الرئيس عون في “ملتقى الإعلام العربي”: اجعلوا الحقيقة كلّ الخبر ودعوةٌ لإعلامٍ حرّ ومسؤول

أكد الرئيس جوزاف عون في كلمته خلال ملتقى الإعلام العربي أن مسؤولية الإعلاميين كبيرة، لأنهم “رسل هذا العصر”، ولأن الإشكاليات المطروحة عليهم كثيرة وكبيرة، خصوصًا في عالم يتطور تقنيًا بشكل مذهل. وأوضح أن المهنة أمضت قرونًا طويلة في زمن الكلمة المكتوبة، ثم انتقلت في عقود قليلة إلى الكلمة المسموعة، ثم إلى الكلمة المرئية، والآن تتحوّل لحظيًا من الكلمة المرقمنة إلى عوالم جديدة مذهلة من ثورة تكنولوجية ما زلنا ربما في بداياتها. وأضاف أن مسؤوليتهم تكمن في البحث عن سبل البقاء رسلاً للحقيقة في قلب هذه الانقلابات، وكيفية مواكبة الزمن، والحفاظ على استقلالهم المالي في زمن ابتلاع التكنولوجيا لكل شيء، والدفاع عن معادلات القيم الأساسية، بحيث يظل الخبر سقفه الحقيقة، وأن تظل الحقيقة غايتها خير البشر وخير النظام العام. وأشار إلى أن هذه المسلّمة ليست من وضعه، بل هي مستمدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يضمن الحقوق والحرية في التعبير في مادته 19، ويحدد حدودها وفق المادة 29 لضمان الاعتراف بحقوق الآخرين واحترامها والوفاء بمقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي.
وتحدث الرئيس عون عن معاناة المسؤولين، مؤكدًا أن المجتمع البشري لا يمكن أن يتقدم أو يتطور بناءً على كذبة، وأن خير الإنسان لا يتحقق إلا بالحقيقة، بينما كوارث البشر عبر التاريخ كانت نتاج الأوهام والأكاذيب والاستثمار في إثارة الغرائز والشعبويات وأنصاف الحقائق. وأوضح أن الحكم الصالح يحتاج إلى من يقول له الحقيقة، فيما الشعبويات تقوم على التطبيل والتضليل، وهنا تكمن معاناة الحاكم المسؤول بين واجبه في مصارحة شعبه وقيادته على درب الخلاص الصعب، وبين من يسوق الناس بالدجل إلى طرقات الجحيم المعبدة بأعذب الكلام.
وأشار الرئيس عون إلى أن مقولة “الحقيقة مملة باهتة … الإشاعة جذابة مثيرة”، المنسوبة إلى أحد خبراء التواصل، تجسّد الإشكالية المطروحة اليوم على الإعلاميين والمسؤولين، وتعكس معضلة هذا العصر وزمن الانقلابات في قيمه ومعاييره، حيث لم تعد الحقيقة قيمة مطلقة، وهو ما يُعرف بزمن “ما بعد الحقيقة”. وأكد أن الانتقال من قيمة الإنتاج إلى قيمة الاستهلاك، ومن قيمة العمل إلى قيمة الثمن، ومن قيمة العقل إلى قيمة الجيب، وبالتالي من قيمة الحقيقة إلى قيمة الغريزة، يجعلنا أمام تحدٍ عالمي يتطلب التعايش معه دون الخضوع له والسعي لتغييره في كل لحظة.
وختم الرئيس عون بالتأكيد على أن مسؤولية الإعلاميين هي في الحفاظ على الحقيقة كمرجعية للخبر، والعمل دائمًا من أجل خير الإنسان وخير النظام العام، والتمسك بالقيم الأساسية، والبقاء رسلاً للحقيقة وسط التحولات التكنولوجية الهائلة، مؤكدًا أن هذه المسؤولية تعكس التزام لبنان وقيادته بدعم الإعلام الحر المسؤول، وحماية حرية التعبير بما يضمن المصلحة العامة وكرامة الإنسان.
مواضيع ذات صلة :
الرئيس عون: نعمل على إيجاد حلول لمشاكل القطاع الصناعي | انطلاق الدورة الـ 21 لـ “الملتقى الإعلامي العربي” برعاية الرئيس عون | الرئيس عون استقبل أبو الغيط.. وتأكيد على الثقة بمستقبل لبنان |




