النقابات ترفع الصوت في وجه “الفجوة المالية”: شطب للودائع وتهديد للضمان الاجتماعي والودائع النقابية!

لبنان 28 كانون الأول, 2025

رفعت النقابات في لبنان صوتها، في مواجهة مجزرة “شرعنتها” الحكومة، من خلال إقرار مشروع الفجوة المالية، وأصدرت الغالبية العظمى من النقابات بيانات استنكارية، مفنّدةً فيها مشروع القانون وتداعياته الكارثية على المواطن اللبناني.

وأوّل البيانات، صدر عن “نقابة تجار ومستوردي المشروبات الروحية”، التي أوضحت أنّ “الصيغة المطروحة حاليًا تتضمن ثغرات أساسية، لا سيما ما يتعلّق بالقروض والتسهيلات التجارية، من شأنها تهديد الاقتصاد المُنتج وجعل التطبيق العملي للقانون شبه مستحيل”.

وشدّدت النقابة على “أنّ الدولة اللبنانية تتحمّل المسؤولية الأساسية عن الانهيار المالي، نتيجة سياسات مالية خاطئة، وهدر مزمن في المال العام، وغياب المحاسبة، إضافةً إلى إنفاق عشرات المليارات على قطاعات غير مُنتجة، في حين تحمّل المواطنون والقطاعات التجارية والصناعية الخسائر الفعلية”.

ختم البيان: “حول القطاع المصرفي، ترى النقابة أنّ المصارف تتحمّل جزءًا من المسؤولية، إلّا أنّ أي تشريع يفرض عليها أعباءً غير قابلة للتنفيذ أو يقوم على فرضيّات غير واقعية، سيؤدّي إلى تعثّرها أو إفلاسها، ما ينعكس سلبًا على حقوق المودعين والاستقرار المالي”.

نقابة المحامين

من جانبه، أعلن مجلس نقابة المحامين في بيروت أنّ “مشروع القانون هذا مجحف بحقّ المودعين كبارًا وصغارًا وخصوصًا بأموال نقابة المحامين والمحامين ونقابات المهن الحرّة، كونه يؤدّي إلى اقتطاع (haircut) مبالغ ضخمة قبل البدء بتوزيع الودائع، الأمر غير الدستوري وغير القانوني، وكون هذا المشروع يُعيد لكل مودع فقط مئة ألف دولار طيلة مدة 4 سنوات والباقي سندات بدلًا من إعادة الأموال كاملة نقدًا، فضلًا عن أنّه يعتبر الحسابات المصرفية خاصةً المودع والمفتوحة لدى جميع المصارف بمثابة حساب واحد”.

وأبدت خشيتها من أن يكون “مشروع الفجوة المالية يهدف إلى إقفال أزمة عمرها سنوات بدلًا من حلّها، وشطب الودائع بدلًا من استعادتها، وتبرئة القيّمين على الدولة ومتولّي السلطة أثناء الحقبة التي تميّزت بهدر الأموال العامة وسوء الإدارة والفساد ما أدّى إلى وقوع الكارثة الكبرى سنة 2019”.

نقابة المهندسين

في السياق نفسه، صدر عن نقيب المهندسين في بيروت المهندس فادي حنا، البيان الآتي: “يؤسفنا ما أقرّه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة تحت مسمّى ‘قانون استرجاع الودائع’، بذريعة معالجة الأزمة المالية. ويهمّني أن أؤكد أنّ ما يجري اليوم لا يمكن توصيفه كإجراء اضطراري أو كمشروع إصلاحي عابر، بل يشكّل اعتداءً موصوفًا على أموال المودعين وأموال النقابات، وسابقةً خطيرةً تنطوي على سرقة علنية لحقوق المنتسبين، وسطو على أموال المتقاعدين، وتمسّ بشكل مباشر مبدأ الاستقلال المالي الذي قامت عليه النقابات عبر عقود من النضال والعمل المؤسّساتي”.

