حادثة عمر سنجر تدق ناقوس الخطر: وزارة الرياضة تعدّل القوانين الخاصة بالطيران الشراعي بعد التحذيرات المتكررة!

مرّة جديدة، تضرب مأساة جديدة قطاع الطيران الشراعي في لبنان، وهذه المرة بفقدان الشاب عمر سنجر، ابن مدينة طرابلس والحائز على بطولات عالمية في هذه الرياضة، الذي قضى إثر سقوطه في بحر جونية أثناء ممارسته هوايته المفضّلة. وتأتي هذه الحادثة بعد أشهر فقط من واقعة مماثلة في المنطقة نفسها، ما يسلّط الضوء مجدّدًا على المخاطر المرتبطة بهذه الرياضة في ظلّ غياب إطار تنظيمي واضح ومراقبة صارمة.
ماذا تقول شقيقة عمر سنجر؟
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، قالت شقيقته سميّة سنجر: “أخي بطل لبنان في هذه الرياضة. عمر كان عازبًا وكرّس حياته بالكامل لهذه الرياضة، وكان يستعد لتمثيل لبنان الأسبوع المقبل في تركيا”.
وتابعت سميّة: “تفاجأنا بالخبر كما لو أننا وقعنا معه، فنحن جميعًا كنّا وكأنّنا نطير برفقته دائمًا”.
وبحسب إفادة نور، أحد زملاء سنجر، لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإنّ “الحركات الجوية التي قام بها لا تُنفَّذ عادةً نظرًا لخطورتها، وهي التي تسببت في سقوطه”، مشيرًا إلى غياب قارب إنقاذ في البحر لمواجهة أي طارئ وقت المغامرة.
وأضاف: “هذا النقص في إجراءات السلامة يطرح مجددًا علامات استفهام كبرى حول الرقابة على الأندية والجهات المنظمة، خصوصًا أن هذه ليست الحادثة الأولى، بل تكررت في السنوات الماضية بشكل ملحوظ”.
تحذيرات متكرّرة
في سياق متصل، شدّد مؤسس جمعية “إليازا” المحامي زياد عقل لموقع “سكاي نيوز عربية”، على أنّ “أي خلل في إجراءات السلامة العامة أو عدم الالتزام بالمعايير الدولية يؤدّي إلى خسائر بشرية فادحة”.
وأضاف: “كما نخسر على طرقاتنا بسبب الإهمال نخسر أيضًا في السماء، وحوادث الطيران الشراعي تتكرّر بشكل كبير جدًا، ممّا يستدعي عملًا جديًا من وزارة الشباب والرياضة واللجنة النيابية للشباب والرياضة لوقف هذا النزيف”.
بدوره، اعتبر الخبير في السلامة العامة رامي الأسمر أن ما حصل مع سنجر “لم يكن حادثًا فرديًا بقدر ما هو نتيجة مباشرة لغياب منظومة متكاملة للسلامة”.
وقال لموقع “سكاي نيوز عربية”: “المسألة لا تتعلّق بشجاعة الطيار أو مهارته فقط، بل بوجود بيئة آمنة وفرق إنقاذ مجهّزة ومعايير واضحة ورقابة صارمة. إنْ لم نتعامل مع الطيران الشراعي، كما مع كل الرياضات الخطرة، على أنه نشاط يحتاج إلى منظومة حمايةٍ كاملةٍ، فسنبقى ندفع الثمن من أرواح شبابنا”.
وختم الأسمر بالدعوة إلى وقف أي نشاط شراعي غير منظّم حتّى وضع معايير صارمة للسلامة، وإلزام الأندية بتوفير فرق إنقاذ بحرية أو برية بحسب موقع الطيران، وتشديد الرقابة من وزارة الشباب والرياضة وربطها بجهات سلامة عامة متخصصة.
وزارة الشباب والرياضة تعدّل القوانين
في هذا الإطار، أعلنت وزارة الشباب والرياضة، في بيان، أنه “في سياق الجهود الإصلاحية، ولا سيما من الناحية التشريعية، وبالأخص تعديل القوانين والمراسيم والقرارات التنظيمية، شكّلت وزيرة الشباب والرياضة بموجب القرار رقم 140/1/2025 تاريخ 2/7/2025 لجنةً كُلِّفت مهامًا تشريعية من بينها إعادة دراسة القرار رقم 90/1/2007 تاريخ 26/7/2007 المتعلّق بتحديد الشروط الفنية والخاصة لمختلف الأنشطة الرياضية وسواها، وذلك بغية تحديثها وتطويرها”.
وتابع: “بالنظر إلى الخصوصيّة التي اكتسبتها رياضة الطيران الشراعي مؤخّرًا، بادرت الوزيرة إلى فصلها عن بقية الألعاب الرياضية بغية تسريع إنجاز القرار الفنّي الخاص بها، وعدم ربطها بالألعاب الرياضية الأخرى، مع إقرار تغيير تصنيف رخصة هذه الأندية من “شبابية” إلى “رياضية”، كونها كانت منذ العام 2007 قد صُنّفت كجمعيات شبابية خاضعة لمصلحة الشباب، فتقرر إحالة كامل الملف إلى مصلحة الرياضة، حيث المرجعية الطبيعية”.
