة للمستوردين لم يعد مجرّد كلام، بل بدأ بحثه جدّياً في أكثر من قطاع وسبل ترشيد الدعم، مع توقّعات بارتفاع كبير في الأسعار لا سيّما المحروقات ما يعني القضاء كلّياً على قدرة المواطن الشرائية، في حين أن الودائع المصرفية تبخّرت والتقارير الدولية تتحدّث عن تخطّي نسبة الفقراء أكثر من نصف شعب البلد الأكثر كآبةً في العالم.
عن الواقع الممكن الوصول إليه سألت “المركزية” الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، فأشار إلى أن “رفع الدعم سيحصل لا محالة وسيكون تدريجياً في حال عدم الرسو على حلّ سياسي خلال شهرين في حين أننا لسنا في هذا الجو. واللبنانيون سيصلون إلى الفقر بطبيعة الحال، بسبب ارتفاع الأسعار مع تدني المداخيل بالليرة اللبنانية، ما يعني تفاقم المشاكل الاجتماعية، وتراجع المستوى المعيشي حيث يتعثّر تأمين الخدمات من كهرباء، وصحّة وتعليم… الموضوع بات معروفاً والمقلق هو أن ما وصلنا إليه لم يكن مفاجئاً لأن الحديث عنه بدأ منذ سنتين على الأقل”.
وإذ اعتبر أن “الدعم من المفترض أن يكون للمواطن لا للسلع أي للعائلات الأكثر حاجةً، عبر تأمين راتب شهري لهم”، علّق على إمكانية إصدار البطاقات التموينية قائلاً “الأفضل اعتبارها معيشية أكثر منها تموينية. لكن، في بلد مثل لبنان هناك فوضى وقد لا تتوافر إحصائيات دقيقة عن العائلات غير الميسورة، وليس مستبعدا أن تدخل نصف العائلات الميسورة على الخطّ وتحصل على المساعدات ونصبح في جوّ تمويل أحزاب، بالتالي هذا القرار أيضاً يحتاح إلى ضبط ومراقبة وتتبّع قبل السير به”.
وأوضح حبيقة أن “لبنان في مأزق وما من آلية لتغيير القيادات التي لا تعدّ على مستوى المسؤولية، الحوكمة غائبة وعوض أن تحمي الدولة المواطن تشكّل ثقلاً على كاهله. الخروج من هذا المأزق غير سهل، ونحن بحاجة إلى مساعدة دول خارجية ليس فقط من الناحية المادية والإنسانية، بل كذلك حول كيفية تغيير المنظومة الحاكمة التي لا تخاطر في إخراج نفسها من الحكم مهما كان الثمن”.