أميركا تحسم موقفها وتؤكد: “لا سلاح في لبنان”… ولا تعويل على نتائج زيارة سلام لـ”الإليزيه”!

في خضم أزمة سياسية وأمنية متصاعدة، يتقدّم الموقف الأميركي ليشكّل العامل الأكثر تأثيرًا في الملف اللبناني، خصوصًا ما يتعلّق بمستقبل قوات “اليونيفيل” وسلاح “حزب الله”.
فالإدارة الأميركية، عبر مبعوثها توم باراك، باتت تطرح شروطًا واضحةً لا لبس فيها: لا دعم اقتصادي، ولا تجديد لقوات الطوارئ الدولية من دون التزام لبناني صريح بحصرية السلاح بيد الدولة، وتحديد جدول زمني لسحب السلاح غير الشرعي.
في موازاة ذلك، تأتي زيارة رئيس الحكومة نوّاف سلام إلى فرنسا، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وكان ماكرون قد أكّد دعم بلاده القوي للجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية لإنعاش الاقتصاد اللبناني ومؤسّساته، مضيفًا: “فرنسا ستواصل مساهمتها في تعزيز الجيش اللبناني بما يضمن احتكار الدولة للسلاح في جميع أنحاء البلاد”. وختم ماكرون: “فرنسا مستعدّة لدعم التعاون بين لبنان وسوريا لتأمين حدودهما المشتركة وترسيمها”.
ووفق المعلومات، فإنّ رئيس الحكومة، في الزيارة القصيرة، يسعى لتحريك المياه الراكدة حول موضوع التجديد لليونيفيل، كون فرنسا حاملة قلم صياغة مشروع قرار التجديد، ولها تأثيرها في مجلس الأمن – باستثناء التأثير في قرار الفيتو الأميركي لو حصل – وحاول استجلاء المسعى الفرنسي لتخفيف حدّة الطروحات الأميركية – الإسرائيلية من موضوع حصريّة السلاح، والتهدئة في الجنوب، وإعادة الإعمار، ودعم لبنان اقتصاديًا.
وكتب رئيس الحكومة على منصة “إكس” بعد الزيارة: “أشكر فرنسا على دعمها المتواصل للبنان وأمنه وسيادته وازدهاره. أعود إلى بيروت مطمئنًا نتيجة التزام الرئيس ماكرون بمساعدة لبنان، والتجديد لقوة اليونيفيل، وتعزيز علاقاتنا الثنائية، لا سيما في مجالات الأمن والاقتصاد والتعليم والثقافة”.
توازيًا، وصل المبعوث الأميركي توم باراك إلى باريس، وذكرت المعلومات أنّه سيعقد لقاءات مع مسؤولين فرنسيين تتناول نتائج زيارته إلى لبنان، والردّ الذي تسلّمه من رئيس الجمهورية جوزاف عون على الورقة الأميركية.
ويجتمع باراك اليوم مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لوضعه في حصيلة زيارته للبنان، والبحث في مجمل الملفات اللبنانية التي يتابعها الطرفان، ومن بينها ملف التجديد لقوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان “اليونيفيل”، في ظلّ وجود تباين في موقفيْ البلدين، إذ تسعى فرنسا للإبقاء على هذه القوات وفق ما هي حاليًا، في حين تميل الولايات المتحدة إلى الموقف الإسرائيلي الساعي إلى تقليص عددها، وحصر مهامها، وصولًا إلى سحبها إذا أمكن.
ولا تستبعد مصادر مواكِبة لـ”اللواء” عودة لودريان إلى بيروت لمتابعة الأوضاع، في وقتٍ غير بعيدٍ.
وبحسب مصادر متابعة لـ”اللواء”، “فإنّ الإدارة الأميركية لا تقيم وزنًا كبيرًا للموقف الفرنسي، وقد تأخذ ببعض النصائح الفرنسية بعين الاعتبار، لكنها في النهاية تتّخذ القرار الذي يناسب مصالحها وأجندتها في المنطقة، ووفق مصالح إسرائيل. وهذا الأمر يستلزم توسيع حلقة اتصالات لبنان مع الدول المعنية في مجلس الأمن لاستقطاب أكبر دعم دولي يمكن أن يكون ضاغطًا على الإدارة الأميركية لمنعها من استخدام حق النقض – الفيتو وتعطيل التجديد للقوات الدولية. لذلك يبقى الرهان قائمًا على المسعى الفرنسي لتدوير الزوايا الأميركية وتمرير المرحلة بأكبر قدر من الهدوء، لا التصعيد”.
في السياق نفسه، سألت مصادر “نداء الوطن”: “هل تملك فرنسا أدوات الضغط الفعلية لإحداث تغيير في الداخل اللبناني خارج المظلة الأميركية وخصوصًا ما يتعلق بملف تسليم السلاح؟ وهل تأتي المظلّة الفرنسية كبديل أم مكمل للمبادرات والمساعي الأميركية والخليجية لمساعدة الدولة على استكمال النهوض بمؤسساتها والشروع في مرحلة التعافي؟”.
ورأت المصادر أنّ “زيارة سلام إلى باريس، ومغادرة المبعوث الأميركي توم باراك بيروت إلى فرنسا لعقد لقاءاتٍ مع مسؤولين فرنسيين يتناول نتائج زيارته إلى لبنان، تعكس واقعًا مزدوج المسارات: مسار أميركي ضاغط يربط الدعم بالإجراءات الأمنية والسيادية وتحديد جدول زمني، ومسار فرنسي أكثر مرونة يراهن على استنهاض المؤسسات من دون الدخول في اشتباك مباشر مع “الحزب”.
وأشارت المصادر، إلى أن “الردّ اللبناني على ورقة باراك جاء مخيّبًا للآمال، والسبب مواصلة الدولة سياسة الهروب إلى الأمام، وتمييع تحديد جدول زمني لتسليم السلاح غير الشرعي”.
هذا الملف، سيحضر بقوةٍ على طاولة البحث بين باراك والجانب الفرنسي، بالإضافة إلى ملف التجديد لقوات “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان، وسط تباين واضح في موقفي البلدين.
وأوضحت مصادر متابعة أنّ “الموقف العربي يتماهى بشكل كبير مع الموقف الأميركي، فالدول العربية مستعدة لمساعدة لبنان ومدّ يد العون، لكن على لبنان القيام بالخطوات المطلوبة. وبالتالي، لا مساعدات ملموسة واستراتيجية من دون حصر السلاح بيد الدولة، والقيام بالإصلاحات المطلوبة.
وتبدي المصادر خشيتها من الأحداث القادمة، خصوصًا إذا أصرّت إسرائيل على استكمال مخططاتها، وسط استمرار “حزب الله” بالتمسّك بموقفه برفض تسليم السلاح”.