وأوضح البيان أنّ “القرار رقم 90/1/2007 لا يلحظ الترخيص إلّا لنوعين من نشاطات رياضات الهواء الطلق الجوية، هما الطيران الشراعي بواسطة مظلات المنحدرات Parapente والمثلث الطائر Delta plane، وأنّ التعديلات المقترحة تتطرّق فقط إلى هذين النشاطين من بين أنشطة رياضات الهواء، مع الإشارة إلى أن الجمعيات المرخّصة في هذا المجال من قبل الوزارة، تعمد عادةً إلى الاستحصال على موافقة الأجهزة الأمنية المختصة قبل الطيران”.
وأشار إلى أن “الإدارة أعدّت ملفًا خاصًا بالأندية الـ13 المرخّصة من قبلها، منذ صدور رقم 90/1/2007، والذي استند في حينه إلى شروط فنية مطابقة لمعايير السلامة المعتمدة من الاتحاد الدولي للطيران (FAI)”.
كذلك، درست الإدارة ملفًا أعدته الأندية المرخصة الـ13، بناءً لطلب الوزارة، يتعلّق باقتراحاتها لتشكيل لجنة للرياضات الجوية وتحديث القوانين والأنظمة الخاصّة برياضة الطيران الشراعي وسائر الرياضات الجوية وإنشاء اتحاد لبناني لهذه الغاية.
وبعدما أنجزت الدوائر المختصة في الوزارة “مشروع القرار” المتعلّق بشروط الترخيص للجمعيات في رياضة الطيران الشراعي ومعايير السلامة الخاصة باللعبة، بحيث تبقى التعديلات مراعيةً للإطار التنظيمي العام، وجّهت وزيرة الشباب والرياضة الدعوة قبل يومين إلى ممثلي الجمعيات الـ13 لمناقشة “مشروع القرار”، وزودتهم مسبقًا بنسخة منه لدراسته”.
ولفت البيان إلى أنّه “في الاجتماع الذي انعقد، اليوم الخميس، جرت مناقشة “مشروع القرار”، وتحديد صباح غدٍ الجمعة لاستكمال وإنجاز الصياغة النهائية للقرار.
كما تمّ إبلاغ المجتمعين، أنه وفور صدور القرار الخاص بالشروط والمعايير عن الوزارة بعد أخذ رأي مجلس شورى الدولة، سيتمّ تشكيل لجنة مدّتها سنة لإدارة نشاط الطيران الشراعي، على أن يُجدّد ترخيص الجمعيات التي تستوفي الشروط وفق القرار، وتُجمّد رخص الجمعيات غير المستوفية، وتُعطى مهلة سنة لتحقيق الشروط الجديدة، يُصار بعدها إلى إلغاء الترخيص.
كما تقرّر “وبعد انقضاء السنة، انتخاب اتحاد رياضي وطني لإدارة الرياضات الجوية في حال توفّر العدد اللازم من الجمعيات، يكون هو المسؤول، كما اللجنة تجاه الوزارة عن هذه الرياضة وجمعياتها”.
وختم البيان: “يهم وزارة الشباب والرياضة الإيضاح أن القوانين والمراسيم والقرارات المعتمدة لديها لم تلحظ إطلاقًا نشاط الـ”Acro Paragliding”، التي ذهب ضحيتها الشاب عمر سنجر، وهو نشاط غير وارد في القرارات التنظيمية، التي تقتصر كما سبق الإشارة على نشاطي مظلّات المنحدرات Parapente والمثلث الطائر Delta plane، وسوف تصدر الوزارة تعميمًا لتأكيد منع ممارسة هذا النشاط في لبنان تحت طائلة الملاحقة القانونية والمسؤولية الجزائية”.
تفاصيل الحادثة
وفي تفاصيل الحادثة، كانت المديرية العامة للدفاع المدني اللبناني قد أعلنت أنّ فرقها البحرية والبرية تمكّنت عصر أمس من انتشال جثة مواطن قضى إثر سقوطه من مظلة شراعية مقابل شاطئ جونية.
وأوضحت في بيان أنّ غرفة العمليات المركزية تلقّت الساعة الرابعة وخمسٍ وثلاثين دقيقة بلاغًا عن سقوط أحد ممارسي الألعاب البهلوانية من مظلة شراعية فوق الشاطئ. وعلى الفور توجّهت فرق متخصّصة من وحدة الإنقاذ البحري ومن مركز جونية البرّي إلى المكان، وبعد عملية مسح دقيقة عُثر على الضحية على بُعد نحو 15 مترًا من الشاطئ، حيث تبيّن أنه فارق الحياة.
وأشار البيان إلى أن الجثة نُقلت إلى الشاطئ ثمّ إلى المستشفى، وذلك بعد حضور الأجهزة الأمنية المختصّة واستكمالها الإجراءات القانونية اللازمة.