سيول تعيق الطرق وانقطاع في الكهرباء… وتحذيرات من تفاقم الأوضاع!

مع اشتداد تأثير المنخفض الجوي الذي يضرب لبنان منذ ليل أمس، بدأت تداعيات العاصفة تظهر بوضوح على البنى التحتية وشبكات الكهرباء والمياه، مسجّلة أضراراً واسعة في عدد من المناطق. فقد أدت صاعقة رعدية قوية إلى تعطّل محطة كهرباء أساسية في النبطية، ما أغرق عشرات البلدات في العتمة، فيما حذّرت جهات مختصّة من أخطار كبيرة تهدد الأبنية المتضررة والقديمة في ظل السيول المتزايدة. وعلى خطّ موازٍ، تدخلت وزارة الأشغال لفتح الطرق التي غمرتها المياه ليلاً، في وقت يستمر التحذير من تفاقم الأوضاع مع تواصل المنخفض الجوي في الساعات المقبلة.
وفي التفاصيل، أدّت عاصفة رعدية ضربت بعيد منتصف الليلة الماضية محطة كهرباء النبطية عند دوار كفررمان إلى خروج محولي رقم 1 و2 من الخدمة تماماً، جراء الأضرار الفادحة التي سببتها العاصفة الرعدية بشكل مباشر فيهما، الأمر الذي تسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن 30 بلدة في قضاء النبطية تتغذى من المحطة المتضررة، إضافة إلى توقف خط الخدمات أو ما يعرف بخط الـ 24 الذي يغذي الآبار الجوفية ومستشفيات المنطقة، مما سيتسبب بانقطاع المياه عن بلدات في قضاء النبطية.
وباشرت فرق الصيانة بإجراء مسح للأضرار التي أصيبت بها المحطة، على أن يبدأ العمل بإصلاحها صباح الإثنين المقبل بمؤازرة فرق مختصة من بيروت، وبذلك سيغيب التيار الكهربائي عن بلدات قضاء النبطية لحين إعادة العمل بالمحولين المتضررين في محطة دوار كفررمان.
آلاف المباني مهدّدة
بدورها حذّرت الهيئة اللبنانية للعقارات من “التأثيرات الخطيرة للسيول على الأبنية المتضررة والقديمة، والتي تتأثر بدرجات متفاوتة تبعاً لشدّة السيل، وطبيعة التربة، ونوعية البناء”، مذكّرة بأن “ملف الأبنية المتضررة—سواء نتيجة الحرب أو تفجير المرفأ أو العوامل الطبيعية من هزّات أرضية وزلازل—لا يزال يشكّل خطراً حقيقياً على عدد كبير من المناطق”.
وأوضحت الهيئة في بيان أنّ “التأثير المباشر للسيول يظهر في تآكل التربة المحيطة بالأساسات، إذ يؤدي تدفّق المياه إلى انجراف التربة الداعمة للمبنى، ما قد يتسبّب بهبوط أو تشقّقات في الجدران. كذلك، فإنّ تجمّع المياه حول الأبنية يفرض ضغطاً جانبياً على الجدران قد يؤدي، في الحالات الشديدة، إلى انحنائها أو انهيارها، وهي ظواهر يُتوقّع للأسف أن تظهر في عدد من مناطق الجنوب، إضافة إلى الضاحية الجنوبية وبعلبك والهرمل”.
وأشارت إلى “خطورة تسرّب المياه داخل مواد البناء، إذ يؤدي ذلك إلى ضعف الخرسانة، وانتفاخ المواد الإسمنتية، وصدأ حديد التسليح داخل الجدران والأعمدة. وتزداد المخاطر في الأبنية القديمة أو التراثية التي لم تخضع للصيانة، سواء نتيجة قوانين الإيجارات أو خضوعها لشروط ومعايير صارمة تُشرف عليها مديرية الآثار ووزارة الثقافة”.
