تصريحات قاسم التحريضية تفجّر الردود… ورفض قاطع للغة التهديد والتخوين

لا شك أن معالم زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران على لاريجاني بدأت تتّضح، إذ إن محاولات “شد العصب” وإعادة تحريك الأذرع الإيرانية في المنطقة، خرجت على هيئة تهديد ووعيد بالخراب وانعدام الحياة للبنانيين والتهويل بالفتنة والحرب الأهلية على لسان أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس. تصريحات الشيخ نعيم عكست تفلتًا انفعاليًا شخصيًا مدمرًا في الدرجة الأولى، كذلك سياسيًا وحزبيًا وحتى طائفيًا حين استحضر نبرةً قتاليةً لتحفيز أنصار الحزب على مواجهةٍ عبثيةٍ أقل ما قيل فيها، إنها انتحارية.
فالأمين العام لـ”حزب الله” صعّد مواقفه على نحو متفجر معتبرًا أن “الحكومة تقوم بخدمة المشروع الإسرائيلي، أكانت تدري أم لا تدري”.
وقال إن “الحكومة خالفت ميثاق العيش المشترك، وهي تعرّض البلد لأزمة كبيرة. أين سقف الدستور؟ سأقول لكم من الآخر، لأنه كان يوجد بعض الأفكار تتحدّث عن ضرورة الاعتراض في الشارع. اتفق حزب الله وحركة أمل أن يؤجلا فكرة أن يكون هناك تظاهرات في الشارع. ولكن إذا فُرضت علينا فنحن لها، ونحن مستعدون لها، ولا خيار أمامنا، حينها تحصل تظاهرة في الشوارع، تعمّ لبنان، تذهب إلى السفارة الأميركية، تقوم بأعمال لها علاقة بنصرة الحق وإبراز الحضور والوجود. حتى بقاءنا في قلب الحكومة، كان باتفاق على قاعدة أننا نعتبر الجلستين، خمسة وسبعة آب، غير ميثاقيتين، وكأنّهما لم تكونا في حياة لبنان ولا في الوضع القانوني، ونستمر، حتى لا نتركهم وحدهم، وحتى نحاول أن نأتي بهم إلى طريق الصواب. لن تسلم المقاومة سلاحها والقصف مستمر والوجود الإسرائيلي قائم، وسنخوضها معركةً كربلائيةً إذا لزم الأمر، في مواجهة هذا المشروع الإسرائيلي – الأميركي مهما كلفنا ونحن واثقون أننا سننتصر في هذه المعركة”.
وختم قاسم: “تتحمل الحكومة اللبنانية كامل المسؤولية لأي فتنة يمكن أن تحصل، نحن لا نريدها، ولكن هناك من يعمل لها. تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية أي انفجار داخلي، وأي خراب للبنان. تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تخليها عن واجبها في الدفاع عن أرض لبنان وعن مواطنيها. لستم معذورين إذا تصديتم بهذه الطريقة، وأخذتم هذه القرارات، وأديتم إلى خراب البلد”.
أبرز الردود الفورية على قاسم، جاء من رئيس الحكومة نواف سلام الذي رفض تصريحات قاسم وقال إن “هذا التهديد المبطن أو المباشر” بالحرب الأهلية “حرام”، مؤكدًا أن “لا أحد من اللبنانيين اليوم يريد العودة إلى الحرب الأهلية”، ومجددًا تمسك حكومته بتنفيذ خطة حصر السلاح.
كما شدد على أنّ “قرار الحرب والسلم اليوم بيد الدولة، والسلاح يهمنا أن يكون كله تحت إمرة الدولة”. وأكد أن “قرار لبنان اليوم يؤخذ في بيروت، ولا يُملى علينا من طهران أو واشنطن”. وأضاف أن أمين عام حزب الله“ يتحدث عن حصرية السلاح وكأنها مسألة جديدة، حصرية السلاح بيد الدولة مسألة مطروحة منذ اتفاق الطائف الذي يذكرنا به الشيخ نعيم الآن وبميثاقيته، نعم حصرية السلاح بيد الدولة مسألة ميثاقية أساسية، ونحن جميعًا اتفقنا في الطائف على بسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل أراضيها، ونحن تأخرنا سنوات وسنوات عن هذا الأمر”. وردًّا على الاتهامات بأن الحكومة تنفذ مشروعًا أميركيًا إسرائيليًا، قال سلام: “هذه حكومة وطنية لبنانية تأخذ قراراتها في مجلس الوزراء، لا تخضع إلّا لإملاءات مطالب اللبنانيين منا، واللبنانيون بغالبيتهم الساحقة مع قرار الحكومة بوضع خطة تنفيذية لحصر السلاح، وأنا أعرف من يخضع للإملاءات، ومن يعتبر نفسه امتدادًا لأطراف خارجية”.
