من وجع المعاناة إلى الإبداع: سيارة على الطاقة الشمسية بكفاءات لبنانية


كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان” :

تحمل زادها على ظهرها، سيارة كهربائية إخترعها فريق من طلبة الهندسة الميكانيكية في الجامعة الأميركية في بيروت، وقودها أشعة الشمس وتولد الطاقة من خلال خلايا كهروضوئية تغطي سقفها، سيارة لبنانية الصنع والابتكار، أخرجت السيارات اللبنانية من إطارها التقليدي لتشكل سيارة مستقلة ذاتياً بمزاياها من حيث عدم حاجتها للوقود من جهة وصداقتها للبيئة من جهة أخرى.
بأيدٍ وكفاءات وخبرات لبنانية، تخوض هذه السيارة اليوم غمار التحدي، لتشكل فرصة حقيقية للبنانيين للخروج من دائرة الذل والإهانة التي اعتادوا التعرض لها أثناء وقوفهم في طوابير أمام محطات الوقود.
ويكشف المهندس الشاب علي أمين فرحات أحد أعضاء الفريق في حديث لـ “هنا لبنان”: “حرصنا أن نقدم إختراعاً مميزاً من خلال مشروع التخرج مع أربعة من زملائي والذي سنقدمه نهاية هذا العام، إستغرق المشروع عامًا دراسيًّا كاملًا والحمد لله أنجزناه”، لافتاً إلى اعتمادهم على حلول هندسية ذكية في ابتكار سيارة بسيطة في شكلها، متطورة في فكرتها.
كأي سيارة عادية يمكن لهذه السيارة أن تقل مستخدمها من بيته إلى عمله دون ضجيج أو إنبعاثات كربونية، إذ أنها مصممة أيضاً لتراعي المواصفات الحديثة في ما يتعلق بالاعتماد الكامل على الطاقة النظيفة للتقليل من التلوث، إضافة إلى الجانب الاقتصادي لجهة عدم استهلاكها الوقود.
ويلقي إيلي بوزردان زميل فرحات في الفريق في حديث لـ “هنا لبنان” الضوء على بعض ميزات إختراعهم الفريد: “السيارة مزودة ببطاريات ليثيوم داخلية، تسمح لنا باستخدامها لمدة 5 ساعات متواصلة وبسرعة 25 كم/ س. في حال تعرض سطحها لأشعة الشمس لمدة 9 ساعات، حيث تبلغ قوة الألواح الشمسية 1000 وات. وفي حال عرفنا جيداً استثمارها في بعض المجالات يمكن استعادة تكلفتها بعد 4 سنوات.
الفكرة انطلقت عندما كان الشباب الخمسة وهم بالإضافة إلى فرحات وبوزردان، فكتور فياض ونصر ضو وحسين دياب يعيشون في بيروت، ويتعرضون أسبوعياً لمعاناة الإنتظار في الطابور أمام محطات الوقود كغيرهم من عشرات المواطنين، همٌّ أضيف على عمل كل منهم لخمسة أيام أسبوعياً لتكون عطلة نهاية الأسبوع موعدًا ثابتاً لهذه المعاناة لتخرج الفكرة إلى دائرة النقاش المشترك: “لماذا لا نصمم سيارة تعمل على الطاقة الشمسية؟” وفق فرحات.
أما التحديات التي واجهتهم فكثيرة وأبرزها تأمين التمويل للمشروع، لكن حنكة الفريق في مواجهتها كانت كفيلة بتيسير الأمور، وهنا يوضح ضو “كان مكلفاً، لكن الحمدلله نجحنا في تأمين عدد من الراعين من بعض الشركات، كما دعمتنا الجامعة قليلاً، إضافة إلى المساعدة التي قدمها كل من الدكتور سمير مصطفى (في الكثير من الأمور)، وقسم الهندسة في الجامعة”.
الطموح لا يتوقف هنا، فالفريق يخطط اليوم لتطوير الفكرة، وفي ذلك يؤكد فرحات “لقد تفاجأنا بالإعجاب الكبير الذي حققته السيارة عند كل من عرف بها من اللبنانيين، وواثقون أنها ستكون محبوبة مع التعديلات أو من دونها في المستقبل”، مشدداً على أن الوضع البيئي في لبنان يسير نحو قعر الهاوية بعد سنوات قليلة.
هذا المستقبل يتمثل بتطوير عدة تصاميم، حيث يدرس الفريق حالياً رغبات الشعب اللبناني حيال الأنواع المفضلة لديه، مفضلة في قيادتها وحجمها ومواصفاتها ليبرز السؤال الذي يكشف عنه فرحات: “نسأل دائماً هل ستقوم الدولة بمساعدتنا في المستقبل؟” سؤال على الأرجح لن يصله جواب عنه من دولة أثبتت عدم إكتراثها بالكثير من الإبتكارات التي لا يمر أسبوع إلا ونشاهد ونسمع بواحد منها داخل لبنان وخارجه.
وبالطبع لا يكتمل المشهد إلا مع تسجيل براءة إختراع الذي باشر الفريق العمل على تأمين متطلباتها، في مبادرة شبابية ليست الأولى في لبنان بل تضاف إلى لائحة تضم عشرات المبادرات الرائدة، وتشكل دليلاً جديداً على أن الشباب اللبناني قادر على الوصول إلى ذروة الابتكار والعطاء، حتى لو في ظل أشد الأزمات الإقتصادية والمالية والمعيشية التي تعصف ببلدهم على الإطلاق، وعلى المساهمة في تعزيز قدرات بلدهم الصناعية.

وفي الختام يبقى السؤال هل سنشاهد هذا النموذج اللبناني الأولي يخدم العمل في المطارات والفنادق والمستشفيات وملاعب الغولف، وداخل حرم الجامعات والأمن الجامعي، وفي القسم الزراعي في الجامعة الأميركية أو غيرها من الجامعات وكل المؤسسات التي تحتاج إلى سيارات خفيفة وصديقة للبيئة قريباً كما هو حاصل مع مثيلاتها من السيارات الكهربائية في الموجودة في الكثير من الدول العربية؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us