الضغوط الدولية تتصاعد: التفاوض خيار لبنان الوحيد لتجنّب الضربة الحتمية!

في جديد المواقف التصعيدية التي تهدف لدفع لبنان نحو التفاوض، اعتبر المبعوث الأميركي توم باراك، أنّ “الحوار هو السبيل الوحيد لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان والجيش الإسرائيلي”.
وفي لقاء مع صحافيين في تركيا، قال باراك: “إنّ رئيس الولايات المتحدة يتصل ببوتين، ويتصل بشي جين بينغ، الرئيس الصيني، أفلا يستطيع الرئيس عون أن يرفع السماعة ويتحدث إلى نتنياهو ويقول له: كفى، لنضع حدًّا لهذا العبث، ولنُنهِ هذه الفوضى؟”.
وفي وقت سابق، أعلن باراك أنّ لبنان دولة فاشلة، في حين كان للموفد الأميركي السابق آموس هوكستين وجهة نظرة مختلفة.
ولدى سؤاله عن رأيه في ما قاله باراك حول كون لبنان “دولة فاشلة”، أجاب هوكستين أن لبنان يعاني بالفعل من مشكلات وتحديات اقتصادية ضخمة، مضيفًا: “عوضًا عن التفكير في أخطائهم، علينا نحن، المجتمع الدولي، أن نقول إنه بعد حرب 2006، كان حزب الله وإيران من قاما بإعادة الإعمار، وإن كنا لا نريد لهما أن يفعلا ذلك، فعلينا نحن أن نتقدّم بأموال ومقاربة حقيقية لإعادة الإعمار. نولي أهمية كبيرة لإعادة الإعمار في غزّة وننظم مؤتمرات ويجب أن نفعل الأمر عينه للبنان”.
وتابع: “يجب أن نبرهن للناس في جنوب لبنان أن المجتمع الدولي لا يظهر فقط عندما يكون هناك قصف، بل أيضًا لإعادة إعمار الطرقات والمزارع وإعادة الكهرباء. فعندما يكون هناك فراغ ما، غالبًا لا يملؤه أناس خيّرون”.
في السياق، نقلت صحيفة “النهار” عن أوساط دبلوماسية مواكبة للمشاورات اللبنانية الجارية بين المسؤولين، معطيات جازمة حيال ضرورة استعجال الدول الوسيطة وضع صيغة تقاوضية يوافق عليها لبنان وإسرائيل، لتجنّب الانزلاق مجددًا إلى خيار التصعيد الحربي.
ولم تقطع هذه الأوساط سلبًا بإمكان أن يتلقى لبنان هذا الأسبوع معطيات مصرية جديدة تتعلق بالموقف الإسرائيلي من التفاوض غير المباشر أو المباشر، علمًا أن الإدارة الأميركية تنشط بدورها لبلورة إطار تفاوضي، ولو أن نبرة الموفد الأميركي توم باراك القاسية حيال لبنان في حديثه الأخير لم تترك أي انطباعات مرنة حيال طبيعة الوساطة الأميركية.
وأُدرج موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون، أمس، بقوله إنه “ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض” في إطار محاولات نزع الذرائع الإسرائيلية في شأن خيارات الدولة اللبنانية واستقطاب التأييد الدولي لموقف لبنان من التفاوض، بما يضغط على إسرائيل لتجنب تصعيد عملياتها في لبنان.
وقد أعلن الرئيس عون “أنه ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض، ففي السياسة هناك ثلاث أدوات للعمل، وهي الدبلوماسية والاقتصادية والحربية. فعندما لا تؤدي بنا الحرب إلى أي نتيجة، ما العمل؟ فنهاية كل حرب في مختلف دول العالم كانت التفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف، بل مع عدو. ولغة التفاوض أهم من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسية التي نعتمدها جميعًا، من الرئيس نبيه بري إلى الرئيس نواف سلام”.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة “اللواء” إنّ كلام الرئيس عون حول التفاوض مرة جديدة يعزز التأكيد ان لبنان حسم أمره في هذا السياق ولفتت الى ان الخيار الذي اطلقه الرئيس عون هو رسالة الى جميع المعنيين وهو ينتظر الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل وحزب الله ويفترض ان تتضح الأجوبة هذا الاسبوع.
وتحدثت المصادر عن جهدٍ يُبذل مع الأميركيين والمصريين في هذا المجال، وكررت القول ان شكل هذا التفاوض وتوقيته يحددان في حينه، واشارت الى ان لبنان قام بما عليه وقد تنطلق مجموعة اتصالات ولقاءات تحت هذا العنوان.
وأبلغت مصادر سياسية صحيفة “نداء الوطن” بأن موقف رئيس الجمهورية من التفاوض ينطوي على احتمال “شراء الوقت تجنبًا للضربة الحتمية”.
وأضافت: “أن الذهاب إلى التفاوض يدخل إلى الاهتمامات والمصالح والأولويات الأميركية، علمًا أن ذلك لا يطوي مطلب تنفيذ الدستور بنزع سلاح “حزب الله” على الرغم من أن الأخير لا يريد نزع سلاحه”.
ورأت أن مصير التفاوض من دون نزع سلاح “الحزب” هو “الحوار للحوار”. وقالت: “تمّ الاتفاق على أن كلمة السر هي التفاوض الذي من خلاله يمكن شراء الوقت حتى إشعار آخر . ويدرك “حزب الله” أن الضربة حتمية، ويمثل التفاوض الوسيلة الوحيدة لتأخير وترحيل هذه الضربة حتى إشعار آخر”.
ولفتت المصادر أخيرًا إلى “تزامن طرح التفاوض مع تحرّكات خارجية يبدو أنها أسدت النصيحة بالتفاوض كي نرى إلى أين ستذهب الأمور”.
وفي خضمّ هذه التجاذبات، يسعى لبنان الرسمي إلى ترميم علاقاته الخارجية عبر انفتاح على المبادرات الفرنسية والأممية، وتأكيد الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية لاستعادة ثقة المانحين. كما يتوازى ذلك مع تحركات الجيش على الساحة الدولية، عبر مشاركته في “حوار المنامة” لتثبيت موقعه كضامن أساسي للاستقرار الداخلي، وكشريك في جهود حفظ الأمن الإقليمي.
الى ذلك، يُعقد اللقاء التنسيقي الأول “نحو إعادة الإعمار” الساعة العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم في “مجمّع نبيه بري” في المصيلح.
ومن المتوقع أن يشارك فيه وزراء المال، الأشغال العامة والنقل، الزراعة، الصحة، البيئة، ونواب ممثلون لكتلتي “التنمية والتحرير” النيابية و”الوفاء للمقاومة”، وممثلون لبعثة البنك الدولي في لبنان، ومنسقية الامم المتحدة في لبنان، وقيادة قوات اليونيفل، وقيادة الجيش، ومنسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في لبنان، وممثلون عن المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، ومجلس الإنماء والإعمار، ومجلس الجنوب، ومحافظا الجنوب والنبطية، ورؤساء اتحادات البلديات في محافظتي الجنوب والنبطية.
وفي مجال آخر، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار وتناول اللقاء عرض لآخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة لا سيما الامنية منها وشؤونًا تشريعية.



 
 
 
			
