الرئيس عون: لتوطيد الحضور المسيحي في الشرق ليكون فاعلًا ومؤثرًا وثابتًا

لبنان 11 كانون الأول, 2025

أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون “أن زيارة الأب الأقدس لاوون الرابع عشر لم تكن لكنيسة لبنان أو للبنانيين فحسب، بل لكافة مسيحيي الشرق الذين هم أبناء هذه الأرض التي يتجسّدون فيها. ودعا وفد مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي استقبله، قبل ظهر اليوم، في قصر بعبدا، إلى العمل ليكون الحضور المسيحي في الشرق فاعلًا ومؤثرًا وثابتًا في خدمة قضية الإنسان وحاضر الإنسانية ومستقبلها”.
في مستهل اللقاء، ألقى بطريرك كرسي كيليكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كلمة، قال فيها :”نعبر لفخامتكم عن فرحتنا بوجودنا في هذا القصر الكريم، لنقدم لكم اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وسيتحدث البروفيسور ميشال عبس الأمين العام للمجلس”.

ثم ألقى أمين عام مجلس كنائس الشرق الأوسط البروفيسور ميشال عبس كلمةً، توجّه فيها الى الرئيس عون : “كما وعدنا وفينا وكما وعدت وفيت، والامر ليس بغريب عنك. لقد وعدناك يوم زرناك منذ بضعة اشهر بأن نعود إليك مع قيادات مجلس كنائس الشرق الأوسط، الرؤساء واللجنة التنفيذية، وها قد عدنا إليك، ووعدتنا يوم زرناك بأنك سوف تستقبل وفد المجلس عندما تلتئم قياداته في لبنان، وها قد استقبلتنا على الرغم من أن هذه الفترة من السنة تكون شديدة الازدحام بالمواعيد، في قلب موسم المجيء، والبشرية برمتها تترقّب مجيء طفل المغارة الفادي المخلص”.
أضاف :”لقد أردنا ان تأتيك كامل قيادة المجلس، من أجل ان تتعرف إلى ممثلي كنائس الشرق الأوسط ومن أجل ان تتعرف إليهم، الأعضاء الحاضرون هنا، أصحاب الغبطة والنيافة والسيادة وحضرات القسس والآباء المحترمين، يمثلون جلّ مسيحيي الشرق الأوسط الذي يعيش مخاضًا تلو الآخر، ولم يخرج من نفقه بعد. هم مندوبو واحد وعشرين كنيسةً موزعةً بين أربع عائلات كنسية حسب لاهوتها”.
وتابع :”قيادات المجلس تحمل قيم وتاريخ وثقافة كنائسها، ولكنّها تحمل أيضًا القيم المسكونية، أي قيم الانفتاح والحوار واحترام التمايز. هي قيادات اعتنقت المسكونية منذ زمن ليس بقليل وتفانت في العمل بموجبها ومن أجلها. هي قيادات تعي تمامًا تنوّعها، ولكنها تحياه من ضمن وحدة الروح والعقيدة. هي قيادات مسيحية مؤمنة وصلبة في إيمانها، تحمله على الرغم من الصعوبات والآلام، ولكن إيمانها هذا، كما ذكرت لكم في الزيارة الأولى، ليس موجّهًا ضد الغير، بل مع الغير ومن أجل الغير. هذه القيادات والمؤسسات الكنسية التي تقودها، هي ضمان لمجتمعاتها، أكان على الصعيد الكنسي أم على الصعيد الوطني. هم يحملون هموم أوطانهم كما كل مواطن صالح ومتفانٍ في خدمة وطنه”.
واستطرد عبس :”لقد قدمت هذه القيادات الكنسية الجزيلة الاحترام إلى لبنان لعقد اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، التي هي عضو فيها، وهي السلطة العليا في المجلس، تتخذ له القرارات التي تؤول إلى حسن سير أعماله وخدمة الكنيسة والمجتمع بشكل أفضل. هذه اللجنة التنفيذية منبثقة عن جمعية عامة تنتخبها وتسلمها مهامها في التخطيط والمراقبة.
