باراك وأورتاغوس في بيروت: مفاوضات على الحسم بين حصرية السلاح وتجاذبات القرار الدولي

تعيش الساحة اللبنانية مرحلةً دقيقةً من التفاوض السياسي والدبلوماسي في ظل تصاعد الضغوط الأميركية وتزايد التوترات الميدانية مع إسرائيل. وفي وقتٍ يحاول فيه لبنان تثبيت مواقفه السيادية، تتكثّف الاتصالات مع الموفدين الأميركيين اللذين وصلا إلى بيروت مساء أمس، وسط أجواء دولية مشحونة وتحركات إقليمية لا تخلو من الرسائل المتبادلة.
وفي التفاصيل، وصل الموفد الأميركي توم باراك ترافقه الدبلوماسية مورغان أورتاغوس، إلى بيروت، على أن يلتقي صباح اليوم الاثنين رئيس الجمهورية جوزاف عون، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري، فرئيس الحكومة نواف سلام قرابة الواحدة ظهرًا، لنقل الرد الاسرائيلي على تعديلات لبنان على الورقة الأميركية المتعلقة بحصرية السلاح وبنود أخرى اصلاحية، ووسط معلومات رئاسية مفادها بأن لبنان لم يعد لديه ما يقوله لباراك بعد تعديلاته على الورقة الأميركية.
ووفق المعلومات ستكون مع بارّاك وأورتاغوس مساعدة مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، حيث ستكون لها مداخلات ونقاشات مع المسؤولين اللبنانيين حول الاتصالات الجارية في أروقة المنظمة الدولية بخصوص صيغة قرار التجديد للقوات الدولية -يونيفيل- في جنوب لبنان، والمنتظر أن يصدر في الأسبوع الاخير من شهر آب الحالي ما بين 22 و25 منه.
وتشير الأوساط إلى أن ورقة باراك الثانية تراجعت عن التزامات أساسية كانت واردة في الورقة الأولى، لا سيما ضمان وقف النار وانسحاب إسرائيل من النقاط المتمركزة فيها، ومن دون ذلك، قد تلاقي مبادرة الرئيس نبيه بري لإقناع الحزب بالموافقة على الورقة الأميركية من دون ضمانات دولية واضحة تقتضي تعديل ورقة بارّاك. لذلك، ينتظر لبنان من الطرف الأميركي أن يترجم التزامه السياسي بالضغط على الجانب الإسرائيلي لبدء اتخاذ خطوات تنفيذية ولو تدريجية للانسحاب من النقاط المتمركزة ووقف الخروقات الجوية والبرية.
وكانت مصادر نيابية قد أكّدت لصحيفة “الأنباء الكويتية” أنّ الجانب اللبنانيّ سيصرّ في مباحثاته مع الموفدين الأميركيين، على خطوة مقابلة من إسرائيل قبل إنجاز خطة الجيش في شأن حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية.
وأعربت المصادر عن اعتقادها أن يكون التصعيد الكلاميّ لـ”حزب الله” الطبق الرئيسيّ في الحوار مع الجانب الأميركيّ.
وأوضحت المصادر للصحيفة أنّ الجانب اللبنانيّ سيركز على أنّ مواجهة هذا التصعيد، تكون في تخفيف وتيرة التصعيد الاسرائيليّ الميدانيّ وتقديم خطوة مقابلة لما اتخذته الحكومة اللبنانية من قرارات.
وتوقعت المصادر أن يكون اللقاء الأصعب للوفد الأميركيّ مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لديه الكثير ليقوله عن ضرورة وقف الاستفزازات والخروقات والتزام بنود اتفاق وقف إطلاق النار قبل أن تخرج الأمور من يد السلطة.
وفيما يُنتظر أن يكون بارّاك قد حمل معه الردّ الإسرائيلي على الورقة الأميركية التي وضع لبنان ملاحظاته عليها، نُسب إلى مصادر أميركية مطلعة قولها بعد وصوله، إنّ زيارته لبنان ترافقه مساعدته مورغان أورتاغوس “لا تأتي في سياق بروتوكولي، بل على وقع تسريبات كشفت أنّ واشنطن رفعت منسوب الضغط على لبنان إلى الحدّ الأقصى”.
وذكرت هذه المصادر لصحيفة “الجمهورية”، أنّ بارّاك وأورتاغوس قد شاركا في سلسلة اجتماعات سياسية دبلوماسية وعسكرية عُقدت في باريس، قبل توجههما إلى بيروت، وعشية انعقاد جلسة في نيويورك اليوم مخصصة لملف التمديد لقوات “اليونيفيل” العاملة في الجنوب، وذلك قبل التصويت النهائي الأسبوع المقبل.
وقالت المصادر الأميركية إنّ بارّاك وأورتاغوس يجسّدان خطة واحدة بأسلوبين مختلفين داخل الإدارة: الأوّل أكثر ليونة، والثانية بخطاب صارم، موضحة “أنّ حضورهما المشترك اليوم هو رسالة مفادها بأنّ واشنطن تريد الجمع بين الضغط والترغيب”. وأكّدت أنّ زيارتهما للبنان “تأتي ردًّا مباشرًا على زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، للتأكيد أنّ القرار في لبنان لا يُصاغ في طهران”.
وأشارت مصادر أميركية أخرى، إلى أنّ “واشنطن تعمّدت برمجة الزيارة بعد أيّام من زيارة لاريجاني لبيروت، كإشارة واضحة إلى أنّ لبنان ساحة تنافس نفوذ مفتوحة، وأنّ واشنطن لن تترك فراغًا لإيران”. وأوضحت انّ “هدف الزيارة مزدوج: الأوّل هو الضغط على الحكومة اللبنانية لوضع خطة واضحة بآلية التنفيذ، وعلى الدولة أن تطلب من القوات الدولية مؤازرة الجيش اللبناني، استناداً إلى الفقرة 12 من القرار 1701، وعلى كل الأراضي اللبنانية إذا دعت الحاجة، مع دعم قرارات مجلس الوزراء الأخيرة في الوقت نفسه. والثاني، التأكيد أنّ ملف قوات “اليونيفيل” وتجديد ولايتها سيبقى تحت عين واشنطن، ولن يُترك للمساومة بين طهران وبيروت”.
مواضيع ذات صلة :
![]() أورتاغوس عن شهداء الجيش: أبطال | ![]() ماذا تغيّر بين أورتاغوس وباراك؟ | ![]() مهمة أورتاغوس الأخيرة في لبنان تُثير التساؤلات.. وداع دبلوماسي أم بداية لتحوّل استراتيجي؟ |