موجة حر “قياسية” في لبنان وتحذيرات من حقبة مناخية جديدة

شهد لبنان خلال الأيام القليلة الماضية موجة حر غير مسبوقة، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية بلغت نحو 45 درجة مئوية في بعض المناطق. وتُعدّ هذه الموجة واحدة من أشدّ الظواهر المناخية التي عرفها لبنان في السنوات الأخيرة، وسط تحذيرات من مخاطرها على الصحة والبيئة. وتُشير التوقعات الجوية إلى احتمالية انحسار هذه الموجة في الأيام المقبلة، مع بداية تراجع درجات الحرارة تدريجياً وعودة الأجواء إلى معدلاتها الموسمية المعتادة.
في السياق، قال الأب إيلي خنيصر، المتخصص في الأحوال الجوية وعلم المناخ، أنّ لبنان سيشهد اليوم تراجعاً بدرجات الحرارة بمعدل يتراوح بين 3 و 5 درجات مئوية، لكن الأجواء تبقى حارة في الجنوب 36-38 علماً أنها سجلت 39-43 بين صيدا وصور ومرجعيون والنبطية وحاصبيا وجزين وراشيا.
ولفت إلى أنه في البقاع ستتراوح بين 37 و 40 درجة، علماً انها بلغت يوم أمس الخميس 43-45 درجة، وفي الجبال الغربية 35-37 علماً أنها تراوحت يوم الخميس بين 39 و 42 درجة. وفي الشمال ستكون اليوم بين 37 و 39 علماً أنها بلغت يوم أمس 40-43 درجة.
وفي بيروت، ستبلغ درجة الحرارة اليوم 33-35 وتبقى حرارة مياه البحر 33 درجة.
هل دخل لبنان حقبة المناخ المتطرّف؟
في سياق متصل، قال رئيس حزب البيئة العالمي د. ضومط كامل في حديث لـ”نداء الوطن”: “إنها المرة الأولى التي تصل فيها إلى لبنان كتل هواء احترارية، فالاحترار العالمي لم يكن قد وصل إلى لبنان بعد”.
وأضاف: “سابقًا كانت الكتل الهوائية الحارة تصل إلى لبنان فتواجهها كتل باردة تؤدي إلى تعادل مناخي، لكن هذه المرة تتدفق الكتل الاحترارية دون توقف وعلى ارتفاعات عالية جدًا ما يؤدي إلى نوع من الاحتباس الهوائي أو الاحترار العالي”.
تابع قائلا: “علميًا، يمكن القول إنّ كمية الحرارة المنبعثة من الاحتراق اليومي قد تخزنت ضمن الكتل الهوائية وسببت احترارًا عاليًا أثّر سلبًا على كل الكائنات الحية من بشر وحيوانات ونباتات”.
وأشار إلى أنّ “لبنان دخل اليوم منطقة التغيير المناخي التي أصابت حوض البحر الأبيض المتوسط وجنوب أوروبا. فالمنطقة بأكملها تشهد احترارًا عاليًا جدًا وحرائق الغابات الكبيرة غير المسبوقة. وأكبر دليل على هذا الاحترار، أنه سابقًا كانت الغابات في لبنان مناطق تبريد تمتص الحرارة وتبث الرطوبة، لكنها اليوم لم تعد كافية لمواجهة الاحترار لأسباب عدة”. ويتابع كامل: “في العادة، نقطة التغير في حركة الكتل الهوائية على سطح الأرض تحدث في السادس من شهر آب. لكنها هذا العام، لا تزال مستمرة دون توقف ولا تزال الكتل الساخنة تتدفق.
لهيب لبنان من الداخل
من جهة أخرى، أكد كامل أنّه إضافة إلى العامل المناخي العام، تضاف عوامل محلية تساهم في رفع درجات الحرارة، وقد يصل الأمر إلى حد كارثي، في حال عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتخفيف من الانبعاثات الحرارية”. وقال: “تأتي في أعلاها المولدات التي يسبب احتراق المازوت فيها والانبعاثات الصادرة عنها رفع درجة الحرارة في محيطها وزيادة مفعول الاحتباس الحراري. ومع وجود أكثر من 35000 مولد، وفق ما تشير التقديرات، يمكن فهم مدى تأثيرها السلبي على نوعية الهواء وحرارته. ويلي ذلك زحمة السير، ومع تعداد نحو مليونين ومئتي ألف سيارة يتنقل ثلثاها يوميًا على الطرقات ولا سيما الأوتوسترادات الساحلية، يمكن تصور كمية غازات ثاني أوكسيد الكاربون المنبعثة منها وكمية الحرارة التي تولدها”.
أضف إلى ذلك، يقول كامل فإنّ المصانع وحرق النفايات والمبيدات التي ترش على شكل أبخرة تساهم في بث الحرارة في الجو. ويبقى العامل الأهم قطع الأشجار التي تلعب دورًا كبيرًا في امتصاص الحرارة. وقد عمدت بعض البلديات إلى عملية إبادة غير مدروسة حيث شحلت الأشجار ولم تبقِ منها إلا الكعب، فيما يعمد بعض المخربين إلى استغلال الأشجار وقطعها للاستفادة من الحطب، هذا عدا تمدد المساحات المبنية على حساب الثروات الحرجية وهو ما يرفع بدوره من درجات الحرارة.
تفاصيل طقس الأيام المقبلة
– الجمعة: قليل الغيوم مع انخفاض إضافي ملموس بدرجات الحرارة في المناطق الجبلية والداخلية وطفيف على الساحل وبقاء نسبة الرطوبة مرتفعة حيث يزيد معها الشعور بالحر كما تنشط الرياح أحياناً خاصة في المناطق الشملية والجنوبية.
– السبت: غائم جزئياً مع استمرار الانخفاض بدرجات الحرارة وتراجع بنسبة الرطوبة على الساحل حيث يخف نسبياً الشعور بالحر، يتكون الضباب الكثيف على المرتفعات وتنشط الرياح أحيانًا، يتوقع تساقط الرذاذ بشكل متفرق خاصة على المرتفعات الشمالية بعد الظهر.
– الأحد: غائم جزئياً مع انخفاض بدرجات الحرارة والتي تلامس معدلاتها الموسمية خاصة في المناطق الجبلية والداخلية، تنشط الرياح أحياناً مع احتمال تساقط الرذاذ بشكل متفرق أحياناً خاصة فوق الجبال الشمالية اعتباراً من بعد الظهر.
مواضيع ذات صلة :
![]() وزير العدل يعلّق على كلام نعيم قاسم: وضع حدّاً لمقولة “إنّ السلاح هو للدفاع عن لبنان”! | ![]() عراقجي يتراجع ويؤكد عدم التدخل بشؤون لبنان.. هل بدأت إيران بخلط أوراقها؟ | ![]() أدعياء السيادة |