وأضاف البيان: “إنّ المساس بأموال النقابات ليس مسألةً تقنيةً أو ماليةً فحسب، بل هو مساس بكرامة المهن الحرة وبالأمانين الاجتماعي والمهني لآلاف المنتسبين. كما أنّ تداعياته لا تقتصر على نقابة دون أخرى، بل تطال مجمل الجسم النقابي، وتهدد مستقبل العمل النقابي واستمراريته في لبنان”.

وتابع: “وانطلاقًا من المسؤولية التاريخيّة الملقاة على عاتقنا، تدعو نقابة المهندسين في بيروت إلى اجتماع طارئ وعاجل يضم نقابات المهن الحرة كافة، في أقرب وقت ممكن، بهدف توحيد الموقف واتخاذ خطوات عملية ترتقي إلى مستوى الخطر الداهم الذي يتهددنا جميعًا”. وأكد أنّ “كل من يصوّت على هذا المشروع يشارك بشكل مباشر في تقويض أموال النقابات، ويتحمّل كامل المسؤولية أمام المنتسبين، وأمام الرأي العام، وأمام التاريخ”.

وختم بيان نقيب المهندسين: “إن أموال النقابات خط أحمر، والتفريط بها لن يمرّ من دون موقف واضح، ولا من دون مساءلة ومحاسبة”.

نقابة الأطباء

بدورها، انتقدت نقابة الأطباء في بيروت إقرار مشروع الفجوة المالية “بشكل شمولي من دون التمييز بين الحسابات المصرفية التي تعود لمؤسّسات تجارية استفادت على مدى سنوات من الهندسات المالية والفوائد، وبين حسابات، وإن كانت باسم مؤسّسة معينة، إلّا أنّها تخصذ مجموعةً من الناس، ولا سيما منها حسابات صناديق التقاعد”.

وأوضحت في بيان أنّ “حسابات صندوق التقاعد تحتوي على أموال مخصّصة حصرًا لدفع تعويضات ومعاشات الأطباء المتقاعدين، وهي فئة تعتمد بشكل أساسي على هذه المستحقّات لضمان كرامة معيشتها، وبالتالي فرض المزيد من القيود عليها ينعكس سلبًا على قدرة النقابة على تنفيذ التزاماتها تجاه هؤلاء الأطباء”.

نقابة أطباء الأسنان

كما أعلنت نقابة أطباء الأسنان في بيروت رفضها “لما ورد في مسودة قانون ‘الفجوة المالية’ من تجاهل لخصوصيّة صناديق المهن الحرة بشكل عام، وخصوصًا صندوق التقاعد والتعاضد لنقابة أطباء الأسنان في لبنان”.

وشدّدت النقابة على أنّ “طبيب الأسنان اللبناني الذي واجه أصعب الأزمات، يستحقّ اليوم حماية حقوقه لا استهداف مدّخراته”، مؤكّدةً أنّ “الودائع النقابية أمان اجتماعي، فأموال صناديق التقاعد الخاصة بالنقابة وبوجه خاص نقابة أطباء الأسنان هي اشتراكات خاصة مخصّصة لضمان الشيخوخة، وليست ودائع استثمارية للمضاربة. وإنّ شمولها بأي اقتطاع (Haircut) أو تأجيل طويل الأمد هو تقويض للأمن الاجتماعي للجسم الطبّي ويعود بالضرر البليغ على كل الأطباء المنتسبين إلى النقابة فهو ليس حساب الشخص الواحد”.

كذلك، شدّدت على “معايير العدالة في التوزيع”، مطالبةً بـ”التمييز بين الودائع التقاعدية والتعاضدية وبين الحسابات الرأسمالية والشخصية التي استفادت من فوائد خيالية ويجب أن تكون حسابات سيادية. إنّ مساواة تعب الأطباء بأرباح الهندسات المالية هو إجحاف يفتقر لأدنى معايير العدالة”.

