ملاحظات دولية حول “بطء لبناني” في الإصلاحات والمعالجات


كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان” :

حركة دبلوماسية لافتة شهدها لبنان في الأيام القليلة الماضية لم تخلُ من رسائل على أكثر من صعيد حتى أنها تقاطعت في بعض النقاط لا سيما لجهة تنفيذ الإصلاحات البنيوية والمالية ومكافحة الفساد وإقرار الموازنة العامة وإقرار خطة التعافي الإقتصادي والمالي.
وفد صندوق النقد الدولي الذي أتى للمرة الثانية إلى لبنان سأل بشكل أساسي عن خطة التعافي المالي والاقتصادي التي طلبها الصندوق كأساس للتفاوض حول السبل لمساعدة لبنان. وأكدت مصادر مطلعة لـ “هنا لبنان” أن خلاصة اللقاءات كانت واضحة لجهة إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بأن: “هناك بطئاً في إنجاز هذه الخطة”، وقد طلب الوفد الإسراع في إنجازها إذ أن الوقت يداهم والاستمرار بهذه الوتيرة يؤدي حتماً إلى عدم الشروع بالمفاوضات الأساسية وتفاصيلها مع الصندوق قبل الانتخابات النيابية وإلا مصيرها التأجيل إلى ما بعد الانتخابات النيابية.
وفي وقت يكثر الحديث عن نية للمماطلة في إقرار الموازنة إلى ما بعد الانتخابات النيابية، كان لوفد الصندوق ملاحظات حولها وتأكيد على وجوب إقرارها بأسرع وقت في مجلس النواب لأن إنجازها جزء أساسي من البحث في خطة التعافي.
وفد الصندوق أبدى أيضا ملاحظات عدة أبرزها حول النظام الضرائبي، وشدد على وجوب الإسراع في إقرار بعض القوانين، إذ أن لبنان لا يسعه الاستمرار بالوضع الحالي من دون أن ينظم أموره في إطار جديد ومتطور يأخذ بالاعتبار المستجدات.
وفد الصندوق نصح الدولة اللبنانية بمصارحة اللبنانيين بالواقع المالي الذي يمر به البلد ليكونوا على بيّنة من الخطوات التي ستتخذ فالوضوح ضروري وإطلاعهم على الحقيقة واجب.

أما وفد الخزانة الأميركية فأتى مستطلعاً الإجراءات لمنع تهريب الأموال وتبييضها وتمويل الإرهاب، مؤكداً أهمية إعادة مواكبة هذا الموضوع.
وإذ أبدى الوفد اهتمامه بمتابعة مسار المفاوضات مع صندوق النقد وتطوير برنامج محتمل يدعمه الصندوق ما يساعد في استعادة الثقة. كان هناك تشديد على أهمية الالتزام أكثر بكل ما يتصل بالقرارات الدولية إلا أن المسؤولين اللبنانيين أكدوا أن لبنان يلتزم بهذه القرارات وأن لا تبييض أموال.
وسلّط وفد الخزانة الأميركية الضوء على “القرض الحسن” لناحية أنه يوفّر غطاءً للنشاط المالي لحزب الله، وأن نشاطه يثير القلق، لأن جمعية “القرض الحسن” جمعية خيرية مرخص لها لتقوم بأعمال إنسانية وليس بأعمال ذات طابع مالي وتجاري وتسليف أموال…
المصادر أكدت لموقع “هنا لبنان” أنه لم يكن لوفد الخزانة انطباعات جيدة حول مسار الأمور المالية في البلد متمنياً الإسراع بمعالجة الأمور للإيفاء بالتزاماتهم خصوصاً بما يتعلق بالبنك الدولي، والجميع يعلم التأثير الأميركي الكبير على البنك الدولي والصندوق.
حراك دبلوماسي آخر انتقل معه ملف ترسيم الحدود البحرية الى محطة جديدة بعد أن أحضرت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا إلى المقار الرسمية العرض الخطي المفصل لكبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة آموس هوكستين ترجمة للعرض الشفهي المطروح سابقاً وطلب منه في حينها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وضعه خطياً مع كل تفاصيله ونقاطه والشق القانوني إضافة إلى الخريطة التي تحدد الخط 23 المقترح مع التعرجات وبعض النقاط المتداخلة مع إسرائيل في حين يرفض لبنان أن تبقى متداخلة.
هذا العرض يدرس من قبل لجنة تضم ممثلين عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومن المفترض رئاسة مجلس النواب، إلا أنه يبدو أن الرئيس نبيه بري لن يرسل ممثلاً عنه، إضافة إلى ممثلين عن كل من وزارة الطاقة والدفاع والأشغال والمال والخارجية وممثل عن هيئة إدارة قطاع النفط وخبراء قانونيين وجغرافيين.
مهمة اللجنة واضحة في إبداء الرأي باقتراح هوكستين وملاحظات لبنان على الطرح الأميركي، وعندما تنتهي من دراسته سيعرض على رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة للخروج بموقف موحد منه يبلّغ إلى هوكستين، مع العلم وبحسب المصادر أن لا سقف زمني للبت بالموضوع إلا أن الجميع على عجلة من أمره انطلاقاً من مبدأ أساسي هو الحاجة اللبنانية كما الإسرائيلية للتنقيب عن النفط والغاز في ظل تخوف الشركات المنقّبة من العمل في حقول متنازع عليها وعلى وقع سجال لبناني داخلي حول الخط الذي يجب اعتماده في المفاوضات المقبلة.
إذاً هذه الحركة الدبلوماسية وعلى الرغم مما حملته من ملاحظات وانتقادات إلى المسؤولين اللبنانيين، إلا أنها تظهر أن لبنان لا يزال يحظى بالاهتمام الدولي ورعايته حتى لو انشغل العالم بأزمات أخرى ولكن هل سيخرج المسؤولون في لبنان من حالة “البطء” في البت بعدد من القضايا الجوهرية المطلوبة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us