بالصور – إطلاق كتاب “جان عبيد: ستة عقود في الوطن” خلال احتفال في بيروت برعاية اللبنانية الأولى

لبنان 29 أيار, 2025

برعاية وحضور اللبنانية الاولى السيدة نعمت عون ، أقيم عند الرابعة من بعد ظهر اليوم ، احتفال في واجهة بيروت البحرية لإطلاق كتاب ” جان عبيد ستة عقود في الوطن ” للكاتب نقولا ناصيف الصادر عن دار النهار للنشر .

ومثلت السيدة رندة بري رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما مثّل نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري رئيس مجلس الوزراء نواف سلام. وحضر كل من: الرؤساء أمين الجميل وعقيلته جويس، ميشال سليمان وعقيلته وفاء، فؤاد السنيورة وعقيلته هدى، تمام سلام، نائب رئيس مجلس الوزراء الياس ابو صعب، ووزراء الخارجية والمغتربين يوسف رجي، والدفاع اللواء ميشال منسى، والسياحة لورا لحود، والنواب: مروان حمادة، زياد حواط، ايلي خوري، هاغوب بقرادونيان، أشرف ريفي، وائل ابو فاعور، الان عون، وليام طوق, ملحم خلف، سيمون ابي رميا نعمة افرام، واسعد درغام، والسيدة منى الهراوي، وزوجة المكرم المغفور له جان عبيد السيدة لبنى وافراد عائلتها، والوزراء السابقين: ليلى الصلح حماده، بهية الحريري، رشيد درباس، زياد مكاري، دميانوس قطار، كرم كرم، عباس الحلبي.، جوزف الهاشم، ناجي البستاني، روني عريجي وخليل الهراوي.

كما حضر النواب السابقون: اسطفان دويهي، رياض رحال، نزيه نجم ، بشاره مرهج، وسمير الجسر ، ورئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، نقيب المحررين جوزف القصيفي، السيدة رباب الصدر شرف الدين، والسيد نادر الحريري وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والاعلامية.

باسم عائلتي، أشكر السيدة الأولى نعمت عون، والوفود والخطباء الذين أحبوه وشاركوه نضاله وإنجازاته. اليوم لا نكرّم جان عبيد فقط، بل نكرّم القيم التي عاش من أجلها: الاعتدال، الرصانة، الأخلاق، والحوار.

جان عبيد مارس السياسة بضمير حيّ، وسخّرها للخير والوحدة والمصالحة. ستة عقود من العمل الوطني والعربي، تخللها مشاركته في أحداث كبرى، وحضوره الإنساني في العائلة كان مثالاً في المحبة والهيبة.

أعطى بلا مقابل، وكان محباً محترماً مؤمناً. نوقّع اليوم شهادة وفاء لرجل عاش كبيراً ورحل كما عاش. وسنستمر في حمل رسالته عبر المؤسسة والمدرسة والكتاب، فخورين بأننا أبناء جان عبيد، تماماً كما سيفتخر أحفاده به.

أشكر الكاتب نقولا ناصيف، دار النهار، وإدارة Seaside Pavillion وكل من ساهم في إصدار هذا العمل.”

كلمة نقولا ناصيف

وتحدث الاعلامي نقولا ناصيف واعلن:” لو قُدِّر لجان عبيد أن يكتب بنفسه سيرته ولا تُروى عنه، لأعطى الكتاب عنواناً آخر، هو أقدارٌ في سيرة رجل. تصنع الأقدار تاريخ الأوطان والشعوب، لكنها تصنع كذلك سِير الرجال. هو من طراز الذين وقفت الأقدار أمام أبوابهم أو دونهم.

جان عبيد من قلّة من أجيال عارفيْ لبنان، الوطن والدولة اللذين يختلط حاضرهما بماضيهما. ولد في الجمهورية الأولى، وتدرّب في الجمهورية الثانية، وصعد في الجمهورية الثالثة. فيه يصحّ أن يقال إن الجمهوريات الثلاث أقامت. لكلٍ منها معه قصة ممّا رُوي له أو خَبُر معايشتها أو خاض تحدّياتها بنجاحاتها وخيباتها. هو العابر في عقود ستة بتعاقب رجالاتها الأولين والمتأخرين، وتوالي حقب الحروب الصغيرة والكبيرة، والعداوات والصداقات، والانقسامات والتواطؤات، والتحالفات والخيانات. هو أيضاً السياسي الذي أقام الصحافي القديم في يوميات حياته بلا انقطاع. الشفوي بامتياز الذي لا يرتوي حاضره من ماضيه ويُراكم فيه. “

