الرئيس عون يختتم زيارته إلى الإمارات: صفحة جديدة من التعاون والتقارب العربي

لبنان 2 أيار, 2025

اختتم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس زيارةً رسميةً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مثّلت نقطة تحوّل في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وعكست رغبة مشتركة في إعادة صياغة العلاقات اللبنانية – الإماراتية على أسس أكثر متانة وتفاعلًا.

الزيارة التي بدأت بمحادثات رسمية مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، واختُتمت بزيارة ذات طابع روحي وثقافي إلى مسجد الشيخ زايد الكبير، حملت في طياتها الكثير من الرسائل السياسية والدبلوماسية، وتوّجت ببيان مشترك وضع خريطة طريق للعلاقات المستقبلية بين بيروت وأبوظبي.

بين السياسة والروحانية: زيارة متكاملة الأبعاد

جاءت زيارة العماد عون إلى أبوظبي في لحظة إقليمية دقيقة وحساسة، لا سيما في ظل التوترات السياسية والأمنية التي تعصف بالمنطقة، والانقسام العربي المتزايد حول ملفات متعددة. لكن الإمارات، كالعادة، بادرت إلى فتح نافذة إيجابية في جدار العلاقات، عبر استقبال رسمي مهيب للرئيس اللبناني، ومحادثات عكست “الحرص على أمن واستقرار وسيادة لبنان”، وفق ما جاء في البيان المشترك.

وقبل مغادرته، زار الرئيس عون جامع الشيخ زايد يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي واعضاء الوفد المرافق. وهو المعلم الديني البارز في الامارات ويعدّ من أكبر المساجد والجوامع في العالم، حيث تنقّل في أرجائه، وسجّل كلمةً مؤثرةً في السجل الذهبي للمسجد

بيان مشترك: إشارات الانفتاح وخطوات التفعيل

البيان الصادر عن الجانبين كان بمثابة خريطة طريق جديدة. أبرز ما تضمنه:

• السماح بسفر المواطنين الإماراتيين إلى لبنان، بعد اتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة، وهي خطوة طال انتظارها منذ فرض الحظر في 2021. حيث أعادت وزارة الخارجية الاماراتية التذكير به أيضًا في صيف 2023 وخريف 2024.

• رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، ما يشير إلى نية واضحة لإعادة الحرارة إلى العلاقات الرسمية بين البلدين.

• إنشاء مجلس أعمال مشترك، في خطوة نحو تفعيل التعاون الاقتصادي والاستثماري.

• إرسال وفد من صندوق أبوظبي للتنمية إلى لبنان لتقييم مشاريع التعاون الممكنة، ما يفتح الباب أمام دعم تنموي محتمل في قطاعات متعددة.

• زيارة مرتقبة من مكتب التبادل المعرفي التابع لوزارة شؤون مجلس الوزراء الإماراتية إلى بيروت، لنقل التجارب الناجحة في تطوير الأداء الحكومي وتعزيز التميّز المؤسّسي.

انعكاسات محلية وعربية: الأبعاد الإقليمية للزيارة

لا يمكن فصل هذه الزيارة عن سياقها العربي. جريدة “النهار” وصفت النتائج بـ”الإيجابية والبارزة”، معتبرة أن الاستجابة الإماراتية لمطلب لبنان بشأن المواطنين الإماراتيين والسفارة في بيروت “تفتح صفحةً جديدةً من التعاون”.

أما” نداء الوطن”، فرأت في الاتفاق بشأن تسهيل حركة السفر “خبرًا طال انتظاره”، مشددةً على أنه من أبرز ثمار الزيارة.

من جهتها، اعتبرت “الشرق الأوسط” أن الزيارة تمهّد لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، خاصة بعد أن ظلت العلاقات باردة لفترة طويلة بفعل تراكمات سياسية وأمنية.

وفي برقية شكر بعثها إلى الشيخ محمد بن زايد، عبّر الرئيس عون عن “الارتياح العميق” للنتائج، مؤكدًا أن “الخطوات العملية التي تم الاتفاق عليها ستنعكس إيجابًا على مصالح البلدين والشعبين الشقيقين”.

الدلالات السياسية

زيارة الرئيس جوزاف عون للإمارات تتجاوز الطابع البروتوكولي. فهي تحمل في جوهرها ثلاث رسائل أساسية:

1. رسالة انفتاح لبناني نحو الدول الخليجية، في محاولة لإعادة وصل ما انقطع في السنوات الماضية.

2. رسالة تطمين إماراتية بأن لبنان لم يخرج من الحضن العربي، على الرغم من التباينات السياسية.

3. رسالة إقليمية إلى المجتمع الدولي مفادها بأن لبنان، على الرغم من أزماته، لا يزال يحتفظ بعلاقات فاعلة وقادرة على التطور.

وتأتي هذه الزيارة في وقتٍ تتشابك فيه الملفات اللبنانية، من الانهيار الاقتصادي إلى الشلل المؤسّسي، الأمر الذي يجعل أي دعم خارجي – اقتصاديًا كان أم سياسيًا – بمثابة طوق نجاة مرحّب به.

بداية جديدة من الإمارات؟

لا شكّ أن زيارة عون إلى الإمارات العربية المتحدة ستُسجّل في الذاكرة الدبلوماسية اللبنانية كلحظةٍ مفصليةٍ، وكرسالة ثقة تعيد تثبيت لبنان في موقعه الطبيعي داخل المنظومة العربية.

وفيما يأمل اللبنانيون ألّا تبقى النتائج في إطار الوعود والنوايا، بل أن تُترجم إلى خطواتٍ عمليةٍ ملموسةٍ، فإنّ المؤشرات الأولية تبعث على التفاؤل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us