هذه القيادات الحاضرة هنا تكنّ أسمى مشاعر المحبة للبنان وتعتبره وكأنه بلدها الأساس. كل مسيحي في المنطقة، وأكاد أقول العديد من المسلمين في محيطنا العربي، يعتبرون لبنان قبلة أنظارهم ويتوقون إما إلى المجيء إليه، أو إلى الاستقرار فيه”.
وأردف: “لبنان يا فخامة الرئيس، موئل الحريات والحوار والتفاعل، لم يبطل يومًا ان يكون الرمز والنموذج الذي تتطلع اليه الشعوب، وذلك على الرغم من كل ما مرّ عليه من أزمات وكل ما أصابه من ملمات. هو كون مصغر وما يصح فيه يمكن تعميمه على المعمورة. إنه فعلًا الوطن الرسالة”.
وأكمل: “المجلس مرخص في لبنان، كمؤسسة اهلية مدنية، ولكنه عمليا مؤسسة قائمة على المعتقد (FBO)، ويقوم بما يقوم به من اعمال في مجال الخدمة الدينية والاجتماعية انطلاقًا من الإيمان المسيحي الذي يجمعنا. هو الهيئة الإقليمية المسكونية في الشرق الأوسط.
والمجلس أيضا هو من رواد الحوار المسيحي – الإسلامي في هذه المنطقة، وهو من المدافعين عن حقوق الانسان وعن الحريات، المسؤولة طبعًا، وكان اول من ناصر الفلسطينيين في محنتهم التي لم تنتهِ بعد والتي تأخذ مناحي خطيرة في المرحلة الحالية. منذ النكبة يقدم المجلس، وما زال، كافة أنواع الخدمات التنموية لمشردي فلسطين ويناصر قضيتهم في كل أصقاع المعمورة. لقد عمل المجلس أيضًا مع كافة المشردين الذين وردوا إلى لبنان وبعض دول الشرق الأوسط، بالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة والهيئات الدولية المعنية.
أمّا اليوم فإن نشاطاته تشمل التنمية، والتربية، والشباب والقيادة، والعمال النازحين، والبيئة، والحوار، ولجم خطاب الكراهية الذي يقود إلى أبلسة الجماعات المكونة للوطن لبعضها البعض، كما انه يشكل جسر تواصل بين المنطقة والهيئات المسكونية الدولية، ينقل اليها معاناتنا ويتشارك معها تطلعاتنا، وقد شكلت هذه الهيئات، عبر عقود من الشراكة الروحية والمؤسسية، خير رسول لقضايانا”.
وقال عبس :”كنائسنا في المنطقة يا فخامة الرئيس هي بيوت للناس، كما هي منارات تشع في محيطها محبة وثقافة، وهي قبلة انظار شعوبها، اكان في مواقفها الاجتماعية والوطنية ام في مؤسساتها التي تقدم للمجتمع شتى أنواع السند والدعم عبر خدماتها المتنوعة. كنائسنا ونحن، نعمل بفلس الارملة، حيث إن الموارد المتوفرة للقيام بالواجب المطلوب قليلة، لذلك نحاول ان نكون الحصى التي تسند الخابية، علمًا ان حجم الحاجات في مجتمعاتنا يتطلب إمكانات لا تستطيع تأمينها سوى الدول، لان الازمات التي تعصف بنا تترك وراءها كوارث وتعيدنا الى المربع الأول مهما تقدمنا.
كنائسنا تنشد الاستقرار الذي تفتقر اليه المنطقة والذي يعتبر الشرط الأساس للنمو والازدهار، وتاليًا لرفاه الشعوب وتقدمها، لذلك نتطلع بالكثير من الامل والرجاء الى لبنان مستقر يسير بخطى اكيدة نحو استقرار ثابت يفتح له آفاق مستقبلية واعدة. لقد شكلت زيارة الحبر الأعظم الى لبنان احدى علامات ومحطات الرجاء التي يحتاجها لبنان”.
وختم عبس: إننا، اذ نشكر لكم تكريس وقت لاستقبالنا على الرغم من ازدحام المواعيد لديكم، نقدم لكم كتابين، واحد حول توحيد عيد القيامة، والآخر يشمل وقائع الندوات التي اقمناها على مدى ثلاث سنوات حول الكرامة الإنسانية، متمنين ان يكون لبنان في عهدكم وطن كرامة الانسان. والله ولي التوفيق ويده مع الجماعة”.

