نعي سياسي وإعلامي للوزير الراحل عبدالله بو حبيب

لبنان 24 تموز, 2025

توفي وزير الخارجية اللبناني السابق عبدالله بو حبيب، عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد تعرضه لأزمة قلبية نُقل على إثرها إلى أحد المستشفيات حيث فارق الحياة.

وشغل بو حبيب منصب وزير الخارجية في حكومة الرئيس ميقاتي بين أيلول 2021 وشباط 2025، قبل أن يتسلّم المنصب الوزير يوسف رجي.

يحمل بو حبيب شهادة دكتوراه في الاقتصاد، وكان محاضراً في جامعة الحكمة في بيروت منذ عام 2002. بدأ مسيرته المهنية في البنك الدولي عام 1976 خبيراً اقتصادياً، ثم تولّى لاحقاً منصب كبير مسؤولي القروض لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما شغل بين أيار 1983 وشباط 1990 منصب سفير لبنان لدى الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يعود إلى البنك الدولي في العام 1992 مستشاراً لنائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ثم رئيساً لوحدة الاتصال الإقليمي.

بالإضافة إلى عمله الديبلوماسي والاقتصادي، كان بو حبيب كاتباً نشطاً في العديد من الصحف والمواقع الإعلامية، حيث عُرف بتحليلاته الهادئة وقراءاته العميقة للشأنين اللبناني والدولي.

كتب بو حبيب العديد من المقالات والدراسات، ونشر مؤلفات أبرزها:

-“بصمات أميركا على لبنان” (1991): شهادة سياسية ودبلوماسية عن تجربته كسفير

– “قِيَم أميركا ومصالحها” (2019): دراسة نقدية في السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط

بالإضافة إلى أبحاث أكاديمية حول الاقتصاد وسياسات الطاقة.

وقد نعى الرئيس نجيب ميقاتي، بو حبيب في بيان صادر عنه، قال فيه:

“آلمني جداً الرحيل المفاجئ للوزير الصديق عبد الله بو حبيب، والمفارقة الموجعة أنني كنت أنتظره على لقاء صباح اليوم، فعاجلته المنية ليكون إلى جوار ربّه”.

وأضاف: “تسلّم الراحل مهام وزارة الخارجية والمغتربين في فترة توليّ رئاسة الحكومة، وكان تعاوننا مثمراً رغم صعوبة المرحلة التي كانت الأخطر في تاريخ لبنان الحديث. فأظهر صلابة في التعبير عن الموقف بدبلوماسية مزجت بين الحكمة والواقعية والوطنية الصافية والخبرة العميقة في أصول الدبلوماسية والعلاقات الدولية”.

تابع: “عرفته لبنانياً في الصميم، متمسكاً بقناعات وطنية لا يحيد عنها ولا يساوم عليها، وكانت هذه القناعات حاضرة في كل المحادثات التي يجريها في الوزارة وفي المحافل العربية والدولية”.

وقال: “جمعتنا صداقة شخصية متينة ساهمت في إرساء التفاهم على العديد من الملفات الشائكة التي واجهتنا، ونجحنا في إيصال الموقف المطلوب وفي معالجة العديد من الملفات المعقدة أو الطارئة بصمت، وبعيداً عن الإثارة الإعلامية”.

أضاف: “رغم كل التعقيدات والصعوبات، لم تغب الابتسامة عن وجهه، فكان يضفي على الاجتماعات حضوراً محبّباً وطرافة لم تفارقه البتة. كما ترك في كل محطة من محطات حياته أثرًا، وفي كل كلمة من كلماته معنى”.

ختم: “رحل رجل اللحظة الصعبة بصمت تاركاً وراءه اسماً لامعاً وخبرة سياسية ودبلوماسية، ستبقى محفورة في ذاكرة العمل الدبلوماسية اللبناني الحديث، ومن خلال المؤلفات العديدة التي أغنت المكتبة الدبلوماسية. الصديق عبد الله رحمك الله”.

كذلك، نعى نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في بيان، الوزير السابق للخارجية عبدالله بو حبيب “الذي طوى الصفحة الأخيرة من كتاب حياته الحافل بالتحديات والأحلام، مذ كان يافعاً في بلدته روميه، وعلى مقاعد الدراسة في مرحلتيها الثانوية والجامعية، قبل أن يحمله الطموح على جناحيه إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومنها إلى الدبلوماسية التي مثل فيها لبنان سفيراً بواشنطن، بعدما تحصن بشهادة الدكتوراه في الاقتصاد في جامعة فاندربيلت وعمل خبيراً في البنك الدولي”.