وأضافت أن “الأبنية المهدّدة بالانهيار قد تعيق أيضاً البنية التحتية المحيطة وتعرقل المرافق العامة وحياة السكان، مثل انهيار الطرق، وانسداد المجاري، أو تضرّر شبكات المياه والصرف الصحي، ما يرفع مستوى الخطر”. ولفتت إلى أنّ “تأثير السيول لن يقتصر على الطرق، بل سيمتد إلى الأبنية المتضررة وغير المُعالجة، خصوصاً تلك التي تحمل أضراراً مسبقة—even وإن كانت بسيطة—إذ تصبح أكثر عرضة لتفاقم التشقّقات التي تسمح بتسرّب المياه إلى العناصر الإنشائية، ما يُسرّع التآكل ويُضعف صلابة الخرسانة، ويُسرّع صدأ الحديد المكشوف أو الضعيف”.
وحذّرت الهيئة من أن “زيادة تآكل التربة قد تؤدي إلى هبوط إضافي في المبنى، بما قد يتسبّب بميل أو انهيار جزئي، كما قد ينهار أي جزء ضعيف أو غير مُعالَج—كسقف متشقّق أو جدار متهالك أو عمود ضعيف—عند تعرّضه لقوة المياه المتحركة”.
وختمت مؤكدة أن واقع الأبنية المتضررة ووتيرة أعمال الصيانة والترميم لا يزالان يسيران ببطء شديد، ما ينعكس سلباً على السلامة العامة، داعية إلى التحرك السريع والجدي عبر تسريع صيانة الريغارات وقنوات تصريف المياه ودعم الأبنية القابلة للترميم والتدعيم، تمهيداً للإعمار وحماية الأرواح والممتلكات وضمان عودة السكان إلى منازلهم بأمان.
فتح طريق الرحاب
وقد تدخّلت فرق وزارة الأشغال العامة والنقل خلال ساعات الليل لمعالجة التجمعات المائية في منطقة الرحاب، بعد ورود بلاغات عن ارتفاع منسوب المياه في جزء من الطريق.
وعند وصول الفرق الفنيّة، تبيّن أنّ السبب الوحيد لهذه التجمعات هو انسداد فوهات تصريف الأمطار بالنفايات المرمية عشوائيًا، وهو انسدادٌ سطحي غير مرتبط بالقساطل أو بالبنية التحتيّة. وبالتالي، لم تستدعِ الحالة استخدام مكنات الضغط، واقتصر التدخل على رفع النفايات وفتح الفوهات يدويًا.
وبفضل الاستجابة السريعة، أُعيد فتح الطريق بالكامل خلال أقل من 30 دقيقة، ما سمح بانحسار المياه وعودة حركة السير فورًا. وتتوجّه الوزارة بالشكر إلى المتعهّدين على حضورهم الفوري وتعاملهم المهني والمسؤول مع الحالة خلال ساعات الليل.
وأكدت وزارة الأشغال العامة والنقل أنّ فرقها الميدانية في حالة جهوزية تامة وعلى مدار الساعة (24/7)، وهي منتشرة ومستنفرة للتدخل الفوري في جميع المناطق لمعالجة أي تجمعات مائية محتملة خلال المنخفضات الجويّة.
كما أكدت أنّ مواجهة تجمّعات مياه الأمطار هي مسؤولية مشتركة تستوجب تعاونًا مستمرًا بين الدولة والبلديات والمواطنين.
ولفتت في هذا الإطار إلى أنّ منطقة بيروت الإدارية تقع ضمن نطاق مسؤولية بلدية بيروت وليس ضمن صلاحيات الوزارة المباشرة، إلا أنّ وزارة الأشغال العامة والنقل تبقى جاهزة لتقديم الدعم والمساندة عند الحاجة. ولذلك، تدعو الوزارة إلى تعزيز المتابعة والتنسيق، ولا سيّما في العاصمة، لضمان جهوزية شوارع بيروت خلال العواصف المقبلة واستباق أي تجمّعات محتملة.