نقابة المعلّمين

من جانبها، أعلنت نقابة المعلّمين، في بيان، أنّها “تسجّل ملاحظةً جوهريةً تتعلق بعدم تضمين المشروع أي إشارة أو معالجة واضحة لأموال النقابات وصناديق التعاضد والتعويضات، وفي طليعتها صندوق تعويضات أفراد الهيئة التعليميّة في المدارس الخاصّة”.

وذكّرت النقابة بأنّ هذه الأموال “ليست أموالاً تجاريةً أو استثماريةً، بل مخصّصة حصرًا لضمان شيخوخة المعلّمين وتقاعدهم، وتُعدّ من الصناديق غير الربحيّة التي تقوم، بالنيابة عن الدولة، بواجب اجتماعي أساسي يتمثّل في تأمين التعويضات والتقاعد الكريم لعشرات الآلاف من أفراد الهيئة التعليميّة في القطاع الخاص”.

وأشارت إلى أنّ “هذه الصناديق، ومنها صندوق تعويضات المُعلّمين وتقاعدهم، كانت تؤمّن للمعلّمين المُتقاعدين حقوقهم التقاعديّة بانتظام، إلى أن جاءت الأزمة المالية والاقتصادية التي أفقدت هذه التعويضات قيمتها الفعلية نتيجة تدهور سعر صرف الليرة اللبنانيّة”.

نقابة الصيادلة

في حين أعلنت نقابة صيادلة لبنان رفضها القاطع لمشروع قانون “الفجوة المالية”، محذّرة من ثغرات وصفتها بالجوهرية تمسّ حقوقًا مكتسبةً وأساسيةً، وفي مقدّمتها الإغفال الكامل لأي نصوص صريحة وواضحة تضمن حماية أموال وودائع النقابات والصناديق التقاعدية.

وفي بيان رسمي، عبّرت النقابة عن بالغ قلقها من تجاهل مصير أموال الصناديق التقاعدية، معتبرةً أنّ هذه الأموال تمثّل حصيلة جنى عمر أجيال متعاقبة من الصيادلة، ولا يمكن التعامل معها كمسألة ثانوية أو قابلة للتأجيل أو التسويف.

جمعية “تجار لبنان الشمالي”

بدورها، رأت جمعية “تجار لبنان الشمالي” في بيان، أنّ “مشروع قانون الفجوة المالية يشكل إجحافًا بحق المودعين اللبنانيين، ولا سيما التجار وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذين يشكلون عصب الاقتصاد الوطني”.

وأكّدت أنّ “المشروع، بصيغته المطروحة، لا يُعيد الحقوق ولا يحقّق العدالة، بل يكرّس واقعًا خطيرًا يقوم على الهيمنة على أموال المودعين، مع تحميلهم الجزء الأكبر من الخسائر، في سابقةٍ لم يشهدها لبنان من قبل، حيث يُطلب من المواطن دفع ثمن سياسات مالية ونقدية فاشلة لم يكن شريكاً فيها”.

وأوضحت أنّ ودائع اللبنانيين تمثّل جنى عمرهم وعرق سنوات طويلة من العمل والكفاح، ولا يجوز تحت أي ظرف تحويلها إلى أرقامٍ مجتزأةٍ أو وعود مؤجلة أو سندات طويلة الأمد تفقد قيمتها الحقيقية مع الوقت، فيما تُعفى الجهات المسؤولة عن الانهيار من المحاسبة الفعلية.

ورأت أنّ هذا المشروع يفتقر إلى العدالة في توزيع الخسائر، ولا يقدم ضمانات قانونية واضحة وملزمة لاسترداد الودائع، ويتجاهل مبدأ المساءلة والمحاسبة، ويهدد ما تبقّى من الثقة بين المواطن والدولة والنظام المصرفي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us