التحرش والانتهاكات في المدارس: خطر يهدد نفسية الأطفال

لبنان 23 أيار, 2025

في واقعة صادمة هزت الضمير الجمعي وأثارت غضب الأهالي والمجتمع، تعرض أكثر من 15 طفلاً تتراوح أعمارهم بين ال 5 وال 6 سنوات للتحرش الجنسي خلال رحلة مدرسية نظّمتها مدرسة القلبين الأقدسين – عين نجم إلى حديقة “Vere Blue Park” في ديشونية – قضاء المتن.

الحادثة وقعت عند لعبة “Zipline” المعروفة بالزحليطة الهوائية، حيث يُربط الأطفال بأحزمة أمان لضمان سلامتهم أثناء الانزلاق، لكن المعتدي (مراهق يبلغ من العمر 16 عاماً ويعمل موظفاً في الحديقة منذ شهر فقط) استغل هذه اللحظة التي يكون فيها الأطفال مقيدي الحركة وغير قادرين على الدفاع عن أنفسهم ليقوم بالتحرش بهم.

الأكثر إيلاماً أنّ أغلب الأطفال لم يجرؤوا على الإفصاح عما حصل، ولم تكشف الحادثة إلا من خلال اعتراف ثلاث فتيات فقط.

توقيف الجاني والتحقيقات

بناءً على إفادات الفتيات الثلاث، تم توقيف المتهم فوراً واحتجازه في فصيلة برمانا، حيث يخضع حالياً لتحقيقات موسعة من قبل الجهات القضائية المختصة. ويثير هذا الحادث المخاوف من وجود ضحايا آخرين لم يتم الكشف عنهم بعد.

إدارة حديقة “Vere Blue Park” أكدت في بيان رسمي أنها سلمت المتهم مباشرة إلى الجهات القضائية فور وقوع الحادثة، مضيفة أن المتهم كان قد تم توظيفه حديثاً، ولم يكن هناك أي سلوك مشين سابق له خلال فترة عمله القصيرة.

ردود فعل المدرسة والجهات الرسمية

ثانوية “القلبين الأقدسين عين نجم” أصدرت أمس بياناً أوضحت فيه أن الرحلة المدرسية كانت تحت إشراف الكادر التربوي واللوجستي، وأنها تحركت بسرعة لاتخاذ الإجراءات القانونية ودعم الأطفال المتضررين نفسياً وتربوياً، كما أبلغت وزارة التربية والتعليم العالي التي بدورها أبلغت مصلحة الأحداث في وزارة العدل، واتخذت كافة الإجراءات القانونية اللازمة.

وزارة الشؤون الاجتماعية عبرت عن إدانتها الشديدة للحادثة، مؤكدة أنها انتهاك صارخ لحقوق الأطفال وسلامتهم النفسية والجسدية، وأعلنت متابعة الملف مع الجهات القضائية، داعية إلى الإبلاغ الفوري عن أي حالات مشابهة.

تحقيقات قوى الأمن الداخلي

أكدت قوى الأمن الداخلي في بيان أنّ المعتدي وهو قاصر، كان موظفاً حديث التعيين، وأن التحقيقات شملت مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة التي ساعدت في كشف هوية الجاني وتوقيفه. وأشاد البيان بشجاعة الأهالي الذين قدموا الشكوى، داعياً كل من يتعرض لأعمال مماثلة إلى الإبلاغ الفوري.

إغلاق الحديقة وتداعيات نفسية

بعد الحادثة، تم إغلاق “Vere Blue Park” بالشمع الأحمر بناء على إشارة المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان محمد بركات، ضمن إجراءات التحقيق.

من جانب آخر، تحدث الدكتور جورج أبو مرعي، المعالج المتخصص بعلم النفس العيادي ، لـ”هنا لبنان” عن تأثير هذه الجرائم على الأطفال قائلاً:

“التحرش بالأطفال والانتهاكات التي يتعرض لها الطفل داخل المؤسسات التعليمية ليست حوادث فردية فقط، بل هي انتهاكات للشعور بالأمان والاحترام. وتشمل هذه الانتهاكات الأفعال اللفظية، الجسدية، والجنسية.” وأضاف: “الآثار النفسية لهذه الانتهاكات عميقة جداً، خصوصًا إذا كان التحرش جنسيًا.”

وتابع: “الأطفال الذين يعانون من هذه الانتهاكات يواجهون اضطرابات نفسية متعددة، منها الصدمة، اضطرابات النوم، الانطواء، والاكتئاب المستمر. ومن الممكن أن تظهر لديهم صعوبات تعليمية أو مشاكل في التكيف الاجتماعي.”

كما قال: “كمية الصمت حول هذه الحوادث تزيد من تفاقم المشاكل النفسية والاجتماعية.” وأضاف: “من هنا تظهر علامات تحذيرية مبكرة يجب الانتباه لها، مثل التغير المفاجئ في سلوك الطفل كالعدوانية، الانسحاب الاجتماعي، الخوف من الذهاب لأماكن معينة، آلام جسدية غير مفسرة، انخفاض الأداء المدرسي، فقدان التركيز، تراجع التواصل مع الأسرة والأصدقاء.”

وتابع: “في حالة الحوادث التي وقعت، يجب على المدارس اعتماد سياسة واضحة وصارمة تمنع أي شكل من أشكال انتهاك حقوق الأطفال، وتأمين بيئة تعليمية آمنة.” وأضاف: “كما يجب تنظيم ورش عمل تدريبية للمعلمين والموظفين حول كيفية التعرف على الانتهاكات والتصرف المناسب.” وقال: “ومن المهم أيضًا تعزيز ثقافة التبليغ دون خوف من العقاب أو الوصمة.”

واعتبر أنّه “هنا يأتي دور الاختصاصيين النفسيين الذين يقومون بجلسات علاج نفسي للأطفال لمساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم، التعامل مع الصدمة، وتقديم استراتيجيات مواجهة الخوف والقلق.” وتابع: “كما يجب أن يعمل الأهل على فتح باب الحوار الحر مع الطفل ليعبر عما يشعر به، مع ضرورة التوعية الجنسية المبكرة لأولياء الأمور لتعريفهم بمفهوم الحدود الشخصية وحق الطفل في رفض أي سلوك غير مريح.”

وختم قائلا: “يجب على الأهل متابعة سلوك الطفل اليومي، دعمه وتشجيعه، والاحتفاء بإنجازاته لتزداد ثقته بنفسه. حماية أطفالنا من الانتهاكات مسؤولية جماعية تقع على عاتق الأهل، المدرسة، والمجتمع ككل. ويجب أن نعمل معًا لضمان بيئة آمنة يرتفع فيها الاحترام، وأن لا نتردد في طلب المساعدة أو التبليغ إذا تعرض أحد أطفالنا لهذا الضرر. كما يجب متابعة الموضوع مع الجهات المتخصصة ودعم الطفل بشكل صحي ومستدام.”

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us