سلسلة لقاءات للرئيس عون في بعبدا: دعم إماراتي متجدّد وتشديد على استعادة الثقة وبناء الدولة

في إطار متابعة شؤون الدولة والتنسيق مع مختلف الجهات السياسية والدبلوماسية، شهد قصر بعبدا سلسلة لقاءات لرئيس الجمهورية جوزاف عون، تناولت ملفات داخلية وخارجية، إضافة إلى قضايا اقتصادية واجتماعية ملحّة.
وتندرج هذه اللقاءات ضمن الجهود المتواصلة لتعزيز الاستقرار ومواكبة التطورات على الساحة اللبنانية.
الرئيس عون يستقبل وفدًا إماراتيًا
ومن ضمن هذه اللقاءات، استقبل الرئيس عون، قبل ظهر اليوم، في قصر بعبدا، الوفد الاماراتي الذي حضر الى بيروت ترجمة لنتائج القمة اللبنانية – الإماراتية، للاطلاع على حاجات الدولة اللبنانية واولوياتها، برئاسة مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي عبد الله ناصر لوتاه، وعضوية القائم بأعمال سفارة دولة الامارات في بيروت فهد الكعبي، والمدير التنفيذي للأداء والتميز الحكومي في مكتب رئاسة مجلس الوزراء إبراهيم سلمان، والمديرة التنفيذية لمكتب التبادل المعرفي الحكومي منال بن سالم، والمدير التنفيذي لقطاع الإحصاء وعلوم البيانات محمد حسن اهلي، والمدير التنفيذي للمشاريع الخاصة في مؤسسة دبي للمستقبل عامر العوضي، ومدير إدارة التنمية والتعاون الدولي في وزارة الخارجية – المدير التنفيذي للعمليات في وكالة الامارات للمساعدات الدولية راشد الحميري، والاختصاصي الأول في وزارة الخارجية ماجد المسافري والمدير الإقليمي في صندوق أبو ظبي للتنمية عبد الله المنصوري.
وخلال اللقاء، رحب الرئيس عون بالوفد وحمّله تحياته الى رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، شاكرًا إياه على التجاوب الذي ابداه خلال القمة التي جمعتهما قبل أسابيع في أبو ظبي وارساله البعثة الى بيروت لدرس حاجات لبنان، وقال: “ان العاطفة التي ابداها سمو الشيخ محمد بن زايد تجاه لبنان ليست جديدة، بل تعكس العلاقات الأخوية المتجذرة بين البلدين والشعبين الشقيقين. وهي امتداد للدعم الذي قدمه مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي دعا منذ الستينيات للوقوف الى جانب لبنان واعماره، ولدى اندلاع الاحداث الأليمة قال كلمته التاريخية إن لبنان بلد شقيق وعزيز وان تعافيه واستقراره مسؤولية عربية مشتركة وسنقف الى جانب شعبه”.
وشدّد الرئيس عون على “محبة اللبنانيين للشعب الاماراتي الشقيق، وقد ترجمت هذه المحبة في الكثير من الصروح الطبية والاجتماعية والثقافية التي تحمل اسم مؤسس الدولة في الشمال والجنوب والبقاع”. واشار الى ان “المرحلة الراهنة تقتضي توسيع التعاون وتعميق مجالات التبادل والتكامل في اتجاهات عدة، في التربية والحوكمة وإدارة القطاع العام، الى مبادرات القطاع الخاص والاستثمارات المختلفة، خصوصًا في اقتصادات المستقبل، أي اقتصادات المعرفة والرقمنة والتكنولوجيا العالية وغيرها، وخبرة الاشقاء في دولة الامارات كبيرة في هذه المجالات”.
ونوّه الرئيس عون بـ”قرار رئيس الدولة رفع الحظر عن مجيء الاماراتيين الى لبنان وبدء الرحلات الجوية التي تحمل اماراتيين الى وطنهم الاخر لبنان”.
بدورِه، عبّر الوزير عبد الله ناصر لوتاه عن سعادته وأعضاء الوفد بوجودهم في بيروت، كترجمة للزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس عون الى أبو ظبي ولتجاوب رئيس الدولة مع الرغبة في تفعيل العلاقات اللبنانية – الإماراتية انطلاقًا من الثقة بين الرئيسين في مستقبل العلاقات بين البلدين، إضافة الى المحبة الكبيرة التي تجمع الشعبين، وقال: “إن زيارة الوفد هدفها تحديد اطر الشراكة وتبادل المعطيات، وان دولة الامارات ستكون الى جانب لبنان في تحقيق ما يصبو اليه وما عبّر عنه الرئيس عون خلال محادثاته مع رئيس الدولة. وسنعمل على تقديم كل ما يعزز التعاون المشترك وفق تسهيلات واسعة وتوجيهات صدرت عن سمو رئيس الدولة”.
ثم تطّرق الوفد الى ابرز المواضيع التي تهم لبنان وفي استطاعة دولة الامارات تقديم الدعم فيها.
وكان سبق اللقاء بين الرئيس عون والوفد الاماراتي اجتماع عمل تقني في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، ضم الى أعضاء الوفد الاماراتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير وعددا من مستشاري الرئيس عون، تم خلاله مناقشة آليات التعاون في مجالات متعددة، ابرزها: تحديث وتبسيط الإجراءات الإدارية، التحول الرقمي، تطوير الإطار القانوني وتعزيز فاعلية المؤسسات العامة، وذلك ضمن برامج تبادل المعرفة والدعم الفني بين البلدين.
