لبنان بين مسار التفاوض مع إسرائيل وحملة واشنطن على تمويل “الحزب”

في جديد التطورات العاصفة بالساحة اللبنانية، علمت صحيفة “البناء” أنّ الاتصالات تتواصل على مستوى الرئاسات الثلاث في لبنان للتوصل إلى صيغة توافقية حول إطلاق مسار التفاوض مع إسرائيل. وبحسب المعلومات، يتفق الرؤساء على مبدأ التفاوض غير المباشر عبر لجنة “الميكانيزم”، من دون الحاجة إلى تشكيل لجنة جديدة، مع تمسّك لبنان بعدم رفع مستوى التفاوض من تقني إلى سياسي، ورفضه الانخراط في أي حوار تحت وطأة التصعيد الإسرائيلي.
وفي هذا الإطار، أبلغ رئيس الجمهورية جوزاف عون الأميركيين ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية قبل أي خطوة تفاوضية، فيما يجري مشاورات لاختيار اسم أو اسمين لعضوية لجنة “الميكانيزم”، من بينهم الدكتور بول سالم، من دون حسم نهائي بعد.
وفي موازاة الاتصالات الداخلية، عقد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون محادثات في العاصمة البلغارية صوفيا مع نظيره البلغاري رومين راديف، تلتها جلسة موسعة بين الوفدين اللبناني والبلغاري. وتطرّق البحث إلى تطوير العلاقات الثنائية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، والنقل البحري.
وأوضح الرئيس راديف أنّ بلاده مستعدة لتقديم الدعم في مجالات التعليم الجامعي والعسكري، والصناعة الدفاعية، مشيراً إلى أنّ بلغاريا تعمل حالياً على تطوير المسيّرات والمعدات الإلكترونية الخاصة بحماية الشخصيات.
كما اقترح تشكيل لجان مشتركة لبحث التعاون في هذه المجالات، مؤكداً أنّ بلاده “ستدعم الحوار اللبناني – الأوروبي”، وأنّ لبنان يبقى “شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي وللتنمية في الشرق الأوسط”.
من جهته، شدد الرئيس جوزاف عون على أنّ “مهمة الجيش اللبناني مصيرية في هذه الظروف، لأنه وحده، من دون شريك من خارج الدولة أو من خارج لبنان، عليه أن يبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي والحدود، ويفرض سيادتها الكاملة، بحيث تتوقف الغارات الإسرائيلية وتنسحب إسرائيل من النقاط التي لا تزال تنتشر فيها داخل لبنان”.
وأضاف: “هذا يجب أن يترافق مع مسار تفاوضي نعتبره السبيل الوحيد لتحقيق أهدافنا الوطنية ومصلحتنا العليا، تماماً كما فاوض لبنان سابقاً أكثر من عشر مرات، وآخرها بين عامي 2020 و2022 لإنجاز الترسيم البحري مع إسرائيل، وفي تشرين الثاني الماضي لوقف الغارات وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية”.
في موازاة ذلك، واصل وفد وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، برئاسة نائب مساعد الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب سيباستيان غوركا، زيارته إلى بيروت، حيث التقى رئيس الحكومة نواف سلام الذي أكد التزام حكومته “استكمال مسيرة الإصلاح وإعادة بناء مؤسسات الدولة وترسيخ سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية”.
وفي منشور لافت، كتب غوركا: “الرئيس جوزاف عون هو الزعيم المسيحي للدولة اللبنانية المتعددة الطوائف. لقد كان شرفاً كبيراً لي أن ألتقيه مجدداً مع جون هيرلي بعد 17 عاماً، حين كان مجرد عقيد في الجيش اللبناني وأحد طلابي في جامعة سيدة اللويزة. لقد قطع شوطاً طويلاً، واليوم هو في موقع يمكّنه من المساهمة في تحقيق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، في إطار اتفاقات أبراهام الموسّعة. لقد عانى لبنان طويلاً تحت النفوذ الشرير لإيران”.
وفي سياق متصل، نقلت وكالة فرانس برس عن مصدر لبناني أنّ الوفد الأميركي الذي يزور بيروت لمناقشة سبل تجفيف مصادر تمويل “حزب الله”، وجّه رسالة “حازمة وواضحة” إلى المسؤولين اللبنانيين، طالبهم فيها بـ”أفعال حقيقية قبل نهاية العام”، داعياً إلى مكافحة تبييض الأموال، إنهاء الاقتصاد النقدي، وإغلاق مؤسسات مالية تابعة للحزب، أبرزها “القرض الحسن”.
ورأت أوساط سياسية بارزة عبر صحيفة “نداء الوطن” أنّ المشهد اللبناني يسير اليوم على ثلاثة مسارات متوازية:
* المسار المالي: جولة وفد الخزانة الأميركية لتجفيف مصادر تمويل “حزب الله”، بما يعكس قراراً أميركياً واضحاً بالمضيّ حتى النهاية في تطويق الحزب مالياً، وسط معلومات تشير إلى أنّ واشنطن ترصد مليارات الدولارات التي تدفّقت عبر شبكات مموّلة للحزب.
* المسار الدبلوماسي: انطلاق التفاوض غير المباشر مع إسرائيل برعاية أميركية، بعد موافقة رسمية من الرئيس جوزاف عون، على أن يأخذ هذا المسار مداه التفاوضي وصولاً إلى حلول عملية للملفات الحدودية.
* المسار العسكري: استمرار إسرائيل في سياسة التطويق الميداني والضربات المحدودة في الجنوب، في محاولة للضغط على “حزب الله” وفرض توازن جديد قبيل أي تسوية مقبلة.




