الذكاء الاصطناعي يهدد بإنهاء عصر الويب المفتوح

يشهد الإنترنت اليوم تحولاً جذرياً مع صعود الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على البيانات كمادة أولية لعمله. فالمحتوى المنشور على الشبكة أصبح بمثابة الوقود الذي يغذي النماذج اللغوية الضخمة، ما أشعل سباقاً محموماً بين عمالقة التكنولوجيا للاستحواذ على أكبر قدر ممكن منه، حتى لو كان ذلك على حساب حقوق الملكية الفكرية.
وبحسب تقرير لموقع Cybernews، شركتا “أوبن إيه آي” و”غوغل” طالبتا الحكومة الأميركية بالسماح بتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على المواد المحمية بحقوق النشر، بينما صرّح الرئيس التنفيذي لـ”أوبن إيه آي”، سام ألتمان، بأن كل ما هو متاح للعامة على الإنترنت يُعد “مباحاً” للاستخدام، محذراً من أن تقييد الوصول إلى البيانات قد يعيق الابتكار ويمنح الصين تقدماً في هذا المجال.
في المقابل، وُجهت اتهامات إلى “أبل” و”إنفيديا” باستخدام ترجمات “يوتيوب” في تدريب نماذجهما، ما يعكس تضحية متزايدة بحقوق المؤلف في سبيل التفوق التقني.
وفي خطوة لافتة، عقدت منصة “ريديت” صفقة بقيمة 70 مليون دولار سنوياً مع “أوبن إيه آي” لتزويدها بمحتوى المستخدمين بشكل منظم. لكن المنصة سرعان ما رفعت دعوى قضائية ضد شركة “بيربلكسيتي”، متهمةً إياها بجمع بياناتها دون ترخيص عبر وسطاء وبرامج زحف متخفية.
“بيربلكسيتي” نفت الاتهامات، مؤكدة أنها لا تدرب نماذجها على بيانات “ريديت”، بل تلخص النقاشات وتنسبها إلى مصادرها، ووصفت الدعوى بأنها محاولة لفرض الهيمنة على الشركات الأصغر. غير أن تقارير من “كلاودفلير” Cloudflare ووسائل إعلام كـ”وايرد” Wired و”فوربس” Forbes أشارت إلى استخدام أدوات تخفي لتجاوز تعليمات الحظر، ما أثار تساؤلات حول نزاهتها.
هذه المعركة القانونية ليست سوى وجه من أزمة أوسع تهدد بنية الإنترنت التقليدية. فمع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقدم إجابات فورية، تقل حاجة المستخدمين لزيارة المواقع الأصلية، ما يقلص عائدات الإعلانات التي يقوم عليها اقتصاد الويب.
أداة Google AI Overview، على سبيل المثال، خفّضت زيارات المستخدمين لمواقع الأخبار بشكل كبير، كما أدى تعديل واحد في خوارزميات “غوغل” إلى تراجع سهم “ريديت” بنسبة 15 % خلال أيام.
اليوم، وبينما يستمتع المستخدم بإجابات سريعة خالية من الإعلانات، يخسر الناشرون والمبدعون مصدر رزقهم الأساسي. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن الشبكة التي وُلدت مفتوحة للجميع قد تتحول إلى فضاء مغلق تديره حفنة من الشركات الكبرى، معلنةً بذلك نهاية الويب الحر الذي عرفناه.
مواضيع ذات صلة :
إليكم المخاطر النفسية للاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي | مؤسس “ريزر”: الذكاء الاصطناعي سيقلب صناعة الألعاب رأساً على عقب | “نيو”.. مساعد ذكي يحاكي الإنسان في الحركة والذكاء |