كلمة دار النهار للنشر

والقى القاضي زياد شبيب كلمة دار النهار للنشر وجاء فيها: “مرة جديدة يجتمع أهل جان عبيد ومحبوه حوله. هذه المرة ليست لوداعه بل لتخليد ذكراه. هو الذي آمنَ بأن أفضل مهنة يقوم بها إنسان هي بأن يجمع الناس. ها هو يستمرّ في رسالته رغم الغياب.

سِفْرٌ جديدٌ خطّه نقولا ناصيف، المبدع في أدب السيرة، والمتقدّم في كتابة تاريخ هذا البلد عبر سِيَر كباره، قدّم لنا اليوم أحد أهمّ إنجازاته وأكثر كتبه شمولًا واكتمالًا ودقة وموضوعية.

لقد علّمنا جان عبيد أنّ الإنسان يمكن أن يكون مؤمنًا ممارسًا، وعلمانيًا في الآن عينه، لأن كلًا من الأمرين ينتمي إلى حيّز مختلف من الوجود والاجتماع الإنساني. وقد آن أوان اعتماد هذا الفصل بين الحيّزين في حياتنا العامة. وأثبت بأن الهويّات لا تكون بالضرورة قاتلة، ويمكن أن يكون اللبنانيّ لبنانيًا حقيقيًا كامل الصفات وعربيّ الهوية والانتماء في الوقت عينه. وأثبت أيضًا بأن الطموحات الكبرى لا تتحقّق بالتنازل عن القيم والمبادئ، وبأن الغاية لا تبرّر الوسيلة، وبأن بلوغ القمم لا يتم زحفًا بل ارتقاءً.

لم يكن جان عبيد يجمع المتناقضات، بل يراكم في مراحل عمره، وعقوده الستة في الوطن، ويزداد، نضوجًا وارتقاءًا وحكمةً. الجميع يتمنى لو أنه ما زال بيننا. وهذا الكتاب قد يعوّض بعض الغياب، ويخلّد الذكرى، ويعطيك شعورًا يقارب الحضور.”

الوزير السابق درباس

ثم تحدث الوزير السابق رشيد درباس عن جان عبيد بكلمات يملؤها الحنين والتقدير، واصفاً قبره بأنه يندى بعطر الذكرى ودفء القلوب. وقال: رأيت فيه صديقًا، وأستاذًا، ومرشدًا روحيًا، أثّر في طباعه وسلوكه، وزرع فيه مفاهيم التسامح والمحبة، وكان يردّد عليه الآية: “فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”.

وروى الوزير درباس محطات من شجاعة جان عبيد في الحرب، وحنكته كوزير خارجية نال احترام القادة، وإيمانه الذي جمع بين المسيحية وفهم عميق للأديان. وقد وصفه بأنه عاشقً للمعرفة، يلتقط الحكمة من الشعر والقرآن والتاريخ، وأيقونة للاعتدال دفع ثمن مواقفه بشجاعة.

وقال: رغم أن جان عبيد لم يودعنا، إلا أن حضوره باقٍ، وخسارته خسارة عامة وخاصة. وختم: “كنتَ صديقي، وكنتُ أقتبس منك علنًا… أما الآن، فستظلّ أنت من يغيّر عليّ، فجراً ومناماً، حتى نلتقي.”

النائبة السابقة بهية الحريري

وتحدثت رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية النائبة السابقة بهية الحريري وأعلنت: يوم ٢٢ تشرين الأول ١٩٩٢ كان أول ثلاثاء تلي الخامس عشر من تشرين الأول.. يوم إلتأم المجلس النيابي المنتخب لأول مرة بعد عشرين عاماً من الإنقطاع عن الإنتخابات.. يومها دخلت إلى المجلس النيابي.. وأنا في حالة من الغربة والرّيبة.. كنت وحيدة بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من غربة وضياع.. وكان الزملاء النّواب مجموعات وثنائيات يتسابقون على اختيار مقاعدهم لأربع سنوات قادمة.. وكنت أنا وحدي ولا أعرف كيف أختار مقعدي.. وكان أن جلست ضمن مجموعة من الزّملاء النّواب ولا أعرف أحداً منهم.. وأنا في صميم حيرتي .. إقترب مني الزّميل الكبير الأستاذ جان عبيد.. وعرّفني عن نفسه.. وطلب مني الجلوس إلى جانبه.. مع الأستاذ الكبير عبد اللطيف الزين.. عندها شعرت بفيض من الثّقة والأمان.. وانتقلت إلى ذلك المقعد المحاط…

