لبنان في رحلة استرداد السيادة والشرعية… سيناريوهات عديدة لسحب السلاح واتصالات لتفادي الانزلاق إلى “لعبة الشارع”

لا تزال السلطة في لبنان تتعامل بترقّب وحذر مع التصريحات العالية السقف التي تصدر عن قيادات “حزب الله” حيال قرار الحكومة إنهاء الوجود المسلّح على كامل الأراضي اللبنانية. وعلى وقع الغضب الشعبي وفوضى الشارع، حيث لا تزال تردّدات الجلسة الحكومية التي أقرت حصرية السلاح بيد القوى الشرعية ترمي بثقلها على كاهل الرؤساء الثلاثة، انطلقت تحركات شعبية، مساء أمس السبت، كما ليل الجمعة، حيث جال مناصرون للحزب في مناطق في البقاع والجنوب والضاحية و بيروت على الدراجات النارية، رافعين شعارات ورايات الحزب، من دون أن يصدر موقف واضح صريح من قيادة الحزب لا بتبنّيها ولا بمنعها.
الأمر الذي استدعى تدخلًا من الجيش الذي أصدر، السبت، بيانًا، حذّر فيه المواطنين من “تعريض أمن البلاد للخطر من خلال تحرّكات غير محسوبة النتائج”.
وقالت قيادة الجيش، في بيانها: “في ظل ما يواجهه لبنان من تحديات استثنائية في المرحلة الراهنة، ولا سيما استمرار العدو الإسرائيلي في اعتداءاته وانتهاكاته للسيادة الوطنية، إلى جانب الوضع الأمني الدقيق، ظهرت دعوات من قبل أفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بتحركات احتجاجية، ونشر مقاطع فيديو مفبركة تهدف إلى إثارة التوتّر بين المواطنين”.
وفيما حذّرت القيادة من “تعريض أمن البلاد للخطر”، أكدت أن “الجيش إذ يحترم حرية التعبير السلمي عن الرأي، لن يسمح بأي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي، أو قطع الطرقات أو التعدّي على الأملاك العامة والخاصة، ويؤكد ضرورة تحلّي المواطنين وجميع الفرقاء بالمسؤولية في هذه المرحلة الصعبة، وأهمية وحدتهم وتضامنهم بهدف تجاوز الأخطار المحدقة ببلدنا”.
على صعيد متصل، قال مرجع سياسي لصحيفة “الأنباء الكويتية” إن “قرار سحب السلاح قد اتخذ في الحكومة وقوبل بترحيب دولي، على اعتبار انه القرار الصائب والأجرأ الذي اتخذته حكومة لبنانية منذ عقود. ولكن السؤال: كيف سيتم التنفيذ؟”، مشيرًا إلى أن “هناك سيناريوهات عدة وصولًا إلى أبعد الشرور، أي المواجهة المستبعدة، لأن ظروفها ومعطياتها غير متوافرة على الإطلاق”.
وأضاف المصدر: “خيارات عدة ستكون في الحسبان قبل الوصول إلى وضع الخطة، وهي:
أولًا، مرونة من قبل الحزب نتيجة اتصالات يجريها المسؤولون من خلال الحوار البعيد عن الأضواء، على الرغم من المواقف العالية النبرة والتي قد تمتص حالة الغضب والفورة الشعبية لدى جمهوره. وهذه الاتصالات تشمل مسعًى دبلوماسيًا مع دول القرار، بهدف تأمين ضمانات بأن تلتزم إسرائيل بمضمون الاتفاق لجهة الانسحاب من المواقع المحتلة ووقف العدوان وإطلاق الأسرى، إضافةً إلى بدء عملية إعادة الإعمار للقرى الحدودية المهدمة، وهي الشروط الأربعة التي أصبحت متداولةً بشكل واسع ويتمسك بها الثنائي الشيعي”.
ثانيًا، وفي حال عدم التوافق وتسليم السلاح طوعًا، ولو بكميات محدودة على اعتبار أن مخازن الحزب وحجم أسلحته غير معروفة بعد تدمير الجزء الكبير خلال الحرب والاستهدافات المستمرة، خصوصًا أن هذه المواقع سرية للغاية وغير معروفة. وخير دليل استمرار اكتشاف المخازن والانفاق جنوب الليطاني على الرغم من مرور أكثر من ثمانية أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار. وآخره ما أعلنت عنه القوات الدولية لجهة مصادرة أسلحة وراجمات صواريخ في أنفاق في بلدات الناقورة وطير حرفا وزبقين الحدودية”.
ثالثًا، يستبعد المصدر “أي اعتراض للحزب على مصادرة الجيش للأسلحة المكتشفة او منعه من ذلك، لأن البديل الآخر هو العدوان الإسرائيلي المسلط على مختلف المناطق اللبنانية، بذريعة تدمير المخازن والأسلحة والبنى التحتية العسكرية للحزب وفقًا للملحق في اتفاق وقف النار بين إسرائيل والولايات المتحدة”.
غير أن المصادر “تعوّل كثيرًا على نجاح الاتصالات وبدعم من القوى الدولية للجم العدوان الإسرائيلي وتوفير الضمانات للانسحاب، ما يسمح للجيش اللبناني بالانتشار حتى الحدود الدولية وفرض سلطة الدولة وضمان الأمن في المناطق الحدودية للمدنيين اللبنانيين الذين يعيشون هاجس الخوف من الأطماع الإسرائيلية”.
أمّا في الشأن السياسي الداخلي، فتترقب الأوساط عودة الموفد الأميركي توم باراك بعد 8 أيام، حيث من المتوقع أن تحمل هذه الزيارة إشادةً بقرار الحكومة وضع البلد على السكة الصحيحة.
إلى ذلك، أفادت مصادر متابعة باستمرار الاتصالات لاستكمال النقاش على أكثر من مستوى لتفادي الانزلاق إلى لعبة الشارع، مشيرةً إلى أنّ حزب الله طلب وساطةً قطريةً قبل اتخاذ الحكومة قرار حصرية السلاح إلّا أنّ مصير هذه الوساطة يرتبط بمدى جدّيتها والنتيجة التي تتوصل اليها.