التعليم في لبنان يحارب الأزمات… تحديات ومساعٍ مستمرة لإنقاذ العام الدراسي
في ظل الأزمات المتعددة التي يعاني منها لبنان، يبرز التعليم كأحد أهم المجالات التي تتحدى الظروف الصعبة. فرغم الحرب والتصعيد المستمر، يظل قطاع التعليم يسعى إلى توفير بيئة تعليمية مناسبة للطلاب. في هذا السياق، أعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي أن العام الدراسي الرسمي سيبدأ يوم الاثنين المقبل (الرابع من تشرين الثاني)، مع التأكيد على أهمية دعم المدارس وتجهيزها لاستقبال الطلاب.
وأشار الحلبي إلى أن الوزارة لن تقوم بإخلاء أي مدرسة من النازحين في الوقت الراهن، موضحا أن هناك نحو 310 مدارس رسمية غير مشغولة بمراكز الإيواء، مما يوفر خياراً إضافياً لدعم العملية التعليمية.
وفي هذا السياق، أصدر وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي قرارًا لتحديد مسارات التدريس في المدارس والثانويات الرسمية للعام الدراسي 2024/2025، بدءًا من 4 تشرين الثاني 2024. يتضمن القرار اعتماد التعليم الحضوري في المدارس غير المعتمدة كمراكز إيواء، بينما المدارس المعتمدة ستقوم بالتعليم الحضوري في مواقع بديلة.
كما سيُعتمد التعليم عن بُعد في المدارس المقفلة لأسباب أمنية. حُدِّد عدد حصص التدريس الأسبوعية بـ21 حصة كحد أقصى، مع تخفيضات استثنائية حسب سنوات الخدمة للمدرسين. يُشدد على أهمية التنسيق بين الإدارات التعليمية لضمان سير العملية التعليمية بفاعلية في ظل الظروف الأمنية الصعبة.
** لقراءة القرار الكامل إضغط هنا
الراعي: العلم ضرورة
وفي في عظة قداس الأحد من بكركي، أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أن “الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية”، متسائلا: “أين رأي الشعب في التمادي بعدم انتخاب رئيس وعدم انتظام عمل مجلس النواب ومجلس الوزراء؟”.
وأضاف الراعي: “فوق ذلك لا وقف لإطلاق النار، إلى متى؟ في الحرب الجميع خاسرون ومكسورون”، مشيرا إلى أن “النزوح سيشكل المزيد من المشاكل ومن الضروري المحافظة على الأملاك الخاصة”.
وشدد على “ضرورة إبعاد شبح الخلافات، وتفريغ المؤسسات التربوية لأن العلم ضرورة لأطفالنا كالغذاء”.
محفوض: لإنقاذ العام الدراسي
من جانبه، أكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، للجزيرة نت دعمهم لفتح العام الدراسي في التاريخ المحدد، مشددًا على أن التعليم هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن تعويضه. وأضاف: “يمكن للمصنع المتوقف أن يُعاد تشغيله بعد 6 أشهر، لكن خسارة عام دراسي تعني خسارة جيل كامل”، موضحًا أن إنقاذ العام الدراسي يمثل أولوية بالنسبة لهم.
وفي سياق الاستعدادات، أشار محفوض إلى أن المدارس الخاصة بدأت بالفعل منذ 3 أو 4 أسابيع، خصوصًا في المناطق الآمنة نسبيًا، بينما يتم التعليم عن بُعد في المناطق القريبة من خطوط التماس، مثل الضاحية الجنوبية في بيروت والشوف والبقاع.
وأضاف محفوض أنهم عرضوا على وزير التعليم تقديم الدعم، لا سيما أن المدارس الرسمية تستقبل عددًا كبيرًا من الطلاب النازحين، مما يضغط على طاقتها الاستيعابية.
