جلسة مفصلية أمام الحكومة اللبنانية… اختبار حصرية السلاح بين الضغوط الدولية واعتراض “الحزب”

لبنان 5 آب, 2025

في ظل تصاعد الضغوط الدولية والعربية على لبنان، واتساع الهوة بين الدولة والمجتمع الدولي بشأن ملف حصرية السلاح، تكتسب الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء بُعدًا مفصليًا في مسار استعادة الدولة لقرارها السيادي. وبينما تتكثف المشاورات السياسية على أعلى المستويات لتأمين توافق الحد الأدنى، برز موقف لافت من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، بدعوتهما لعقد جلسة حكومية تُخصص حصريًا لوضع آلية تنفيذية تُكرّس حصرية السلاح بيد الدولة. خطوةٌ تعكس حجم التحوّل في المقاربة الرسمية لهذا الملف الشائك، وتضع الحكومة أمام اختبار فعلي لقدرتها على التعامل مع الملفات الخلافية بشجاعة ومسؤولية.

وفي التفاصيل، أكد مصدر وزاري وثيق الصلة برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام أنّ دعوتهما إلى عقد جلسة للحكومة تُخصص لتطبيق حصرية السلاح لم تأتِ من فراغ، ولن تنتهي كما بدأت.

وأكّد المصدر لـ”الشرق الأوسط” أنهما يصران على حسم الموقف لمصلحة بسط الدولة سلطتها، لأن الوضع الداخلي لم يعد يسمح بالمراوحة، وأن وتيرة الضغوط الدولية والعربية على لبنان في تصاعد، وبدأت ترفع منسوب الحصار المفروض عليه، ولا يمكن استيعابه إلا بالتجاوب مع النصائح التي أُسديت له بوجوب حسم موقفه بوضع آلية تنفيذية لجمع السلاح من القوى المحلية، ومن ضمنها “حزب الله”.

كما أوضح مصدر دبلوماسي لـ”الأنباء” الكويتية في بيروت أنه “على الرغم من أن البيان الوزاري تضمن بنداً عاماً يتعلق بالسلاح، إلا أنّ ترجمة هذا البند إلى قرار تنفيذي اليوم قد تكون نقطة اختبار حقيقية لوحدة الحكومة وقدرتها على إدارة الملفات الخلافية بواقعية. فإصدار قرار بالإجماع، كما يعمل عليه في الكواليس، سيكون بمثابة رسالة مزدوجة: إلى الخارج بأنّ لبنان منخرط جديًّا في مقاربة ملف السلاح، وإلى الداخل بأنّ هذا الانخراط يجري في إطار توافقي لا إقصائي، ما يحفظ الاستقرار ويحاصر التأويلات والاتهامات”.

ولكن في حال تعذر التوافق، رأى المصدر أنّ “إحجام الحكومة عن اتخاذ قرار واضح سيزيد من عزلتها أمام المجتمع الدولي، ويكرس الانطباع بأنّ الدولة عاجزة عن فرض سيادتها، ما قد يفتح الباب أمام ضغوط أكبر أو حتى إجراءات عقابية. كما أنّ ذلك سيسهم في ترسيخ واقع الدولة المتعددة المرجعيات، ما يضعف ثقة اللبنانيين بها ويضاعف مناخ عدم الاستقرار”.

ويقف مجلس الوزراء أمام معادلة صعبة للتوفيق بين استرداده ولو متأخراً ثقة المجتمع الدولي بلبنان، ودخوله في مصالحة معه على قاعدة تسليمه بملء إرادته بحصرية السلاح، وبين تطويقه لمعارضة “حزب الله”، خصوصاً أنّ مشاورات اللحظة الأخيرة بين الرؤساء الثلاثة لم تنقطع، ومستمرّة إلى حين انعقاد الجلسة.

مصادر مطلعة كشفت لجريدة “الأنباء” الالكترونية، أنّ تصريح فياض وغيره من المواقف لن يعيق انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم، وإنّ قرارًا تبلّغه وزراء الحزب بإعلان اعتراضهم على موضوع مناقشة السلاح في جلسة مجلس الوزراء تحت شعار أولوية تحرير الأرض وإطلاق الأسرى ورفض الانصياع للإملاءات الخارجية، وأنّ الوزيرين المحسوبين على الرئيس نبيه برّي، لن يشاركا في الجلسة بسبب وجودهما خارج البلاد، ما يعطي للجلسة بعداً ميثاقياً، لا سيما وأنّ الغياب يرتبط بمهام حكومية خارجية، أي أنّ اعتراض وزراء “حزب الله” لن يُشكل عائقاً أمام شرعية الموقف الرسمي للحكومة.

وبالتالي فإنّ اعتراض “حزب الله” على جدول أعمال الجلسة أو على مناقشة موضوع السلاح في الجلسة، لن يكون عائقاً أمام إصرار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالشراكة مع الرئيس نواف سلام وبتأييد ما يزيد على أكثرية ثلثي أعضاء الحكومة لوضع آلية تنفيذية لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، وهما على تواصل مع الرئيس نبيه برّي، لما يتمتع به من نفوذ سيؤدي لعبور الجلسة إلى برّ الأمان بتصويت الوزراء على آلية بسط سلطة الدولة.

وأشارت المصادر إلى أنّ انعقاد الجلسة يشكل نقطة حاسمة في مستقبل لبنان وإنّ إقرار آلية تنفيذية لموضوع نزع سلاح “حزب الله” وفق الورقة الأميركية المعدلة التي تسلمها لبنان، هو الطريق الوحيد لخروجه من نفق الحصار المفروض عليه والذي بدأ يشتد تدريجياً، وإنّ عامل الوقت لم يعد لمصلحة لبنان، وبالتالي لم يعد أمام الحكومة سوى خيار واحد لضمان الاستقرار لوقف نزيف الإستمرار في الإنهيار.

وأكّدت مصادر رسمية لـ”الجمهورية”، أنّ ملف جلسة اليوم يقارب بالحدّ الأعلى من المسؤولية من قبل جميع الأطراف، وخصوصاً أنّها لا تشكّل استهدافاً أو تحدّياً لأيّ طرف، بل تأتي استجابة كليّة لخطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، والبيان الوزاري للحكومة، فضلاً عن أن لا نية على الإطلاق للتسبّب بأيّ التباسات أو إشكالات داخلية أياً كان نوعها، كون البلد لا يحتمل أي خضات أو اهتزاز داخلي في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ فيها المنطقة ومن ضمنها لبنان.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us