عشية 4 آب… اللبنانيون يستعيدون مرارة الذكرى الأليمة ويترقبون إحقاق العدالة!

لبنان 3 آب, 2025

عشية إحياء الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، استعاد اللبنانيون مشاهد هذه الجريمة الكبرى بحق بيروت خصوصًا ولبنان عمومًا.

الانفجار الذي هزّ العاصمة، والذي أدّى إلى أضرار كبيرة في المرفأ وتهشيم الواجهات الزجاجية للمباني والمنازل في معظم أحياء بيروت، أدى أيضًا إلى عدد لا يُحصى من الجرحى، ومقتل قرابة الـ300 شخص من بينهم المفقودون الذين لم يعثر لهم على أثر.

وعلى الرغم من استئناف التحقيقات بالقضية إلا أن أي قرار ظني لم يصدر حتى اللحظة، فيما يترقب اللبنانيون إحقاق العدالة في هذا الملف بمن فيهم أهالي الضحايا الذين لم ينكفئوا يومًا عن التحرك والضغط لتحقيق العدالة لدماء أبنائهم الذين خُطفوا منهم نتيجة إهمال المسؤولين ومن دون سابق إنذار.

يُشار في هذا السياق إلى انه استعدادًا لفعاليات إحياء ذكرى انفجار مرفأ بيروت رُفعت لوحة باسم “شارع ضحايا الرابع من آب” قرب مدخل مرفأ بيروت، لجهة محطة شارل الحلو. كما تمّ غرس 75 شجرة زيتون تحمل أسماء ضحايا الانفجار، تخليدًا لأرواحهم، عند مدخل المرفأ.

وفي هذا الإطار، كتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عبر “أكس”: “5 أعوام على جريمة انفجار مرفأ بيروت، ولا يزال كل لبنان ينتظر العدالة لضحايا هذه الفاجعة ولعائلاتهم، وللمصابين، ولعاصمتنا الجريحة بيروت. لن نفقد الأمل بصدور القرار الاتهامي وإجراء المحاكمة في أقرب وقت، كي يُحاسَب كلّ مذنب على جريمته. كلنا أمل بالحقيقة ليرتاح ضمير الوطن”.

من جانبه، كتب رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض عبر “أكس”: “بجريمة مرفأ بيروت كتار مسؤولين بس ما كانوا مسؤولين بإهمالهم.. بلامبالاتهم.. بمعرفتهم المسبقة وعدم المبادرة بمنع وقوع الإنفجار”.
وأضاف محفوض: “الملف مفتوح ولازم يطال من أبسط موظف حتى أعلى الهرم.. وللتذكير هناك نواب ووزراء وموظفين بمواقع متقدمة بالدولة عليهم مذكرات بداية الغيث إنفاذ الاستنابات توقيفهم وإحالتهم أمام القضاء.. 4 آب مش ذكرى إنما ذاكرة وجع”.

بدوره، كتب النائب أشرف ريفي عبر صفحته على “أكس”: “تفجير المرفأ كان إحدى الجرائم الكبرى بحق بيروت ولبنان، ويجب كشف ملابسات الجريمة كافة، وإحقاق العدالة للشهداء والجرحى وعائلاتهم”.
وأضاف ريفي: “نشدّ على يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لختم التحقيق وإصدار القرار الإتهامي للبدء في المحاكمة، ونقول لمن حاولوا إزاحته بالأسلوب الميليشياوي والتهديدي، إنّ العدالة آتية ولا ريب في ذلك، إذ لا استقرار لأي مجتمع من دون عدالة”.

كما حضرت ذكرى الرابع من آب في عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأحد التاسع من زمن العنصرة في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، إذ قال: “فيما نهار غدٍ يتزامن مع الذكرى الخامسة لتفجير مرفأ بيروت، وهو الأعظم في تاريخ البشرية بعد هيروشيما، نُصلّي أولًا لراحة نفوس الضحايا، وشفاء المرضى والمعوّقين الكثر، ونعزّي أهل الضحايا والمصابين والمتضرّرين على اختلاف فئاتهم. وإنّنا نطالب القاضي البيطار بممارسة صلاحياته القضائية كاملة، إظهارًا للحقيقة، وصوتًا للعدالة، وضمانةً للقضاء الحرّ الذي يعلو الجميع من دون أي حصانات”.

بدوره ترأّس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران إلياس عودة خدمة القدّاس الإلهي في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس، وأقام جنّازًا لراحة أنفُسِ ضحايا الرابع من آب.

بعد قراءة الإنجيل، ألقى عظةً قال فيها: “ها نحن اليوم، في هذا البلد المتألّم، نأتي إلى الربّ حاملين أمامه جوعنا ومرضنا وآلامنا وخوفنا. نأتي إليه حاملين ذكرى موجعةٍ هزّت ضمير العالم، فيما بقيت بعض الضمائر عندنا صمّاء عن الحقّ وعن آلام الشعب وعذاباته. نقف أمام الربّ حاملين جراحنا وجراح وطننا لبنان. نأتي إليه مستذكرين، بقلوبٍ داميةٍ، تفجير الرابع من آب، ذلك اليوم المشؤوم الذي دوّى فيه انفجار الظلم والفساد والإهمال في قلب عاصمتنا الحبيبة بيروت، فهزّ أركانها ودمّر أحياءها، وخطف حياة الأبرياء، وخلّف الجرحى، وزرع الخراب في آلاف البيوت، ما جرح القلوب وأدماها. لم يكن انفجار موادّ كيميائيّة وحسب، بل انفجار ضمائر ميتة، ضمائر من باعوا الحقّ بثمنٍ بخسٍ، فدمّروا الإنسان قبل الحجر. هذا الانفجار لا يزال جرحًا مفتوحًا في جسد بيروت، ووصمة عار على جبين كلّ من عرف ويعرف ولم يَبُحْ بالحقيقة، أو خبّأها وساهم في إخفائها وطمسها، أو رفض المثول أمام المحقّق”.