وأشار إلى أنه تم اقتراح تخصيص المدارس الخاصة للدراسة بعد الظهر للمساهمة في تخفيف الأعباء، مع استعدادهم لوضع هذه المدارس تحت تصرف الوزارة.
وعن المدارس الرسمية التي لا تستقبل نازحين، أشار محفوض إلى اعتماد نظام الدوام المتعدد، بحيث تتوزع الدراسة على فوجين: الأول أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء، والثاني أيام الخميس والجمعة والسبت، بالإضافة إلى إمكانية تخصيص بعض الحصص بعد الظهر.
وفي ما يتعلق بأبناء النازحين، قال محفوض إنه سيتم توجيههم إلى أقرب مدرسة خاصة للدراسة بعد الظهر، وفق خطة تخصيص كل 3 مراكز إيواء بمدرسة قريبة. وفي حال تعذر ذلك، سيُعتمد التعليم عن بُعد في منازلهم أو في أماكن نزوحهم.
وأكد محفوض أنهم سيستخدمون كل الوسائل الممكنة، من التعليم الحضوري إلى التعليم المدمج والتعليم عن بُعد، لإنقاذ العام الدراسي، كاشفًا عن اقتراح يسمح للطالب النازح بالتسجيل في مدرستين: مدرسته الأساسية والمدرسة التي يتلقى فيها تعليمه حاليًا، ليتمكن من العودة بسهولة إلى مدرسته الأصلية بعد انتهاء الحرب.
“الوطني الحر”: ندعم خطة وزارة التربية
بدوره، أعلن المجلس الأعلى للتربية في “التيار الوطني الحر”، أنه يثمن “في زمن الأزمات الكبرى التي يمر بها الوطن، جهود معالي وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، وجهود مديري وموظّفي وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء ومديري/ات المدارس، وتحمّلهم مسؤوليّتهم الوطنية وإيلاءهم الهمّ التربويّ للمدارس والأهالي والتلامذة والمعلمين الاهتمام اللازم”.
وفي بيان له، قال المجلس: “لأن انطلاق العام الدراسيّ في المدارس والثانويات الرسمية، مع اعتماد أفضل السبل الى ذلك، هو أمر ضروري وحيوي، يعلن المجلس الأعلى للتربية في التيار الوطني الحر دعمه خطة وزارة التربية والتعليم العالي للعام الدراسي الحالي التي ترتقي الى مستوى الأزمة الكبرى التي يمر بها الوطن”.
وطالب المجلس الأعلى للتربية الدولة بـ”الوقوف الى جانب وزارة التربية والتعليم العالي بغية تأمين ما تستلزمه هذه الخطة من تحضيرات وتسهيلات لوجستية تضمن تحقيق أهدافها التربوية والتعليمية للجميع، ومساندة الوزارة في تأمين الدعم المعنوي والمادي للمعلمين والأساتذة لكي يتمكنوا من تأدية رسالتهم التربوية. فالمقاومة التربوية تكون بفتح مدارسنا وتأمين التعليم للجميع”.