وزير الثقافة غسان سلامة

واعتبر وزير الثقافة غسان سلامة ان ثلاث كلمات تلخص جان عبيد. الكلمة الاولى هي الحوار كان رجل حوار، وكان كارها للعنف، وكاد ان يسقط ضحية العنف، وكان في الاجمال ينبذ العنف.

أضاف: وأن تكون رجل حوار يعني ان تكون مستعدا للحجة، وكانت حجته في الاجمال قوية وكان يرد على الحجة بالحجة وان خانته الحجة لجأ الى اية من القرآن الكريم او الى بيت شعر من المتنبي او لامارتين لكي يستمر في محاججته.

وكان يدرك تماما بان الحوار ليس بديلا عن القتال وان الحوار هو شكل من أشكال القتال، فالقتال قتال مع الاخر، اما الحوار فهو قتال مع الذات. الحوار يقتضي ان تحارب نفسك لكي تجعلها تقبل بوجود الاخر وباختلافه عنك، وان تقدم للاستماع اليه لا ان تكتفي بالتأثير عليه.

اما الكلمة الثانية فهي الاعتدال كاد ان يكون متطرفا في اعتداله، كان يعتبر ان الاعتدال، هو بوصلة السياسة، وحمله هذا الولع بالاعتدال الى نوع من الواقعية لمعرفة دقائق الأمور في لبنان والمنطقة والعالم، كان كثير الاسئلة ليدرك قواعد اللعبة، وكان يبتسم حين يقوم من يصغره سنا ويحاول ان يقول له هذه قواعد اللعبة ولكن اللعبة بحاجة الى تغيير في قواعدها. ولم يكن يسعى لتغيير القواعد لأنه كان حريصا على ادراك التفاصيل.

اما الكلمة الثالثة فهي العروبة ولو كان حيا بيننا اليوم لكان حزينا مثلي ومثلكم على الحال التي وصلت اليه الحال العربية، ينظر الى اخر قمة عربية لم يحضرها ربع زعماء العرب، ودامت اقل من ساعتين ولم يصدر عنها ما يشفي الغليل بينما المنطقة في حال من التحول والعنف والتغير، ولكان نظر في اوضاع العرب ورأهم قد تشتتوا بين مطبع ومقاوم بين مختلف ومساوم.

وختم: ان الحوار الإعتدال والعروبة تلك هي الجسور التي جمعتني بجان عبيد

الوزير السابق وليد جنبلاط

اما الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فتحدث عبر الفيديو واستذكر السياسي والصحافي الراحل جان عبيد، لافتاً إلى أنَّ الأخير يعدّ جزءاً من تراث كمال جنبلاط، ومن التراث الوطني والعربي للبنان، من تلك الشخصيات الاستثنائية المثقفة والوطنية والتي لم تجرّها العصبيات الضيقة المقيتة التي دمّرت لبنان في مكان ما.

جنبلاط ذكر أنَّ عبيد كان محاوراً كبيراً مع كلّ الجهات، كما كان يعي الأخطار عن هذا البلد الصغير، وحاول تقديم النصح والعمل ببعض المجالات لتخفيف آثار الحرب لكن الصراعات على لبنان كانت أكبر، مضيفاً أنَّ “جان عبيد رجل دولة من الطراز الأول، عندما كان وزيراً في الحكومات السابقة وكان طموحه أن يصبح رئيساً وهو مشروع شرعي، لكن الظروف آنذاك لم تساعده، إذ إنّه في مرحلة معينة كان من الصعب على الوصاية السورية آنذاك القبول بشخصية كجان عبيد، شخصية مستقلة، لها وجهة نظر ولا تقبل الأوامر.

