مصرف لبنان يحظر التعامل مع “القرض الحسن”: خطوة لضبط “السلاح المالي”

أعاد مصرف لبنان التأكيد على دوره كسلطة ناظمة للنظام المصرفي، من خلال منع التعامل مع جمعية “القرض الحسن”، في ما يشبه إعادة تثبيت لـ”حصرية السلاح المالي” بيد الدولة اللبنانية. ويأتي هذا القرار في ظلّ تصاعد الضغوط الدولية للمضي بالإصلاحات وتعزيز الشفافية، ورفض أي بنى موازية تتجاوز النظام المالي الرسمي وتُستخدم كأدوات نفوذ خارج إطار الدولة.
قرار مصرف لبنان
وفي التفاصيل، جاء في التعميم 170 الصادر عن مصرف لبنان، ما يلي: “بناء على الصلاحيات التي تعود للحاكم بغية تأمين عمل مصرف لبنان استنادًا إلى مبدأ استمرارية المرفق العام، قرّر مصرف لبنان اتّخاذ تدابير احترازية لحماية القطاع المالي والاقتصادي في لبنان من التعامل مع الجهات غير المرخّصة والخاضعة لعقوبات صادرة عن سلطات أساسية، ولمّا كانت خطّة العمل المطلوبة من لبنان من قبل مجموعة العمل المالي (FATF) تقضي بمعالجة وضع القطاع المالي غير المرخّص، لا سيّما شركات الصرافة وشركات تحويل الأموال والجمعيات التي تتعاطى العمليات المالية والمصرفية من دون أن تكون قد استحصلت على ترخيص من مصرف لبنان.
وبما أنّ التعامل مع جهات غير مرخّصة وخاضعة لعقوبات دولية، خاصةً إذا شكّلت هذه الأخيرة حلقةً من ضمن سلسلة عمليات مشبوهة قد يتعرّض معها القطاع المالي المرخّص للتورّط من دون علمه في جرائم تبييض الأموال وأو تمويل الإرهاب، وتداركًا لإمكانية فرض إجراءات مشددة إضافية قد تتخذ بحق القطاعين المالي والاقتصادي في لبنان والخارج، وتفاديًا لأي مخالفة قانونية قد تتعرّض لها المصارف المراسلة ما يؤثر سلبًا في التعامل مع هذه المصارف وحفاظًا على المصلحة الوطنية العليا، وبناء على الصلاحيات التي تعود للحاكم بغية تأمين عمل مصرف لبنان استنادًا إلى مبدأ استمرارية المرفق العام.
يقرّر ما يأتي:
المادة الأولى: يحظر على المصارف والمؤسسات المالية وسائر المؤسسات الخاضعة لترخيص من مصرف لبنان وعلى مؤسسات الوساطة المالية وهيئات الاستثمار الجماعي أن تقوم بأي تعامل مالي أو تجاري أو غيره…، بشكل مباشر أو غير مباشر، كليًا أو جزئيًا، مع مؤسسات الصرافة وشركات تحويل الأموال والجمعيات والهيئات غير المرخصة كـ “جمعية القرض الحسن” و”شركة تسهيلات ش.م.م.” و”شركة اليسر للتمويل والاستثمار” و”بيت المال للمسلمين” وغيرها من المؤسسات والهيئات والشركات والكيانات والجمعيات المدرجة على لوائح العقوبات الدولية، لا سيّما لجهة:
– تقديم أو تسهيل خدمات مالية أو نقدية أو تحويلات أو خدمات وساطة.
– إنشاء أو تنفيذ ترتيبات تمويل أو إيجار أو إقراض.
– تسهيل الوصول المباشر أو غير المباشر إلى النظام المصرفي اللبناني، بأي عملة كانت، من قبل الجمعيات أو الهيئات أو الشركات المذكورة أعلاه وغيرها أو من قبل أي من فروعها”.
الإجراءات القانونية
أوردت المادة الثانية من التعميم “إن عدم التقيّد بأحكام هذا القرار يعرّض مرتكبيه للملاحقات القانونية واتّخاذ إجراءات قد تصل إلى حد:
– تعليق أو سحب الترخيص.
– تجميد الحسابات والأصول.
– الإحالة إلى هيئة التحقيق الخاصة.
وأكّد مصرف لبنان في التعميم أنه سيقوم باتخاذ كلّ الإجراءات الإدارية والقانونية المناسبة لفرض تطبيق أحكام هذا القرار الذي يعمل به فور صدوره.
بارّاك: قرار مصرف لبنان خطوة في الاتجاه الصحيح
في هذا السياق، اعتبر المبعوث الأميركي إلى لبنان وسوريا توم بارّاك، الثلاثاء، أن “قرار البنك المركزي خطوة في الاتجاه الصحيح لضبط تدفّق الأموال الخاصة بحزب الله والتي كانت تمر عبر جمعية القرض الحسن”.
وقال عبر “إكس”: “تعزيز الشفافية وإخضاع جميع الوسطاء الماليين في لبنان لإشراف مصرف لبنان يُعدّ إنجازًا مهمًا وضروريًا”.
ضغوط أميركية وتراجع نفوذ “القرض الحسن”
من جهة أخرى، أكّد مصدر مصرفي لـ “نداء الوطن” على أهمية عدم تعاطي مؤسسات نظيفة ومرخّصة مع مؤسسات غير مرخّصة وجمعية مؤسسة القرض الحسن (التابعة لـ “حزب اللّه” والمدرجة على لائحة العقوبات)، بعمل مستندي لممارسة قائمة منذ فترة غير قصيرة، معلنًا استمراره في متابعة تلك المسألة مع هيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف التي تكشف تلك العمليات بناءً على شكاوى المواطنين. التعميم إذًا أداة مستندية لممارسة قائمة عمليًّا ومنذ فترة غير قصيرة. وكما أوضح المصدر لا يمكن القول إنّ “هناك أيّ تعاطٍ مع مؤسسات غير مرخّصة من قبل أي جهة”.
في الموازاة، ذهبت مصادر وكالة “رويترز” إلى أبعد من تأكيد المؤكّد، إذ اعتبر مسؤول لبناني كما جاء في الوكالة “أنّ خطوة المصرف المركزي كانت قيد الإعداد منذ أشهر، وأنها تعكس الضغوط الأميركية على لبنان لاتّخاذ إجراءات ضد الجناح المالي لحزب اللّه. فجمعية مؤسسة القرض الحسن تخضع لعقوبات أميركية والمصارف اللبنانية كانت حريصة على تجنّب التعامل معها”.
واعتبرت “رويترز” في تحليلها، أن إصدار التعميم رسميًا، يعكس تراجع نفوذ “حزب اللّه” في لبنان.
مواضيع ذات صلة :
![]() مصرف لبنان يحظر على المؤسسات المالية التعامل مع “القرض الحسن” | ![]() “خطَّان لا يلتقيان” | ![]() هل فعلًا تمَّ اختلاس أموال “القرض الحسن”؟ |