نداء من المعلمين المتعاقدين
في سياق متّصل، توجهت لجنة الاساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي (مختلف التسميات) ولجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي إلى وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي في بيان جاء فيه:
“وطن مكلوم، شعبه معانٍ تتراءى معاناته كأثر عميق في وجه الزّمن ، تكتب أيامه قصص الألم والفقد، وتتبدد أحلامه كسراب في صحراء، يلمّ بشعبه الحرمان والفقد وانعدام الأمل، ها هي حياتنا مأساوية، تلتهم ألسنة النار سلامنا واطمئناننا، ألا يكفينا ما ألمّت بنا الحرب من ويلات؟ ألا يكفينا ما ألمّ بأحلامنا وآمالنا من جور وظلم؟ ألا يكفينا ما لحق بنا من واقع محبط ومرير؟ كيف سنستمر في خضم معاناة ألمت بنا في هذه الأيام المظلمة؟
معاليك، انتم رمز للعدل، لن تسمحوا بالغبن الذي يلحق بالاساتذة المتعاقدين الذين حملوا على اكتافهم رسالة التعليم، وبذلوا كل غالٍ ورخيص، وضحّوا وعلّموا باللحم الحيّ. أهكذا يجازون على تفانيهم وإخلاصهم وعلى نكرانهم لذاتهم واحراق أنفسهم لينيروا درب تلامذتهم بالعلم والمعرفة؟ اترون هذا عدلا بأن يحرموا من أبسط حقوق العيش ومن مصدر رزقهم وأن يحرموا من حقهم وهم من كانوا دائما حاضرين ومستعدين لواجبهم ومتفانين بعملهم؟ اهكذا يكافؤون بالمجزرة التي لحقت بعقودهم وبلقمة عيشهم؟ أليس من حق المتعاقد على الوزارة أن تقف إلى جانبه وهو الذي كان دائما ملبيا لندائها كلما احتاجت إليه، وواقفا إلى جانبها ومساندا إياها في أحلك ظروفها؟
معاليك، نثني على جهودكم الجبارة وما تقدّمونه للحفاظ على رسالة التعليم، وكما عهدناكم دائما، فكنتم الأب الحاضن والرّاعي، والسند الشامخ كالجبل الراسخ. هذا ما شجعنا لنلتجئ إلى حكمتكم وعدلكم، لتحملوا صوت آمال الأساتذة المتعاقدين، ونناشدكم إدراك صعوبة واقعهم ومأساويته، وأن تحققوا مطالب لجنتي الأساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي والاساسي (مختلف التسميات)، الآتية:
١_ ضمان حق المتعاقد واعطاؤه العقد الكامل كما الاعوام المنصرمة، على اساس ٣٠ اسبوعا للاساسي و٣٢ اسبوعا للثانوي وهذا حق لهم وذلك من خلال اقرار مرسوم يضمن هذا الحق، وذلك بعد الظلم الذي لحق بعقودهم التي قلصت ساعاتهم إلى النصف تقريبا نتيجة الخطة التربوية الموضوعة من قبل الوزارة، والتي هي مصدر رزقهم الوحيد.
٢_ رفع الغبن عن أساتذة المواد الإجرائية، والذي لحق بهم من خلال غياب ساعاتهم في البرنامج الأسبوعي الموضوع من قبل الوزارة. وكذلك عن أساتذة المواد الآتية (الجغرافيا، التاريخ ، التربية ،الاجتماع ، الاقتصاد..) لاعتماد المداورة في هذه المواد.
٣_ الاصرار على اقرار بدل الإنتاجية ٦٠٠$ أسوة بالزملاء الملاك على ألا ترتبط بعدد الساعات.
٤_ اعتماد يوم رابع للتعليم عن بعد للمواد الإجرائية ولاستكمال الساعات المذكورة مداورة وغير المذكورة في البرنامج الأسبوعي .
٥_ الإسراع في اصدار مرسوم رفع أجر الساعة في التعليم الأساسي والثانوي والمهني.
٦_ ايجاد حلّ جذريّ لملف الأساتذة المستعان بهم في الدوام الصباحي، وانصافهم بابرام عقودهم او تحويلهم على صناديق المدارس بشكل استثنائي وعدم التخلي عنهم نهائيا في هذه الظروف فهم حاجة أساسية لتعلم المواد التعليمية”.
نتمنى أن تلقى هذه المطالب صدى عند مسامعكم، وأن تنصفوا الأساتذة المتعاقدين كما كنتم دائما، ونتمنى أن تنتهي الحرب قريبا ويعم السلام والأمان على وطننا الغالي”.
مواضيع ذات صلة :
الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية: ملتزمون بقرار الإقفال | إليكم موعد استئناف الدروس! | بين النزوح الدراسي والأزمات التعليمية.. مدارس في مهبّ الفوضى |