الراعي: لا سلام في المنطقة الا عندما يحصل في لبنان

اكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي انه “لن يكون هناك سلام في المنطقه الا عندما يحصل السلام في لبنان”.
من جهته، شدد مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد طارق امام على أن “الذين يرفعون شعارات مذهبية أو دينية تجاه الآخرين هم مخطئون ويمشون عكس التاريخ”.
البطريرك الراعي والمفتي امام كانا يتحدثان في خلال مأدبة غداء اقامتها دار الفتوى في طرابلس والشمال في مبنى نقابة المهندسين في طرابلس، في ختام الزيارة التي قام بها البطريرك الراعي لمدينة طرابلس والتي تخللتها زياره لدار الفتوى في المدينة.
والقى المفتي امام كلمة قال فيها: “لن تنسى طرابلس لغبطتكم يوم فاجأتم الجميع بدخولكم قاعة العزاء المقامة في المعرض يومها للشهداء ضحايا التفجير الآثم لمسجدي التقوى والسلام، حيث قمتم بمواساة الأهالي ومشاركة المواطنين مصابهم، وغمرتم أهل طرابلس بأنبل مشاعر الود، ونشرتم من كنف محبتكم ظلال التلاحم في الألم، والاحتضان في المعاناة، والتماسك في المآسي، تلك المآسي التي قلما سلمت منها منطقة في لبنان”.
اضاف: “إن نهجكم هذا هو نهج طرابلس الأصيل في الانفتاح والاحتضان والتماسك، إنه نهج المودة والتشارك في السراء والضراء، وهو نهج الإرادة المخلصة للخروج من المعاناة المستمرة للبنانيين، بالعمل بإخلاص لبناء مؤسسات تدير مفاصل الدولة، مؤسسات قائمة على الشفافية والاختصاص وتكافؤ الفرص والكفاءة، يؤطرها النظام ويضبطها الانتظام، وتحقق الإنماء المتوازن، وتلتفت بصدق إلى التنمية، إن لبنان يحتاج إلى رجال مخلصين يخططون بصدق لاستثمار الطاقات البشرية التي يزخر بها لبنان، واستثمار الخيرات والموارد الكبيرة التي حباها الخالق لهذا الوطن الجميل في بره وبحره، ومن شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه”.
وتابع: “لعلنا جميعاً متفقون أنه لم يكن الصراع يوماً في لبنان على خلفية دينية أو طائفية أو مذهبية، ولم تكن أزمة لبنان بسبب دين أو مذهب، والدليل الانقسام الحاد حتى بين أبناء الطائفة الواحدة والمذهب الواحد، لذلك فالذين يرفعون شعارات مذهبية أو دينية تجاه الآخرين هم مخطئون ويسيرون عكس التاريخ، ونهجهم هذا نتيجته التدمير وليس البناء” .
واردف: “إن المرجعيات الروحية مثل بكركي ودار الفتوى في الجمهورية اللبنانية (وبالمناسبة صاحب السماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان يهديكم تحياته ويبارك لقاءنا هذا) إن المرجعيات الروحية كانت دوماً عامل وعي وتماسك للبنانيين، وكانت النموذج الذي يثبت اللحمة ويرسخ الوحدة وينشر المحبة، ومنها تصدر المواقف الوطنية في الأزمات والاختلافات والانقسامات، لذلك يتطلع اللبنانيون إلى الصورة المشرقة التي تجسدها المرجعيات الروحية دائماً في التوجه إلى إنسانية الإنسان وعدالة الوطن وكرامة المواطن. والمرجعيات الروحية وغبطتكم بشكل خاص يشكلون دائماً مصدر تفاؤل ومساحة إيجابية تنشر الرجاء والأمل إذا ما تلبد الأفق وتسارعت التغيرات من حولنا، حيث يقلق كثيرون ويتخوفون، ولكن مرجعياتنا وغبطتكم تبددون كل قلق وتخوُّف بحكمتكم وبُعد نظركم وتتلقفون المنحى الإيجابي والاستبشار بالخير والأفضل للبنان واللبنانيين بكل طوائفهم، مهما كان التبدل أو التغير إقليمياً أو غيره” .
وختم المفتي امام: “أهلاً وسهلاً بغبطتكم في طرابلس، طرابلس النسيج العائلي والروح الأخوية والحرية الدينية والتراث العريق المتنوع. عشتم أيها الأعزاء وعاش وطننا الغالي”.
الراعي
من جهته، قال البطر يرك الراعي: “مدينتكم العريقة والكريمة والتاريخية لها سلام وتحية من القلب ولسيادة المطران يوسف سويف و المطران النائب البطريركي العام يوحنا علوان وسلام الى طرابلس مدينة السلام ومدينة العلم والسياسة”.
اضاف: “إن هذه المناسبة الجميلة مناسبة تاريخية لانها محفورة في القلب، محفورة في الخاطر، لن انساها ولا يمكن ان انساها، لانها تترك اثرا كبيرا في النفس وفي القلب وفي الخاطر، ان طرابلس هي الوطن العريق والذي في كل مرة استهدفه الشواذ قمتم صفا واحدا، لكي تبينوا ان طرابلس وطن واحد متنوع بالمحبة وان مدينتكم تريد ان تكون دائما مدينة القيم والعلم ومدينة الثقافة ومدينة السياسة”.
