سلسلة لقاءات للرئيس عون في بعبدا… وتحية فرنسية على قراراته الشجاعة بشأن حصرية السلاح

تتقاطع المؤشرات الخارجية والداخلية على مرحلة دعمٍ دولي مُتجدّد للبنان، ترجمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برسالةٍ إلى الرئيس العماد جوزاف عون أعلن فيها تنظيم مؤتمرَيْن لدعم الجيش والنهوض الوطني، في وقتٍ تتكثّف فيه الاتصالات في بعبدا مع شخصيات سياسية ودبلوماسية لتثبيت الاستقرار وتعزيز الثقة بمؤسسات الدولة.
فقد جدّد الرئيس الفرنسي في رسالة وجّهها إلى الرئيس عون تصميمه على “تنظيم مؤتمرَيْن لدعم لبنان قبل نهاية السنة الجارية، الأول لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، حجر الزاوية في تحقيق السيادة الوطنية، والمؤتمر الثاني لنهوض لبنان وإعادة الإعمار فيه”.
وشدّد ماكرون في رسالته على “الصداقة التي تجمع بين البلدَيْن الصديقَيْن”، مؤكّدًا “استمرار دعم فرنسا للبنان في المجالات كافّة”، ومعربًا عن سعادته “بالقرار الذي اتخذه مجلس الأمن بالتجديد للقوات الدولية العاملة في لبنان (اليونيفيل)”، وقال: “أحيّي بالمناسبة القرارات الشجاعة التي اتخذتها الدولة لتحقيق حصرية السلاح بيد القوات الشرعية اللبنانية”.
واستقبل الرئيس عون وزير الإعلام بول مرقص وأجرى معه جولة أفق تناولت الأوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات الأخيرة.
وأطلع الوزير مرقص رئيس الجمهورية على التحضيرات الجارية لانعقاد “ملتقى الإعلام العربي” في بيروت، ابتداءً من 29 تشرين الأول الجاري. وتطرّق البحث أيضًا إلى مسار متابعة مشروع قانون الإعلام الجديد في لجنة الإدارة والعدل النيابية التي يرأسها النائب جورج عدوان.
واطّلع رئيس الجمهورية من وزيرة السياحة لورا الخازن لحود على الحركة السياحية النشطة خلال فصل الصيف الماضي، والحركة الراهنة في الخريف والتحضيرات الجارية لتشجيع السياحة الشتوية بمختلف وجوهها.
كذلك، أطلعت الوزيرة لحود الرئيس عون على عمل مغارة جعيتا بعد إعادة افتتاحها قبل شهرَيْن، لا سيّما لجهة ارتفاع مداخيل الدولة نتيجة ازدياد عدد الزوار وتعديل حصة الدولة من عائداتها.
وتطرّق الحديث أيضًا إلى زيارة البابا لاوون الرابع عشر المقرّرة نهاية شهر تشرين الثاني المقبل ودور وزارة السياحة في مواكبة الزيارة البابوية.
واستقبل الرئيس عون رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل وأجرى معه جولة أفق تناولت الأوضاع السياسية الراهنة في ضوء التطورات المحلية والإقليمية.
إلى ذلك، استقبل الرئيس عون، في حضور السفير البريطاني هاميش كويل، مستشار وزارة الدفاع البريطانية لشؤون منطقة الشرق الأوسط الأميرال إدوارد ألغرين (EDWARD AHLGREN)، وعرض معه الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة وما استجدّ من تطورات، لا سيّما بعد الإعلان عن اتفاق إنهاء الحرب في غزّة، والاجتماع الذي عُقد في شرم الشيخ وما صدر عنه من مواقف.
وتطرّق البحث أيضًا إلى العلاقات اللبنانية – السورية، حيث أكّد الرئيس عون للمسؤول البريطاني أنّ “التنسيق قائم بين البلدَيْن في مختلف المجالات، خصوصًا الأمنية والاقتصادية”.
