مبادرة مصرية لاحتواء التوتر اللبناني – الإسرائيلي: وساطة لتثبيت الاستقرار ومنع انفجار المنطقة!

في ظلّ تصاعد التوترات الإقليمية وتبدّل موازين القوى في الشرق الأوسط، برزت في الآونة الأخيرة مؤشرات على حراك دبلوماسي تقوده القاهرة، في محاولة لاحتواء التشنج بين لبنان وإسرائيل ومنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة. هذا الحراك، الذي تتقاطع فيه مسارات التواصل بين بيروت وتل أبيب وواشنطن وطهران، يعكس رغبة مصرية في إرساء تسوية تحفظ توازن المصالح وتؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار.
وتأتي هذه التحركات في سياق دور مصري متجدد يسعى إلى تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وتوسيع هامش الوساطة الإقليمية لتشمل الساحة اللبنانية، في وقت تتكثف فيه الاتصالات الدولية لمنع انهيار الهدوء الهش على الحدود الجنوبية. وبينما تراهن القاهرة على دعم واشنطن ورؤيتها للسلام في المنطقة، تبدو بيروت أمام استحقاق وطني ودبلوماسي حساس يتطلب إعادة ترتيب أولوياتها الداخلية وتثبيت سيادتها وفق مقتضيات القرار 1701.
مصر تدعم لبنان
وفي السياق، تحدثت معلومات صحفية عن “حراك على أربع جهات تقوده مصر بين لبنان وتل أبيب وواشنطن وطهران، بهدف الوصول إلى تسوية يريدها “حزب الله” حفظاً لماء الوجه وتريدها إسرائيل مدخلاً إلى اتفاق سلام”. وأفادت المعلومات أنّ “الوساطة المصرية وإن كانت غير مكتملة الملامح، فإنّها ترتكز على ترتيبات أمنية على غرار النموذج السوري، وتركت شكلها المباشر أو غير المباشر إلى الزمان والمكان المناسبين، لكن الأهم في نظر الوسيط المصري وهو يضع صيغته التأسيسية للتسوية، هو التعويل على الموقف الأميركي انطلاقاً من رؤية الرئيس دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، وما إذا كان لبنان ملحوظاً كجزء على الخريطة”.
وبعدما خرج إلى العلن تحرك دبلوماسي مصري بهدف طرح مقاربة جديدة تمنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة، أخذت زيارة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام إلى القاهرة حيزًا واسعًا من المتابعة. وقد التقى سلام وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي، حيث تم البحث في العلاقات الثنائية بين لبنان ومصر، وتطورات الأوضاع في غزة والمنطقة، ولا سيّما المرحلة التي تلت اتفاق غزة وقمّة شرم الشيخ وما رافقها من جهود إقليمية ودولية لتثبيت الاستقرار.
ونوه سلام بالدور المصري المحوري في تثبيت اتفاق غزة ورعاية الجهود الإقليمية من أجل الاستقرار، مؤكدًا أنّ لبنان يسعى إلى الاستفادة من المناخ الإقليمي الجديد لتثبيت وقف الأعمال العدائية. وأشار إلى أنّ الظروف الحالية تشكّل فرصة لإطلاق مرحلة جديدة من التعاون العربي والدولي لدعم الاستقرار في لبنان.
وأكد الوزير عبد العاطي خلال اللقاء حرص مصر على مواصلة التنسيق والتشاور مع لبنان في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وجدّد تأكيد موقف مصر الثابت في دعم سيادة لبنان ووحدته الوطنية، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، ووقف الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة، مشددًا على ضرورة التنفيذ الكامل وغير الانتقائي للقرار 1701. واستعرض الوزير الجهود التي تبذلها مصر لتثبيت اتفاق شرم الشيخ وتنفيذ بنوده بالكامل، تمهيدًا لبدء مرحلة إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار في غزة، مشيرًا إلى التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في القطاع بمشاركة عربية ودولية واسعة.
لقاءات رشاد
توقف المصدر أمام اللقاءات التي عقدها اللواء المصري حسن رشاد، وقال إنه شدد على الأضرار المترتبة على إضاعة الوقت، وأبدى كل استعداد لمساعدة لبنان، لما لمصر من قنوات دبلوماسية، ولأنها تتمتع بعلاقات دولية وعربية تتيح لها الاتصال بكل الفرقاء المعنيين بالوضع اللبناني، ناصحاً في الوقت نفسه بأن تُقدم الدولة على اتخاذ خطوة من شأنها تشجيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتدخل للضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب على غرار ما حصل في غزة في الاجتماع العربي والدولي الذي رعاه هو شخصياً، ويُفترض بأن يؤدي، مهما كانت المعوقات، إلى إنهاء الحرب في القطاع.
وتحدّث اللواء حسن رشاد، بحسب المصدر، عن رغبة مصر بأن تكون شريكاً في إنتاج الحل المؤدي لإنهاء الحرب في الجنوب، مبدياً استعداده للقيام بمبادرة للتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب في جنوب لبنان.
أفكار مصرية
علمت “الشرق الأوسط” أنّ رشاد تداول مع الرؤساء الثلاثة مجموعة من الأفكار التي يمكن اعتمادها وتبنِّيها لتشجيع ترمب للتدخل شخصياً؛ لأنّ عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان، ولا يخدم الجهود لإلزام إسرائيل بالانسحاب، رغم الدور الذي تقوم به لجنة الرقابة الدولية المشرفة على وقف الأعمال العدائية، ومن ثم قد تكون بحاجة إلى رافعة أميركية من العيار الثقيل.
وذكرت المعلومات لـ”اللواء” أنّ حركة الوسيط المصري تشمل التواصل مع واشنطن وإيران وإسرائيل إضافة إلى لبنان، لكن التركيز على الجانب الأميركي علّه ينجح في دفعه إلى الضغط على اسرائيل.
وكانت قد شكلت الاتفاقيات الـ 15 ومذكرات التفاهم المرفقة بها، والتي نجمت عن اجتماعات الدورة العاشرة للجنة العليا اللبنانية المصرية بإشراف مباشر من رئيسي الحكومة في لبنان نواف سلام والمصرية مصطفى مدبولي، حصيلة وافرة، وخطوة في إطار دعم الاستقرار والأمن في لبنان، وتوفير ما يلزم لإعادة الإعمار، بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي إطار السعي المصري للتوصل إلى هدنة ذات ديمومة في الجنوب، وضعت القاهرة الرئيس سلام في أجواء الدور الذي تلعبه القاهرة لمنع بلوغ الحرائق إليه مجدداً، إذا تجددت الحرب الإقليمية – الدولية، وذلك عبر اتصالات تجري مع تل أبيب وواشنطن وطهران، فضلاً عن بيروت.