وقال: “إنّ الربّ، الذي لم يترك الجموع جائعةً ومتعبةً، بل أشبعها، هو نفسه الربّ الذي يبغض الظلم ويرذل التواطؤ والسكوت عن الحقيقة. سوف نُصلّي اليوم للضحايا الشهداء، وللأحياء المُعذّبين والقلوب الثكلى، لكنّ صلاتنا لا تكتمل إن لم نصرخ في وجه الشرّ والباطل. ما نفع صلاتنا إن بقيت بلا فعل حقّ، وما نفع سجودنا إن صمتنا عن كلمة عدل؟ إنّ الربّ نفسه قال: “ويلٌ لكم أيّها الكتبة والفرّيسيّون المراؤون… لأنّكم تشبّهون قبورًا مُجصّصة تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكلّ نجاسة”. إذا صمتنا عن الحقّ، وخنقنا الصوت النبويّ الذي فينا خوفًا أو نفاقًا أو مصلحة، نصير نحن قبورًا نتِنةً. فيما رفض الربّ صرف الجموع بلا طعام، نجد دولتنا، منذ خمس سنوات، تترك شعبها بلا حقيقة ولا عدالة. كيف ينامون مرتاحي البال، فيما آلاف العائلات تنتظر معرفة من أزهق أنفُسَ أبنائها أو شرّدها؟ كيف يستطيع القاضي أو النائب أو الوزير أو مَن له علاقة بهذه الكارثة أن يتابع حياته بشكلٍ عاديّ، فيما أمّهات بيروت يقضين الليالي بالدموع والوجع، وبعض المصابين ما زالوا يئنّون؟ كفى عرقلةً للتحقيق، وصمتًا عن قول الحقّ، وخوفًا على المصالح”.

أضاف: “إنّ تفجير الرابع من آب لم يكن زلزالًا طبيعيًّا ولا مصيبة عارضة، إنّما كان نتيجة الإهمال والفساد والتقصير والتواطؤ وعدم المبالاة. أمّا ضحاياه، فلم يقترفوا ذنبًا ليُعاقَبوا، ولم يشنّوا حربًا ليُقتلوا، ولم يشاؤوا الموت، ولم يطلبوا الشهادة، ولا أرادوا قضاء بقيّة حياتهم في الأوجاع، ولا ترك بيوتهم أو أحيائهم أو مدينتهم. لقد دُفِع بعضهم دَفْعًا إلى هجر منازلهم المدمّرة لأنّهم لم يجدوا من يساعدهم على بنائها، أو من يعزّي قلوبهم المكلومة، أو من يحمي أولادهم من كارثة أخرى. أهل بيروت لم يُغادروها طوعًا. من غادروا أُجبروا على الانتقال إلى منطقة أخرى أو الهجرة لأنّهم شُرّدوا، ولأنّهم أُهمِلوا وقُهِروا، ولأنّهم يئسوا من المماطلة في إعلان الحقيقة وتطبيق العدالة”.

وختم المطران عودة: “سوف نرفع الصلاة معًا من أجل راحة أنفُسِ أحبّاء أُزهِقَت أرواحهم، فيما كانوا في مستشفى القدّيس جاورجيوس يستشفون، أو يزورون المرضى، أو يعالجونهم. مرضى وممرّضات وزوّار أصابهم الانفجار كما أصاب المستشفى وبيروت وأهلها، وخلّف جرحًا لم يندمل، وألمًا لن يستكين قبل معرفة الحقيقة وإرساء العدالة. صلاتنا نرفعها أيضًا من أجل راحة أنفُسِ كلّ الضحايا، لكي يغمرهم الربّ برحمته، ويمنحهم السلام الذي لم يعرفوه على هذه الأرض”.

فيما قال رئيس الحكومة نواف سلام خلال جلسة حوارية لمناقشة تداعيات انفجار 4 آب: “معرفة حقيقة انفجار مرفأ بيروت ومحاسبة المتورطين قضية وطنية جامعة”

أضاف: “من دون عدالة لا معنى للمواطنة ولا جدوى للدولة” مشيراً إلى أن “مسؤوليتنا كدولة تتطلب التركيز على الشفافية والمحاسبة ونحن نتشارك هدفًا واحدًا هو الحقيقة ونضع ثقتنا بالقضاء اللبناني الذي يقوم بعمله على أكمل وجه”.

وتابع: “لا إصلاح من دون محاسبة فدولة القانون تُبنى حيث تُصان استقلالية القرارات والمحاكمة العادلة واجب على الدولة وحق للضحايا فنلتزم نحو إقرار قانون استقلالية القضاء”.

وأردف: “لا تسوية على حساب العدالة ولا نهاية لهذا الجرح إلا بكشف كلّ الحقيقة ومحاسبة جميع المسؤولين أيًّا كانوا”.

وختم: “أجدد التزامي بالبيان الوزاري ببناء دولة حرة مستقلة ذات سيادة تبسط سيادتها على كامل أراضيها بقواها الذاتية”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us