أضاف: “كان عب دالله بو حبيب لبنانياً حتى العظم، مناضلاً صلباً في سبيل وطنه، وتولى مسؤوليات جساماً في أشد أوقات المحن التي تتالت على لبنان، وكان عليه أن يمشي مستقيماً بين خطوط متعرجة. على أنّ الطواف الطويل بين أزقة الدبلوماسية ودهاليزها وعالم الاستشارات في البنك الدولي، وطّد حضوره السياسي والأكاديمي وزاده معرفة بأسرار السياسات وكواليسها، ومفاتيح اللعبة الدولية التي تقرر مصائر الدول والشعوب، وعاد إلى لبنان مغلباً هواه على مصلحته الشخصية، منخرطاً في الشأن العام على طريقته الخاصة، وكان نائباً لرئيس الرابطة المارونية، ومحركاً لنشاطات ثقافية وبحثية وأستاذاً محاضراً في جامعة الحكمة، قبل أن يُعيّن وزيراً للخارجية في أكثر الأوقات حرجاً، مواجهاً حصاراً دبلوماسياً دولياً وعربياً غير معلن على لبنان آنذاك. وغالب الصعاب محاولاً فكفكة العقد وتدوير الزوايا وهو الخبير في “الكيمياء” اللبنانية التي عجم عودها وامتحن تضاريسها، مقدماً أفضل ما يمكن أن يقدمه لبناني لوطنه في أزمنة الشدائد. وفي كتابه “أوراق من واشنطن” يكتب تجربته في سفارة لبنان في الدولة العظمى بحبر المعاناة، ولهف الفتى الذي صدم بقساوة الواقع القامع للأحلام”.

ختم: “يغيب عبدالله بو حبيب الصديق القديم موارياً معه مرحلة من حياة لبنان اجتهدنا معاً ليكون أحلى وأبهى، وأكثر قوة، يستظله جميع أبنائه بالعدل والكرامة والمساواة، وليس كل ما يتمنى المرء يدركه، لكن المحاولة الشجاعة هي خير عزاء ولو لم تثمر أفعالاً بقدر التمني. فنم قرير العين يا صديقي، وليهنأ لك الرقاد في تربة روميه ملتحقاً بمن سبقك من أحبة بكيناهم ذات يوم ، وليكن ذكرك وذكرهم مؤبدا”.

بدوره، أشار الوزير السابق جورج كلّاس، إلى أن “عبد الله قاد وزارة الخارجيّة والمغتربين، في أدق المراحل السياسية التي عرفها لبنان (2021-2025)، ونجح بأن يضع مدماكاً لتحصين موقع لبنان وتحسين علاقاته مع الخارجيْن العربي و الدولي، معتمداً هندسة الانفتاح على ما فيه خير الوطن”.

أضاف “تشرفتُ بزمالته في مجلس الوزراء، واعتزّيتُ بصداقته الدائمة، وأشهد له بفنيّة حلّ الأزمات وتجاوز قطوعات النزاعات التي أثقلت ظروف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي (معاً للإنقاذ) في مراحلها الثلاث كحكومة مكتملة الأركان، وكحكومة تصريف أعمال ومعتبرة مستقيلة بعد إجراء الانتخابات النيابية، وكحكومة انتقلت إليها الصلاحيات غير اللصيقة برئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون”.

ولفت إلى أنّ “في الحالات الثلاث، كان عبد الله بو حبيب، وزير الإيجابية الذي تليق به المسوولية الدبلوماسية في كل سلوكياته ومواقفه، وهو الذي كان يقاطع جلسات مجلس الوزراء على مدى سنتين وأربعة أشهر من الشغور الرئاسي، إلتزاماً شريفاً من معاليه بنهج تيار سياسي له موقعه و مكانته، من دون أن يقاطع السراي أو يتأخر عن القيام بمهمات إستثنائية تستوجبها المرحلة.

ونعى النائب السابق أمل أبو زيد بو حبيب، وكتب على منصة “أكس”: “فقد لبنان اليوم شخصية استثنائية تقلّدت مواقع سياسية ودبلوماسية بارزة بين بيروت وواشنطن ودول القرار في أصعب الأوقات وأكثرها حرجاً. وزير الخارجية والسفير عبد الله بو حبيب بقي مخلصاً لوطنه في الصميم، محاولاً تدوير الزوايا والسير بين خطوط متعرّجة، مغلّباً الحكمة والواقعية حفظاً لمصلحة لبنان ومكانته العربية والدولية وحرصاً على الاستقرار الداخلي. نَم قرير العين في تراب رومية، المسيح قام”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us