وفي موقف بارز آخر، عقد الرؤساء السابقون أمين الجميل، ميشال سليمان، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، اجتماعًا عبر تقنية “زوم”، وأصدروا بيانًا أعربوا فيه عن “قلقهم من خطورة الكلام الذي صدر عن الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم”، وتصعيده لموقفه السياسي وشروطه التي يحاول إعادة فرضها على لبنان وشعبه ودولته. واعتبروا أن “موقف الشيخ نعيم قاسم وكلامه من شانه أن يزيد من تعقيد الأمور ووضع العقبات أمام استعادة الدولة لسلطتها الكاملة وعودة لبنان إلى استقراره”. وشدّدوا على “ضرورة اعتماد الحكمة في التصرف والحزم في المواقف، توصلًا إلى تحقيق حصرية السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية”.
كما أن وزير العدل عادل نصار رفض “بشكل قاطع التصريحات التي أدلى بها نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، واصفاً إياها بأنّها “مرفوضة جملة وتفصيلاً”، معتبراً أنها “تشكل تهديداً مباشراً للسلم الأهلي، وتكشف عن تجاوزات خطيرة تقوم بها قوى غير شرعية خارجة عن سلطة الدولة”. وشدد على أن استمرار هذا الواقع يشكل خطراً كبيراً على وحدة لبنان ومؤسساته، داعياً إلى الالتزام بالدستور والقانون، وضرورة حصر السلاح بيد الدولة وحدها. وصدرت ردود فعل كثيفة نيابية وسياسية منددة بموقف قاسم.
في السياق، كتب رئيس حركة التغيير ايلي محفوض على منصة “أكس”: “تهديد الشيخ نعيم قاسم يبقى برسم القضاء اللبناني كي يتحرّك عفوًا وبدون إبطاء لمنع هذا الرجل والمنظمة العسكرية التي يرأسها والخارجة عن القوانين اللبنانية المحلية والدولية من التمادي في تعريض لبنان واللبنانيين إلى الأخطار الجسيمة. أما جرعة التحريض التي نالها من الزائر الإيراني علي لاريجاني انكشفت مفاعيلها اليوم. شيخ نعيم انت تلعب بالنار وذهابك إلى الإنتحار لا يجب أن تعممه على اللبنانيين، تريد ان تنتحر اذهب وحدك واترك الناس تتنفّس وتستعيد جزءًا من بيوتها وقراها التي دمّرتها بمشاريعك الوهمية. واعلم ان الناس لن تجاريك في لعبة الموت والرقص على القبور. لبنان للبنانيين تحت سقف الدستور والعيش معاً مسلمين ومسيحيين هكذا كان وهكذا سيبقى مهما علت عنترياتك الفارغة”.
وبدوره، علق النائب نديم الجميّل على تصريحات الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم قائلاً: “لا حياة للبنان ما دام سلاحكم خارج سلطة الدولة، والحكومة مُطالَبة بالحسم”.
كما كتب النائب وضاح الصادق على منصة “أكس”: “السِّلم الأهلي ليس موضوع ابتزاز أو شدّ عصب مذهبي، وحياة اللبنانيين ليست بيد حزب أو فريق أو طائفة. من الآن فصاعدًا، حياتنا وأمننا ورفاهيتنا وازدهارنا بيد الدولة اللبنانية. والسِّلم الأهلي إرادة وطنية لحماية الشعب والجيش والدولة”.
ومن جانبه، كتب النائب راجي السعد عبر حسابه “إكس”: “نأسف لإصرار الشيخ نعيم قاسم على وضع الشيعة اللبنانيين في مواجهة الدولة اللبنانية التي نريدها للجميع. كما نستنكر تهديده بالفتنة الداخلية في مقابل إصرار السلطات الدستورية على قرار حصر السلاح بيد الدولة”.
وتابع: “إن كلام قاسم اليوم يشكل منعطفاً خطيراً لأنه يشكل رفضاً لقيام الدولة وإصراراً على إبقاء لبنان ساحة للمشاريع الإيرانية”.
مواضيع ذات صلة :
![]() هل نشهد صدامًا داخليًا؟ خبير عسكري يوضح عبر “هنا لبنان” السيناريو المقبل | ![]() أبو الحسن: موقف “الحزب” يتناقض مع سبب وجوده في الحكومة | ![]() قاسم: لن نسلم السلاح ونحمل الحكومة مسؤولية أي انفجار داخلي |