الشرق الأوسط أمام مفترق إقليمي: لقاء مرتقب بين ترامب ونتنياهو قد يُعيد رسم خرائط النفوذ من لبنان إلى غزّة وإيران

لبنان 26 كانون الأول, 2025

في ظلّ تحوّلات إقليمية متسارعة وتصاعد منسوب التوتّر على أكثر من جبهة، تتجه الأنظار إلى اللقاء المرتقب بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، باعتباره محطةً مفصليةً قد ترسم ملامح مرحلة جديدة في الشرق الأوسط، حيث تتقاطع الملفات الأمنية والعسكرية مع الحسابات السياسية والاقتصادية، وسط مخاوف من انتقال المنطقة من سياسة الاحتواء إلى فرض وقائع استراتيجية بالقوة.

ففي توقيت إقليمي بالغ الدقة، يستعد نتنياهو للقاء الرئيس الأميركي في الولايات المتحدة خلال الفترة الممتدة بين 29 كانون الأول 2025 و4 كانون الثاني 2026، في خامس اجتماع بينهما منذ انطلاق الولاية الرئاسية الثانية لترامب.

ويأتي هذا اللقاء بعيدًا عن الصيغة البروتوكولية التقليدية، إذ يُنظر إليه بوصفه محطة مفصلية لإعادة رسم أولويات الأمن الإقليمي، من غزّة إلى لبنان، مرورًا بالعراق وسوريا، وصولًا إلى إيران، وسط مؤشرات متزايدة إلى انتقال واشنطن وتل أبيب من سياسة إدارة الأزمات إلى فرض وقائع استراتيجية جديدة على امتداد المنطقة.

وبحسب معطيات متقاطعة، سيبحث الطرفان الخطوات التالية ضمن ما يُسمّى “خطة السلام الأميركية” الخاصة بقطاع غزّة، وهي خطة لا تنفصل عن الملف اللبناني، ولا سيما مسألة نزع سلاح “حزب الله”، إلى جانب بلورة تفاهمات أمنية واقتصادية مع لبنان وسوريا. كما يتصدّر جدول الأعمال استكمال المرحلة الثانية من الاستراتيجية الأميركية – الإسرائيلية الرامية إلى تقويض القدرات النووية والصاروخية الإيرانية، بالتوازي مع تصعيد الضغوط لنزع سلاح الميليشيات المرتبطة بطهران في العراق، في ظلّ قلق متنامٍ من تسارع البرنامج الصاروخي الإيراني، وإعادة الحرس الثوري تسليح حلفائه عبر شبكات معقّدة ومسارات مموّهة.

في هذا السياق، كشفت مصادر أميركية خاصة لصحيفة “نداء الوطن” أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سيعرض على الرئيس الأميركي دونالد ترامب تقارير استخباراتية تزعم سعي “حزب الله” إلى إعادة بناء قدراته العسكرية، في محاولةٍ للحصول على ضوء أخضر أميركي لشنّ عملية جديدة ضد الحزب. وعلى الرغم من أنّ إدارة ترامب تفضّل حتى الآن تجنّب التصعيد، إلّا أنّ تل أبيب تطرح شروطًا قاسيةً لتفادي الحرب، تتقاطع مع النموذج الذي فُرض في غزّة، وعلى رأسها نزع سلاح “حزب الله” بالكامل، ومنعه من إعادة تشكيل أي بنية عسكرية.

وتتضمّن الطروحات الإسرائيلية خريطةً تقسّم جنوب نهر الليطاني إلى ثلاثة خطوط: الخط الأزرق القائم، والخط الأمني “الأحمر” الذي تسعى إسرائيل إلى تثبيت وجود عسكري أو أمني فيه، والخط الثالث المعروف بـ”الخط الأخضر” أو “خط ذي الاهتمام”، والذي يشكّل عمليًا منطقةً عازلةً ذات طابع اقتصادي تخضع لشروط صارمة، وقد تشمل مناطق يُمنع سكانها من العودة إليها، في مقابل إصرار لبناني على عودة الأهالي ووقف الاعتداءات.

إذًا، يبدو لقاء ترامب – نتنياهو أشبه بغرفة عمليات سياسية – عسكرية – اقتصادية، تُبحث فيها خرائط النار بقدر ما تُناقش خرائط النفوذ، وسط سباق مفتوح بين خيار التصعيد الكبير أو فرض تسويات قسرية بشروط المنتصر، ما يجعل لبنان والمنطقة على مشارف مرحلة دقيقة تستدعي مراقبة كل خطوة أميركية – إسرائيلية عن كثب.

من جهة أخرى، تكتسب زيارة السيناتور الأميركي ليندسي غراهام إلى إسرائيل دلالة سياسية تتجاوز الطابع البروتوكولي، ولا سيما أنّها جاءت في توقيتٍ يتزامن مع تسارع التحضيرات العسكرية ضدّ إيران وحلفائها. وقد التقى غراهام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين العسكريين، بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس، حيث تركّزت المباحثات على ملف الصواريخ الباليستية الإيرانية وسلاح “حزب الله”.

وبحسب معطيات متداولة، لم يُخْفِ غراهام دعمه الصريح لشنّ هجوم على إيران والحزب، مؤدّيًا دورًا متقدمًا في تسويق الأهداف الإسرائيلية داخل أروقة الإدارة الأميركية والكونغرس، في إطار التمهيد السياسي لزيارة نتنياهو إلى واشنطن.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us