حرائق الغابات تلتهم لبنان وسوريا وأوروبا… تنسيق دولي لمكافحة النيران وجهود إنقاذ مكثفة في مواجهة الكوارث!

تشهد مناطق عدة في الشرق الأوسط وأوروبا حاليًا موجة حرائق غابات واسعة النطاق، تهدد الحياة والممتلكات وتستدعي جهودًا مكثفة من فرق الإنقاذ والدفاع المدني. في لبنان وسوريا، تتواصل العمليات الميدانية لمكافحة النيران رغم التحديات الجغرافية والمناخية، فيما تقدم دولة الإمارات دعماً فعالاً في إخماد حرائق ألبانيا. وفي الوقت نفسه، تعاني البرتغال وإسبانيا واليونان وتركيا من حرائق متكررة واسعة النطاق، وسط ظروف مناخية قاسية وزيادة في الأنشطة البشرية التي تساهم في تأجيج الأوضاع، مما يستدعي تنسيقًا عالي المستوى وتعبئة واسعة للموارد لمواجهة هذه الكوارث الطبيعية المتفاقمة.
لبنان
رفعت المديرية العامة للدفاع المدني في لبنان جهوزيتها القصوى، بإشراف مباشر من وزير الداخلية، لمواجهة سلسلة حرائق اندلعت في مختلف المناطق اللبنانية، أبرزها حريق ضخم في أحراج عين بو نجم – جزين، تطلّب تدخل الطوافات العسكرية بسبب وعورة التضاريس. كما اندلعت حرائق موازية في مناطق عدة من بينها بشعلة في البترون، حيث واجه العناصر تحديات كبيرة في السيطرة على النيران. وشهدت محافظات جبل لبنان، الشمال، عكار، البقاع، وبعلبك – الهرمل، إضافة إلى الجنوب، حرائق متفرقة طالت أعشابًا وأشجارًا وأحراجًا، وتم التعامل معها من قبل مراكز الدفاع المدني المنتشرة. وأكدت المديرية استمرار عمليات الإخماد والمراقبة في بعض المواقع، مجددة دعوتها للمواطنين بضرورة الالتزام بإرشادات السلامة والإبلاغ الفوري عن أي حريق.
سوريا
تمكنت فرق الدفاع المدني في محافظة اللاذقية شمال غرب سوريا من السيطرة على نحو 90% من حرائق منطقة كسب بعد عمليات تبريد وإخماد متواصلة، مع بقاء بعض البؤر الصغيرة مشتعلة في مناطق وعرة يصعب الوصول إليها. وفي ريف حماه، تستمر جهود المكافحة لليوم السابع على التوالي وسط تعاون بين الفرق الشعبية والرسمية، حيث ساعدت سرعة الرياح على توسع الحرائق، مما استدعى تعزيز الدعم بمعدات إضافية وصهاريج مياه لمنع انتشار النيران إلى المناطق السكنية. ونجحت فرق الإطفاء في عزل حرائق في مناطق مثل جورين، مع إخلاء بعض المنازل في بلدة شطحة للحفاظ على سلامة المدنيين، في ظل تكرار هذه الحرائق مع بداية فصل الصيف بسبب ارتفاع الحرارة وكثافة الغطاء النباتي.
ألبانيا
واصل فريق الإنقاذ الإماراتي، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، جهود إطفاء حرائق الغابات في ألبانيا لليوم الخامس، منسقًا مع السلطات المحلية وباستخدام أحدث التقنيات والمعدات الجوية. نفذ الفريق أكثر من 15 طلعة جوية وألقى أكثر من 600 ألف لتر من المياه للحد من انتشار الحرائق وحماية المناطق السكنية، رغم التحديات الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة والتضاريس الوعرة. ويعزز التنسيق المستمر والمراقبة الدقيقة قدرة الفريق على السيطرة على الحرائق ومنع تجددها، مساهمًا بشكل فعال في تقليل الأضرار وتأمين المناطق المتأثرة.
البرتغال: جبهات نارية وضحايا
يواصل أكثر من 5000 من رجال الإطفاء في البرتغال مكافحة عشرات الحرائق النشطة، خاصة في مناطق الشمال والوسط. وأوضح ماريو سيلفستري، قائد الهيئة الوطنية للطوارئ والحماية المدنية، أن كثافة الدخان حالت دون استخدام الطائرات في جهود الإخماد.
تُعتبر منطقة جواردا الأكثر تضررًا، حيث يستعر حريق ترانكوسو منذ أكثر من أسبوع، مما يجعله الأطول هذا الصيف. كما نشبت حرائق كبيرة في ساتاو (فيسيو) وأرجانيل (كويمبرا)، فيما تبذل قوات مزودة بـ 1300 مركبة و36 طائرة جهودًا كبيرة لتطويق النيران.
وسُجلت أول حالة وفاة في جواردا، بالإضافة إلى إصابات بين رجال الإطفاء، فيما أعلنت السلطات اعتقال شابين يشتبه في تورطهما بإشعال الحرائق عمدًا.
إسبانيا: موسم حرائق هو الأسوأ في تاريخ البلاد
شهدت إسبانيا درجات حرارة مرتفعة وصلت إلى 44 درجة مئوية، مما ساهم في اندلاع حرائق مدمرة التهمت عشرات آلاف الهكتارات. ويُعتبر حريق موليزويلاس دي لا كارباليدا (زامورا) الأكبر في تاريخ البلاد، حيث أتلف نحو 31,700 هكتار وأسفر عن وفاة شخصين.
في جاليسيا، سجلت الحرائق أرقامًا قياسية أيضاً، حيث دمّر حريق تشاندريكسا دي كويكسا أكثر من 16 ألف هكتار، الأمر الذي استدعى نشر وحدة الطوارئ العسكرية المكونة من 1400 عنصر للمساعدة.
ونتيجة نقص الموارد، اضطر السكان في بعض القرى لمواجهة النيران بأنفسهم باستخدام الخراطيم والجرادل، في مشهد يبرز حجم الأزمة التي تواجهها البلاد.
اليونان: البيلوبونيز تشتعل
لم تسلم اليونان من الحرائق أيضًا، حيث أتى الحريق خلال الشهرين الماضيين على أكثر من 43 ألف هكتار، حسب النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات.
في إقليم آخايا شمال البيلوبونيز، شارك عشرات رجال الإطفاء مع تسع طائرات في عمليات السيطرة على النيران، فيما أصدرت السلطات تحذيرات للسكان في القرى المعرضة للخطر.
تركيا: نزوح جماعي في مرسين
على الساحل المتوسطي، أتت الحرائق في محافظة مرسين على نحو 1500 هكتار وأدت إلى نزوح حوالي 1800 شخص. وكشفت التحقيقات أن الحريق اندلع بسبب شرارة ناجمة عن أعمال لحام، ما أدى إلى اعتقال صاحب شركة بناء وأربعة من موظفيه.
وأشار وزير الزراعة والغابات إبراهيم يوماكلي إلى أن البلاد سجلت هذا العام أكثر من 5100 حريق، 96% منها بسبب أنشطة بشرية، مؤكدًا أن تغير المناخ يزيد من حدة هذه الكوارث، محولًا الحوادث الصغيرة إلى أزمات واسعة النطاق.