وتابع: “لقد اعطت طرابلس الوطن دائما رسالة علم وسياسة في كل جيل، وانا احييهم جميعا، حاضرين معنا وغائبين، هذه ميزة هذه المدينة الجميلة الرائعة بجمالها الطبيعي وبجمال شعبها” .
وشكر الراعي مفتي الشمال الشيخ محمد امام على الكلمة “اللطيفة المعبرة والواسعة، شكرا لك اخي سماحة الشيخ، شكرا لمحبتك وشكرا لهذه الدعوة التي وجهتها الي والى اسرة رعية الابرشية”.
كما شكر لنقابة المهندسين استضافته في هذه القاعة الفسيحة الجميلة، ولدار الفتوى الدعوة لهذا اللقاء.
وقال الراعي: “ما أحمله معي المحبة والتقدير لهذه المدينة الجميلة، مع شيء من الحسد، ولكن الحسد المقدس كما نسميه، لاننا لا نجد مثيلا لكم في كل مكان، ولا يمكننا ان نكون مثلكم في كل مكان، يمكننا ان نتشبه معكم وفيكم، وان نستفيد من عيشتكم، سبحان الله فاننا عندما نتنقل في طرابلس انما ندخل الى بيتنا، ندخل الى بلدتنا وهذا ما نشعر به وانا اشاهد البسمة على الوجه وحسن اللقاء والكلام الجميل والرائع” .
ووجه البطريرك الماروني “تحية خاصة الى الذي حفظ هذه الروح، عنيت به الشيخ مالك شعار، الذي حافظ ويحافظ على هذه الروابط الجميلة بين البطريركية المارونية وطرابلس، من خلال لقاءات الديمان، وهي لقاءات سنوية جميلة نجدد فيها من خلال كلماته التي تخرج من القلب وتقع في القلب، نجدد هذه العلاقة بين البطريركيه المارونية وطرابلس”.
وقال البطريرك الراعي: “لقد عشنا جميعنا سويا فرح استقبال قداسة البابا لاوون الرابع عشر، وشعرنا ان هناك شيئا تغير، تغير فينا فرحا، وهناك امر تغير في لبنان، فأنتم تعلمون انه مع نهاية زيارة قداسة البابا استجد امر جديد، لقد وقفت الحرب التي كنا نخاف ان تحصل قبل زيارة البابا، وكان الجميع يتحدث عن الحرب ويقرعون طبولها، واذ دخلت علينا لغة السلام ولغة المفاوضات ونحن نصلي ونتأمل معكم. ان هذه المرحلة تستمر ونصل الى اليوم الذي يعلن فيه السلام للبنان، سلام للبنان وسلام للمنطقة بأسرها، نعم لبنان صغير ولكنه ارض السلام، والسلام في لبنان هو سلام في كل المنطقة، انه كلام جريء ولكنه كلام صحيح، فلن يكون هناك سلام في المنطقة الا عندما يحصل السلام في لبنان”.
واكد ان “السلام كل واحد منا مسؤول عنه، نحن اليوم في لبنان في تحدي ان نتكلم لغة السلام، وخاصة اننا في طرابلس لا يمكننا ان نتحدث الا بلغة السلام، فهذه هي طرابلس، لذلك في طرابلس نريد ان نمشي طريق السلام بأمل. السلام كما ردد قداسة البابا لاوون، السلام ممكن، نعم فنحن قادرون على ان نعيشه سويا كما ان وجودكم هو وجود سلام”.
وتابع البطريرك الراعي: “نحن جئنا الى طرابلس اليوم، حتى نحتفل مع الطائفة المارونية والمطران يوسف سويف بنهاية وختام يوبيل الرجاء الذي عاشته الابرشية، والذي استعاد ذكره البابا فرنسيس، وكنا ايضا في احتفال اخر وهو الاحتفال ب 25 سنه و50 سنه للكهنة والرهبان، وفي هذا الظرف اقول لسياده الاخ المطران يوسف سويف مبروك لك اليوبيل الذهبي للابرشية، ولكن نحن نأتي الى الابرشية المارونية وننهي جولتنا في نقابة المهندسين مع العائلة لطرابلسية الإسلامية المسيحية، ولا تكتمل فرحتنا يوبيل ويوبيل ويوبيل الا بكلمة فرح، ولا تكتمل الفرحة الا معكم الا بطرابلس، ونحن كنا نتمنى ان يكون الوقت اطول، ولكن دائما الاوقات الجميلة تنتهي سريعا، ولكن علينا ان نبقى بذات الزخم وان نعيش السلام ونفرح بالسلام وان نكون جميعا بيوبيل فرح”.
مواضيع ذات صلة :
الراعي تابع مع زواره شؤوناً عامة وكنسيّة | الراعي من بعبدا: لا أخشى الحرب بعد الآن لأنّ اللغة اليوم أصبحت الديبلوماسية والتفاوض | الراعي استقبل بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك وحاكم مصرف لبنان |