وتابع جنبلاط: “ذهب جان عبيد، أخذه القدر بالرغم من أننا كنا بحاجة إليه، وعلى المستوى الشخصي عرفته، في العام 1978 أو 1979، تعرفت إليه عندما كان في دار الصياد، واستمرت العلاقة، وفي كلّ صباح في منزل كمال جنبلاط في المصيطبة، فرن الحطب، كان يطل في الصباح يختلي مع كمال جنبلاط في الغرفة على يسار المدخل ويذهب وكان يقدّم لي النصح لاحقاً عندما أصبحت في موقع المسؤولية وكانت نصائحه في مكانها واستفدت الكثير منه”.

وختم جنبلاط: “هذه الحياة، فقدنا صديقاً وطنياً عربياً كبيراً وعندما أقول ذلك، يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك أيّ تناقض بين الوطن اللّبناني الذي هو جزء من الوطن العربي الكبير الذي حلمنا ولازلنا نحلم بأن يتوحد في يوم ما وأن يبنى على أساس الوحدة والديمقراطية والحريات كما أرادها كمال جنبلاط، إذ إنَّ الطريقة الوحيدة لمواجهة المشروع الصهيوني الذي يمتد ويدمر هي الحرية وحدها التي تستطيع ان تخلصنا من هذا المأزق ووحدها العروبة

الرئيس امين الجميّل

وتطرق الرئيس أمين الجميّل في كلمته الى علاقة الصداقة التي جمعته بجان عبيد وقال : جمعتني به صداقة إمتدّت إلى نصف قرن. بدأنا جيراناً، ورافقنا لبنان المضطرب الذي عرفناه – وكلانا من مدرسة وفي موقعيْن مختلفين وأحياناً متباينين ـ أنموذجاً يستحق الحياة، وتليق به التجربة وثقافة الحوار. كان لبنان بالنسبة إلينا أمثولة تُعاش، ولا تُختبر أو تُمتحن. رحلة تلاق تعدّدي في أدق يومياته في السلم الذي عبرنا فيه، وتمسّكاً بالبقاء والصمود والحقّ في الإختلاف في الحرب التي لم تباعد بيننا.

إحتفظ كلانا باقتناعاته وخياراته وتصوّراته للحاضر والمستقبل، ولم يتخلَّ عن حلفائه ولم يهادن خصومه. ما كان يجمعنا هو الإصرار على الإعتدال والموضوعية لتحقيق مصلحة لبنان ووحدته، والتخاطب المباشر، والحرّيات التي لا مساومة عليها، والديموقراطية فسحة التواصل، والتسوية الحتميّة لأي خلاف أو تباعد. لم يكن جان عبيد من أولئك الذين اقتلعتهم الحرب من بيوتهم. لم يكن من أولئك الذين خافوا على حياتِهم من شجاعتِهم، وإصرارِهم على مواقفِهم وثوابتهم. تجرأ وصمد حيث كان، وعاند كما لو أن لبنان انذاك في حسبانه لا يلبث ان يعود قَدَرَ اللبنانيين أياً يكن انقسام مجتمعهم، وتناحر طوائفهم ومذاهبهم، وتفكك دولتهم.

أضاف: جمعنا حب لبنان في المطلق والعمل على إنقاذه، وحرصنا ـ كلٌ من موقعه أو اقتناعاته أو خياراته ـ على ابتكار القاسم المشترك الذي يشكّل خلاصة المصلحة الوطنية والطريق التي تؤدّي إلى التلاقي. عملنا معاً على اقتناعات يمكن أن يلتقي من حولها العدد الأكبر من اللبنانيين. بدلاً من التحدّث في الأفكار المتناقضة، باحترامنا بعضنا بعضاً، نفتش عن خلاصاتنا المشتركة وترجمتها إلى خارطة طريق فلا تبقى حبراً على ورق. ببعض الأفكار ساهمنا في تحقيق التقارب أو التلاقي بين سياسيين لم يكن في ما بينهم حد أدنى من الود، ما ساعد على تذليل عدد من العقبات. ذلك تَبَلْورَ في خلال رئاستي بأن ساهم هذا النهج في تذليل كثير من العراقيل، لاسيّما عندما كان عليَّ اتخاذ مواقف حساسة كانت تتطلّب حنكة سياسية جامعة للسير بين السطور.

