7 أيار “يوم العار”.. لا مجد لمن اجتاح بيروت!

لبنان 7 أيار, 2025

 

 

لم يكن يوم 7 أيار 2008 يومًا عابرًا في ذاكرة اللبنانيين، بل هو علامةً سوداء محفورة في الوجدان الوطني، محطةً دمويةً فاضحةً كشفت نوايا “حزب الله” في استخدام سلاحه ليس في وجه العدو، بل ضدّ أبناء بلده. هو اليوم الذي انكشفت فيه حقيقة المشروع المسلّح، وسقطت فيه شعارات “المقاومة” عند أقدام غزوة داخلية كانت بيروت وطرابلس والجبل مسرحًا لها، وشعب لبنان ضحيتها.

لم يكن غريبًا أن يصف الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله ذلك اليوم بأنّه “يوم مجيد”. فكلّ من يرتضي لنفسه موقع الانقلابي على الشرعية، ويرى في نفسه دولة فوق الدولة، لا بدّ أن يرى في ذلك التاريخ بدايةً لحقبة تسلطٍ وقهرٍ فرضها بالقوة، وعلى دماء عشرات الضحايا الذين سقطوا لا لشيء سوى لأنهم رفضوا أن يُسلب لبنان استقلاله مرةً أخرى، وهذه المرة من الداخل.

سلاح الداخل: مشروع السيطرة لا الدفاع

في 7 أيار، لم يُطلق “حزب الله” النار على الإسرائيلي، بل على صدور اللبنانيين. اجتاح العاصمة بيروت، حاصر الزعامات الوطنية، احتل البيوت والمقرّات، وأهان كرامة مدينة عُرفت بالانفتاح والمقاومة المدنية. تحوّل السلاح من وسيلةٍ للدفاع إلى أداةٍ للانتقام السياسي والابتزاز الأمني.

منذ ذلك اليوم، لم يعد سلاح الحزب مسألة مقاومةٍ، بل صار أداةً لتعطيل المؤسّسات، ومصادرة القرار، وإسقاط الحكومات، ومحاصرة القضاء، وإخضاع الشعب. أصبح كلّ قرار سيادي في الدولة مهدّدًا بميليشيا تعبّر عن إرادةٍ خارجيةٍ، لا عن المصلحة الوطنية.

دوامة الانقلابات: من بيروت إلى القضاء

الذين اجتاحوا بيروت في 2008، هم أنفسهم الذين حاصروا قصر العدل في 2021 لإسقاط المحقّق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت. أدواتهم واحدة: السلاح، والتهديد، وتحريك الشارع وفق أجندة الترهيب. لم يكن هدفهم يومًا الحقيقة، بل طمسها. لم تكن العدالة غايتهم، بل خصمهم.

نقطة التحوّل: لا مصالحة دون محاسبة

الحديث عن قيام الدولة يبدأ من: إعادة فتح ملفات 7 أيار، لا طيّها. من الاعتراف بأن ما حصل لم يكن “ردّ فعل”، بل قرار مسبق بانقلابٍ على الشرعية. من الإقرار بأنّ السلاح لا يبني دولةً، بل يهدمها. من محاسبة كل من خطّط، ونفّذ، وشرّع، وموّل.

لا قيمة لأي خطاب عن الاستقلال، والسيادة، والدولة، إذا لم يُرْفَقْ بقرارٍ شجاعٍ في تفكيك منظومات السلاح الموازي، والاقتصاد الموازي، والأمن الموازي. فلا نهضة للبنان في ظل جيشيْن، وعدالتيْن، وخطابَيْن متناقضيْن حول الهوية والانتماء.

آراء متباينة

في الذكرى الـ17 لأحداث 7 أيار 2008، عادت المواقف إلى الواجهة، مع تسجيل تباين لافت بين خطابيْن من البيت السنّي السياسي، أحدهما لرئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، والثاني للوزير السابق أشرف ريفي، في منشوريْن متزامنيْن على منصة “إكس”.

كتب الحريري: “في مثل هذا اليوم من 7 أيار، اختار البعض السلاح بدل الحوار، فدُفِّعت بيروت الثمن. لكننا اخترنا الدولة على الفتنة، والمؤسّسات على الفوضى، والمصالحة على الكراهية. التاريخ لا يُمحى، لكن المستقبل يُبنى بالمسؤولية. #لبنان_أولاً”.

في المقابل، كتب ريفي: “7 أيار 2025 هو بداية دفن مشروع إيران في لبنان. هذا هو اليوم المجيد الذي يرفع به اللبنانيون الرأس عاليًا بدولتهم وجيشهم وقواهم الأمنية الشرعية، وباستعادة حضور لبنان عربيًا ودوليًا. الرحمة لشهداء بيروت والجبل وعكار، وأهلًا بلبناننا الحر السيد المستقل”.

7 أيار وصمة لن تُمحى

إنه يوم لن يُنسى، ولن يُمحى من التاريخ الوطني، مهما حاول البعض تغطيته بشعاراتٍ واهيةٍ. إنه اختبار سقط فيه من ادّعى الوطنية، وكشف من اختار العمالة للوصاية على الولاء للدولة.
وإذا كان هناك رجاءٌ للبنان، فهو بالعدالة. لا عبر الانتقام، بل بالمحاسبة. فالسلم لا يُبنى على الظلم، والمُصالحة لا تولد من النسيان، بل من الحقيقة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us