وقيّم رئيس الجمهورية مع الأميرال ألغرين العلاقات المتينة التي تجمع لبنان وبريطانيا، “لا سيّما التعاون القائم في المجال الأمني والدعم البريطاني لإنشاء أبراج المراقبة على الحدود الشرقية والجنوبية”.
وفي هذا السياق، شكر الرئيس عون “الدعم البريطاني للبنان في مختلف المجالات”.
إلى ذلك، استقبل الرئيس عون رئيس اتحاد المستشفيات العربية النائب فادي علامة مع وفدٍ من الاتحاد، ضمّ أليس يمين بويز، نقيب أصحاب المستشفيات البروفيسور بيار يارد، الدكتورة ميراي خليل، الدكتور يوسف باسيم، روني عبد الحي، ليتيسيا أبو شبكة، الدكتور سالي الرباع، الدكتور بسام القديسي، وبراين دي فرانشيسكا.
وفي مستهل اللقاء، تحدّث النائب علامة عن نشأة الاتحاد في لبنان منذ ربع قرن والدور الذي لعبه في تأمين التواصل بين صنّاع القرار الصحي في الدول العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة الصحة العالمية، لافتًا إلى أن “التعاون قائم بين الاتحاد الذي يتّخذ من بيروت مقرًّا له وسائر الجهات المعنية بالشأن الصحي والطبي، إضافةً إلى منظمة الصحة العالمية”.
وتحدّثت بويز عن الاتحاد، فأشارت إلى “إنشاء منصّة صحية تُعدّ الأكبر في المنطقة”، وقالت: “حصدنا المصداقية والثقة من كل وزارات الصحة في الوطن العربي، الهيئات الصحية والمنظمات، وخصوصًا منظمة الصحة العالمية وجامعة الدول العربية التي حصلنا فيها على صفة مراقب في هاتَيْن المؤسستَيْن العريقتَيْن، أضِف إلى ذلك عددًا هائلًا من المستشفيات الحكومية والخاصة”.
وأضافت: “إن اتحاد المستشفيات العربية هو اتحاد غير سياسي، وهذه النقطة هي الأهم، هو شمولي وبعيد عن التجاذبات ومنضوٍ تحت راية الموضوعية الأسمى، تحت مظلّته 1700 عضو من 22 دولة عربية. كما يشكّل منصةً مثاليةً لتبادل الأفكار والسياسات والخدمات في إدارة الرعاية الصحية، فضلًا عن توفير التدريب لقادة الرعاية الصحية، وهو مصدر للمعلومات حول المواضيع الصحية والاتجاهات الحديثة في الرعاية الصحية”.
وأشارت إلى أنّه “على مرّ السنوات، أطلق الاتحاد مبادرات ونشاطات صحية تحوّلت لتكون نقاطًا بارزة في القطاع الصحي العربي. كما عمل على إعلانات صحية مهمة وقّع عليها وزراء الصحة العرب وتسلّمها رؤساء بلدان، على سبيل المثال: إعلان القاهرة حول صحة المرأة، إعلان بيروت لصحة الأم والطفل، وإعلان مسقط لسلامة المريض. وأنشأ ملتقًى سنويًّا له “ميدهيلث”، حيث تطوّر ليصبح منصة صحية متميّزة تجمع صنّاع القرار من وزراء ورؤساء هيئات ومسؤولين حكوميين، إضافةً إلى كبار الرؤساء التنفيذيين في المؤسسات الصحية العربية والعاملين الصحيين والمساهمين والشركاء”.
وشدّدت بويز على أنّ “رسالتنا هي عالم عربي يتمتّع بمجتمعات صحية ومستشفيات تُدار بشكل جيد، وخدمات صحية متميزة تقدّم رعاية آمنة وعالية الجودة وفاعلة للذين يحتاجون إليها”، وقالت: “مهمّتنا الأساسية أن يكون الاتحاد منصة مرجعية قادرة على دعم أعضائه، تتمحور نقاطها حول رفع مستوى الجودة والسلامة وتقليل التكلفة وتعزيز الكفاية وتحقيق حوكمة جيدة وتشجيع المبادرات والقيادة الفاعلة وتنفيذ ممارسات تقديم الرعاية القائمة على القيمة”.