وقال:”لا تُتْخصر الممارسة السياسية والخبرات في هذه الرؤية فقط، بل سهّل هذا النهج الطريق أمام الكثير من الإنجازات على الصعيد الوطني.

وتابع: عرفت جان عبيد مستشاراً منذ مطلع ولايتي في رئاسة الجمهورية في الملفيْن الأكثر جدلاً والتباساً. الملفان اللذان أوجدا أحد أكثر أسباب الحرب الطويلة في لبنان وعلى الدولة واللبنانيين، هما ملفا العلاقات اللبنانية – السورية واللبنانية – الفلسطينية. فأتاح أوسع مروحة من الأفكار لاستنباط الحلول.

في الحرب والسلم تلاقينا على تقديم مثال الشخصية اللبنانية العابرة للطوائف، في مرحلة طبعها التشنج والتطرف وتطلّبت الجرأة والمجازفة. وهي في اعتقادي النموذج الحقيقي للشخصية اللبنانية التي تأبى التقوقع. لا تندمج في القِيَم والمذاهب والطوائف فحسب، بل كذلك في الأفرقاء إلى أي فئة وخيار وعقيدة انتموا.

برحيله المفاجىء خسرنا حضور جان عبيد بيننا، لكننا ربحنا النموذج

الرئيس نبيه بري

والقى رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر الفيديو كلمة قال فيها:” جـان عبيد فخامة الحاضر، في ذكرى حضوره وإرتحاله الرابعة، بعضاً ممّا أحب وممّا حفظنا عنه، منه أستعير وإليه أهدي. أبلغ عزيزاً في ثنايا القلب منزله، إن غاب عنّا فالروح مسكنه، من يسـكن الروح كيف القلب ينساه.

أبو سليمان في ذكراك كما في وداعـك، لـن أرثيك فالرثاء للأموات مثلك من الرجال رجـال لا يموتون إلا بالنسيان وخيانة العهـود، أمّا أنـت بـاقٍ فينا بقـاء الأرز والزيتـون. جـان عبيـد الصديق الصدوق فخامة الراحل الحاضر، يا وجه الوطن الذي نحب حريّ بنـا أن نستدعيـك ويستعيـدك كـل محب للبنـان قـدوة لرجال الدولة قامة فكـريّة ووطنيّة فـي الزمن الصـعب. رجـلًا يحمل الكلمة المسؤولية والسياسة أخـلاقاً والوطـن رسالة لا تنكسر وجسـراً بين المختلفين حين تتقطـع سـبل اللقاء، وإيماناً لا يتزعزع بالحوار لا بالتصادم، وبالوحـدة لا بالتفرقة، وصـوتاً صـارخاً في بريّـة الوطـن، لبنـان لايبنى إلا بالعـقـول النيـرة والقلوب الكبيـرة، في ذكـراك يقينـاً سـتبقى ضمير الوطـني الحيّ في وجـدان كل من عرفك وأحـب فيـك الإنسان قبل السياسي، في يومك وكل يوم يذرفك الوطن نجماً لا يعرف الأفول, جان عبيد عشت للبنان وستعيش فينا من أجل لبنان .

هلا عبيد

بعد ذلك قدمت هلا عبيد كريمة الراحل، اللبنانية الاولى وقالت: هي ليست السيدة الاولى للجمهورية اللبنانية بل هي أيضا صديقة عزيزة وامرأة ملهمة وارى في حضورها النبيل انعكاسا للقيم التي احببناها وعشناها وتربينا عليها في منزل جان عبيد. اسمحوا لي بكل فخر وباسمي وباسم عائلتي ان ادعو اللبنانية الاولى للتفضل بالقاء كلمتها.

اللبنانية الاولى

وتحدثت اللبنانية الاولى السيدة نعمت عون وقالت:”يصعب الحديث عن الوزير والنائب جان عبيد بعد أن شهد له أصدقاؤه، وأي أصدقاء!، سياسيون وزعماء وأدباء ومثقفون خاضوا معه غمار العمر، بل كتبوا صفحات من تاريخ لبنان، فيصبح أي نقش من بعدهم في مجسّم ذكراه، لا يجرؤ عليه إلاّ من رأى بجان عبيد الانسان قبل السياسي، والمؤمن قبل المفكّر، والمواطن قبل الخصم أو الحليف، والمتمسّك بقيمه التي هي ميزة كل لبناني، وما أجمل وأصعب أن تكون لبنانياً كما كان جان عبيد.