وتحدث القس الدكتور بول هايدوستيان باسم الكنائس الإنجيلية فقال: “إن لبنان يستضيف مكاتب المجلس، وهذا يجسد دوره المهم على صعيد المنطقة بأسرها بالنسبة الى المسيحيين من مختلف الطوائف ورسالتهم في محيطهم والعالم. إن عملنا حواري، كنسي، وديني لكننا نعتبر أنفسنا في لبنان حاملين إضافة الى ذلك، رسالة التأكيد على الكرامة الإنسانية، وقيمة الإنسان، وهو جزء اساسي من دور لبنان. ونحن نعمل على هذا الإتجاه لخلاص الإنسان ككل”.

وتحدث القس داماسكينوس الأزرعي عن العائلة الأرثوذكسية الشرقية وأقباط مصر، فقال: “إننا نتقدم من فخامتكم بأطيب عبارات الشكر لاستقبالكم لنا. ونحن هنا حاملين محبةً كبيرةً لكم، الأمر الذي يعطينا دفعا قويا لنعمل أكثر ونقدم أكثر من رجاء دؤوب إكرامًا للإنسانية والإنسان، بقطع النظر عن الانتماء للدين والجنس واللغة وغيره”.

وتحدث الأب يوانيس نيكولاو عن كنيسة الروم الأرثوذكس في قبرص، فقال: “يسعدني ان أكون هنا، لأؤكد على مدى ارتباط كنيسة قبرص في هذا المجلس الذي تم تأسيسه فيها في العام 1974، وكنيستنا القبرصية تعمق علاقات الأخوة مع الكنيسة المارونية في الجزيرة، تعبيرًا عن شهادتنا المشتركة لخدمة الإنسان. ونحن هنا اليوم لنعمق اكثر علاقات الأخوة التي تجمعنا ضمن الاحترام والتضامن المتبادلين في ما بيننا جميعا”.

الرئيس عون
ورد الرئيس عون مرحبًا بالوفد، ومذكرًا بأنه في كلمتيه سواء في الأمم المتحدة او في استقبال قداسة الحبر الأعظم لاوون الرابع عشر في قصر بعبدا، كان هناك تشديد على أهمية الحفاظ على حرية الإنسان وكرامته كحق مقدس، والأديان تجمعنا حول هاتين القيمتين. لكن للأسف، البعض شوه الدين حين لجأ الى استخدامه لأهداف سياسية او التحريض على الخلافات الطائفية والمذهبية تنفيذًا لأهداف سياسية.”
أضاف: “إن وجودكم مهم لتكون هناك رسالة موحدة لصالح خير الإنسان، خصوصًا في منطقتنا نتيجة ما تعاني منه. ولا شك أن زيارة الأب الأقدس لم تكن لكنيسة لبنان او للبنانيين فحسب، بل لكافة مسيحيي الشرق الذين ليسوا مجرد أعداد او نسب مئوية، بل هم أبناء هذه الأرض التي يتجسّدون فيها. وقد لاقاه اللبنانيون، تحت هطول المطر من الضاحية الى قصر بعبدا وقمة عنايا، في كافة المناطق ومن كل من كل الانتماءات والطوائف والاطياف. هذه صورة لبنان الحقيقية، وصورة الشرق. وقد سبق لي وذكرت أنه إذا ما فُقد المسيحي من الشرق او لبنان، فُقدت صورة الانسانية ككل”.
وقال: “إن رسالتكم توطيد الحضور المسيحي في الشرق ليكون فاعلًا ومؤثرًا، راسخًا وثابتًا، في خدمة قضية الإنسان وحاضر الإنسانية ومستقبلها. من هنا فإن دوركم كمجلس أساسي هو استعادة الدور المسيحي في الشرق بشكل فاعل أكثر، كما ان مساهمتكم في دعم الإيمان وجعله محورًا هادفًا أمر في غاية الأهمية، ما يجذر المسيحيين أكثر فأكثر في مناطقهم. يكفينا النزف البشري في الشرق ككل وليس فقط في لبنان”.
وختم الرئيس عون: “علينا الإفادة من زيارة قداسة البابا للبنان والمنطقة، والبناء عليها لخدمة كل المنطقة المعذبة لما يحدث، كي لا يتبدّد الجو العام الذي ساد نتيجة الزيارة. وكلنا امل ان ندرك جميعًا ومعًا ابعاد هذه الزيارة للبناء عليها من اجل كرامة الإنسان.”

وضم الوفد الى البطريرك ميناسيان والأمين العام البروفيسور ميشال عبس كلًا من: المطران هرمينا (الكنيسة الارثوذكسية القبطية في مصر)، المطران كليموس دانيال كورية (السريان الأرثوذكس – لبنان)، المطران نيقوديموس داوود شرف (السريان الأرثوذكس – العراق)، الدكتور جان سلمانيان (الأرمن الأرثوذكس- لبنان)، المطران تيموثاوس متى الخوري (السريان الأرثوذكس، سوريا)، الأرشمندريت سركيس ابراهاميان (الأرمن الأرثوذكس، لبنان)، المطران انطونيوس الصوري (الروم الأرثوذكس الانطاكيون، لبنان)، الاسقف دماسكينوس الازرعي (الروم الأرثوذكس، الإسكندرية، مصر)، الأب يوانيس نيكولاو (الروم الأرثوذكس، قبرص)، الدكتور عودة قواس (الروم الأرثوذكس في القدس، الأردن)، الاسقف موسى الخصي (الروم الأرثوذكس الانطاكيون، سوريا)، السيد مايكل سبيرو (الروم الأرثوذكس في قبرص)، القس الدكتور بول هايدوستيان (الأرمن الانجيليون، لبنان)، الاسقف سني إبراهيم تشارلي عازر (اللوثريون، فلسطين والأردن)، القس نادي لبيب (سينودس النيل الانجيليون، مصر)، المطران جوزف معوض (الموارنة، لبنان)، المونسنيور حبيب مراد (السريان الكاثوليك، لبنان)، الأب رفعت بدر (اللاتين، الأردن)، البروفيسور إبراهيم طرابلسي (الملكيون الكاثوليك، لبنان)، المطران توماس عدلي (الاقباط الكاثوليك، مصر)، والقس رفعت فكري (الأمين العام المشارك للمجلس).

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us