وتم التأكيد على أن “زيارة الوفد تشكل امتدادًا لزيارة الرئيس عون الأخيرة الى أبو ظبي والتي كانت محطة أساسية لإعادة تفعيل التعاون الثنائي بين البلدين وبناء خريطة طريق مشتركة لهذا التعاون في مختلف القطاعات الحيوية”.
لقاءات سياسية وتربوية
سياسيًا، استقبل رئيس الجمهورية النائب الان عون الذي أجرى معه جولة افق تناولت الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة. وتم تقييم الانتخابات البلدية والاختيارية والخطوات اللاحقة بالنسبة الى الاستحقاق الانتخابي النيابي”.
كذلك، استقبل الرئيس عون النائب ادغار طرابلسي وايلي موصللي، وتناول البحث شؤونا تربوية ووطنية.
الى ذلك، استقبل الرئيس عون المستشار الاستراتيجي لمعهد طوني بلير الجنرال Nick Carter والمدير الإقليمي للمعهد Nicolas Dunais اللذين اطلعا الرئيس عون على عمل المعهد والدراسات التي يقدمها في مجالات عدة، لا سيما في ما خص الاستراتيجيات المرتبطة بتوفير فرص الاستثمار والحوكمة والتعاون مع الدول والحكومات لتنظيم العمل فيها بمختلف الوجوه.
واستقبل الرئيس عون، وفدًا من جامعة هايكازيان برئاسة الدكتور بول هايدوستيان الذي القى كلمة في بداية اللقاء، شكر فيها الرئيس عون على إستقباله الوفد، وقال: “نتشرف بحضورنا إليكم لمناسبة إحياء اليوبيل الماسي للجامعة التي تحتفل بمرور 70 سنة على إنشائها”.
أضاف: “لقد انطلقت الجامعة في العام 1940، وبشكل رسمي في العام 1955 كمؤسسة متواضعة لتدريب أساتذة المعاهد الأرمنية الإنجيلية، وتحولت لاحقًا الى مؤسسة وطنية”، مشيرا الى انها “غدت جامعة في قلب بيروت، قوامها الإيمان، وهي ملتزمة بالمبادئ الأكاديمية الراقية، بدعم سخي من المؤمنين برسالتها”.
واكد أن “هايكازيان جمعت التعلق بالجذور واعرق التقاليد الى أكثر التطلعات والمشاريع تجددا وتطورا، وصولا الى تحقيق مشروع إطلاق صواريخ الأرز الشهير في العام 1961″، منوها بـ”الرؤيوية التي ميزتها منذ انطلاقتها، لا سيما لجهة الشراكة بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية”، مشيرا الى ان “البرامج التي تقدمها الجامعة اليوم تضم شهادات الماستر في العديد من الاختصاصات، إضافة الى برامج التربية المستدامة والأبحاث المختلفة”.
ورحب الرئيس عون بالوفد، مهنئا الجامعة على إحتفالها باليوبيل الماسي على إنشائها. وقال: “إن أسمى إستثمار يمكن القيام به هو الإستثمار في الإنسان”، مؤكدا أن “لا خوف على لبنان بوجود أجيال الخريجين والمفكرين الذين يزخر بهم هذا الوطن”.
وأضاف: “إذا القينا نظرة من البرازيل الى أستراليا، فمن النادر إيجاد مشروع كبير الا وفيه بصمة لبنانية، ما يشكل قيمة مضافة للبنان في الخارج”، وشدد على انه “علينا كدولة ان نؤمن الاستقرار السياسي والإقتصادي والأمني للسماح للأجيال الشابة ان تبقى في لبنان وتحتفظ بجذورها”.
واكد الرئيس عون ان الجامعات، “بفضل محبتها لهذا الوطن وروح الصمود لدى القيمين عليها، وإيمانها بالقيم التي تختزنها، ساهمت في إبقاء القطاع التربوي بطاقاته صامدا”، مشددا على أن “العلم يبقى كنز لبنان الأساسي”.
ولفت رئيس الجمهورية الى “أن ابرز تحد يواجهنا اليوم، هو إعادة الثقة بين اللبنانيين ودولتهم من جهة، وبين لبنان والخارج، لا سيما مع العالم العربي من جهة ثانية. ونحن بدأنا المسيرة وسنكمل في هذا الإتجاه”، مؤكدا انه “تترتب علينا مسؤولية تأمين الاستقرار لإعادة هذه الثقة التي متى تحققت، سيجد شباب لبنان أنفسهم امام خلق فرص جديدة لهم، وسيتشجع من في الخارج من بينهم للعودة للبنان. وقد بدأت استعادة الثقة بوضع القطار على السكة منذ تشكيل الحكومة، وبدأت الدولة تستعيد مكانتها ودورها. نحن لدينا الإرادة وهدفنا واضح امامنا، وسنكمل المسيرة على الرغم من كل التحديات”.
مواضيع ذات صلة :
![]() جهود الرئيس جوزاف عون الخارجية تُعيد لبنان إلى الخريطة العربية والثقة إلى مؤسساته | ![]() رجّي: نحن في عهد العبور صوب السلام | ![]() الرئيس عون: زيارة الوفد الإماراتي ترجمة لعمق العلاقة الأخوية ودعم متجدد للبنان |