أنا هنا لا لاتحدّث عن جان عبيد السياسي المدافع الأول عن التربية والتعليم والمسكون بحس العدالة ورجل الإعلام الراقي أو المتجذّر في بيئته والرابط التاريخ بالجغرافيا، بل جئت أحدثكم عن رجل مسكون بحب عائلته، ومواطن مجبول بحب وطنه. وأَصوَب خيارات جان عبيد كانت زوجته، لبنة حياته، لا مكان عندها للأنانية أو لبخل في العطاء. وكان لي شرف التعرف إليه في جامعة الـ LAU من خلال ابنته هلا، التي تحمل بشائر اسمها، بل تحمل مزايا إرثه. وكنا، كلما دعوناه الى احتفال، يكون أوّل الحاضرين وآخر المودّعين، وكأنّه على موعد مع حبيبة هي ابنته، يكرّمها بحضوره بتواضع الآباء الذين هم بحجم جبل!

حضن بناته الثلاث وابنيه، حضانته لزوجته ووطنه. لم يغره منصب، أو تلهه سلطة، أو يعمه مجد. حفظ إرث والديه فحرث الارض بقلمه وحرسها بمواقفه. وانتقل، بارتباطه بابنة قائد للجيش، الى طبقة الاثرياء بوطنيّتهم. وأنا الأعلم، من خلال أولادي أيضاً، مدى صعوبة وفخر أن يكون أحد أفراد العائلة ضابطاً أو عنصراً في الجيش اللبناني، يرهن حياته للدفاع عن مجتمعه ووطنه، وعن حدود استبيحت، معرضاً حياته للموت كي يعيش اللبنانيون بعّز ولا تنتهك سيادة. هكذا تربّت العزيزة لبنى، وهكذا ربّت. وكانت أول خطوط الدفاع عن زوجها، وكانت جيشاً خلفه – كي لا أقول مخابرات! وعندما عيّنت عزيزتي هلا مديرة لمكتبي، عيّنتها لكفاءاتها ووفائها ووطنيتها ولكن أيضاً لأني أعرف طينتها، ومرباها، ومثالها الأعلى.”

أضافت: علّمنا جان عبيد من خلال التزامه العائلي والوطني، بأن لا أهميّة للطبقة التي انتمى اليها أهلنا، المهم ألاّ يحدّنا طموح، وأن القيم العائلية هي من عبادة الله، وأن المدرسة الرسمية هي مدرسة وطنية، ويجب أن تكون خياراً للبنانيين لا ملجأ للذين لا خيار لهم، وأن المناطق النائية هي في قلب لبنان، وأن التعرّف على الآخر وتقبّله هو اكتشاف للذات ولسموّها، وأن نبذ الخوف والتقوقع يحرر الانسان، وأن بناء الحصون هي من بناء الجسور، وأن الحوار هو أمضى سلاح، وأن كلفة الحروب هي أكبر من كلفة السلام، وأن العدالة والمساواة هما ضمانة السلم الأهلي والانتماء الوطني. وأن اختلاف اللبنانيين على تاريخهم لا يجب يكون مصدراً لتشتت الهوية بل فرصة لبناء وعي جماعي يمنعنا من تكرار أخطائنا وخطايانا، ويدفعنا الى التمسك بتعدديّتنا وتنوّعنا وأقليّاتنا كي نغني خيارات بناء المستقبل،

وحدها الدولة تحمينا، ووحدها تضمن هواجسنا، وتستوعب وتحضن هويّاتنا المركّبة والمعقّدة والغنيّة.

جان عبيد كان مدرسة في الوطنية وحَلِم بكتاب تربية وطنية على مستوى تحديات لبنان، إن أردنا تكريمه علينا أن نكون أوفياء لثوابته وأحلامه، أي علينا جميعاً ان نلتزم هنا بأن ندعم المدارس اللبنانية في رسالتها في بناء المواطنية، مدرسة تؤمن بالإبداع اللبناني، وقوّة الحوار، والانفتاح، والاعتدال، والحق، والسلام، وبقدسيّة لبنان وطناً ومواطنين! “

وفي الختام التقطت صورة تذكارية بالمناسبة. بعد ذلك تم توقيع الكتاب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us