بعدها تحدّث أعضاء الوفد عن عمل الاتحاد ودور الأعضاء فيه.
وردّ الرئيس عون مرحّبًا بالنائب علامة والوفد المرافق، منوّهًا بما يقوم به الاتحاد على الصعيدين الصحي والطبي، ومشدّدًا على “استعادة لبنان موقعه الطبيعي كمستشفى الشرق الأوسط نظرًا لما تتمتّع به المستشفيات اللبنانية من مستوى تقني واستشفائي رفيع، فضلًا عن مهارة الأطبّاء اللبنانيين في الداخل والخارج، وهؤلاء رفعوا اسم لبنان عاليًا”.
واستقبل الرئيس عون رئيس حزب “حركة التغيير” إيلي محفوض مع وفد من الحزب، وعرض معهم الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة.
بعد اللقاء، قال محفوض: “تشرّفنا كوفد حزب حركة التغيير بلقاء فخامة رئيس الجمهورية، الحريص على سيادة واستقلال لبنان. وأبلغناه دعمنا المطلق للمسار الصحيح الذي يقوده، لأنه لا يمكن للدولة أن تعمل في ظل الضوضاء والفوضى. والواضح أن رئيس الجمهورية يعلم جيدًا ما يقوم به انطلاقًا من الدستور اللبناني، وهو ابن المؤسسة العسكرية. وبطبيعة الحال جدّدنا أمامه دعمنا المطلق لمؤسسة الجيش اللبناني، ولا يمكننا أن ندعم الجيش على القطعة، أي نقدّم دعمنا له عندما نرى أنه أنجز أمرًا يناسبنا ونتّهجم عليه عندما يأخذ قرارًا لا يناسبنا”.
ورأى أنّ “على جميع اللبنانيات واللبنانيين منح فرصة لهذا العهد ولرئيس الجمهورية الحريص كليًا على ديمومة المؤسسات. فلا يمكن إحداث أي تغيير خلال فترة أسبوع أو أسبوعَيْن لمعادلات عمرها أربعون سنة أو خمسون. إنّ الحرص كبير جدًا على استمرار المؤسّسات، وقد يكون الرئيس جوزاف عون من الأقلّية الحريصة على التمسّك بالمؤسسات ضمن الإطار الدستوري”.
وطمأن محفوض اللبنانيين بأنّ “الأيام والأشهر المقبلة ستكون أفضل للجمهورية اللبنانية، ونحن ذاهبون إلى سلام وإلى أمان وإلى اطمئنان، وبطبيعة الحال نحن ذاهبون إلى ازدهار اقتصادي”.
وسُئل: لقد قلتم إنّنا ذاهبون إلى سلام، فما هي الأجواء اليوم في المنطقة بعد قمة شرم الشيخ؟ أجاب: “أنا لا أريد التحدّث عن السلام بين لبنان والخارج، بل عن السلام في الداخل. نحن بحاجة لأن نكون مسالمين مع بعضنا البعض، وأن نحتضن بعضنا البعض ونتفهّم ظروف الجميع، وأن تكون أيدينا ممدودة للجميع من دون استثناء. فهذا الوطن وُجد ليكون لـ18 طائفة، ولا يمكن لأي طرف إلغاء طرف آخر، ولا أحد يمكن أن يتخطّى أحدًا. هكذا علّمنا التاريخ، والجميع تعلّم من تجاربه، بأنّه من خلال استضعاف أو استهداف أي فريق في الداخل لن يكون هناك لبنان الذي نعرفه. وكل مشاريع التقسيم والانعزال والشرذمة والتباعد لا تؤدّي إلى أن تكون مساحة لبنان 10452 كلم². وأريد أن أختم بشعار وضعه عميد في الجيش اللبناني، وهو “يبقى الجيش هو الحل”، وأنا أقول أيضًا إن الجمهورية، بمؤسّساتها ورؤسائها ودستورها، هي الحل”.