أصحاب المولدات في بيروت والضاحية الجنوبيّة يطلبون “الفريش دولار” والمواطن يئّن وجعاً


أخبار بارزة, خاص, مباشر 16 كانون الأول, 2021

كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان” :

اشتكى عدد من المواطنين في مدينة بيروت من أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة الذين طلبوا منهم دفع بدل الاشتراك بـ “الدولار الفريش”، خارقين بذلك قرار وزارة الاقتصاد بتركيب العدّادات وتحديد بدل الكيلوواط بـ 5200 ليرة لبنانية.

أيمن من سكان منطقة الزيدانية يقول لـ “هنا لبنان”: “طلب مني صاحب المولد أن أدفع له بالدولار الأميركي وإلا سيطفىء لي الاشتراك أول الشّهر، مؤكداً أنّ أصحاب المولدات يحرمون المشتركين من خيار العدادات”.
وكذلك الحال بالنسبة لهدى من سكان منطقة الحمرا حيث ألزمها صاحب المولد أن تدفع له 95 دولار “ويلي مش عاجبو يسحب اشتراكه”.
هذا الواقع المؤسف أدى إلى إشكالات بين الجباة والمشتركين، والجميع ينتظر حلاً يحدّ من جشع أصحاب المولدات ومن تحكُّمهم برقاب النّاس.
وحاول بعضٌ من سكان الضاحية الجنوبية مواجهة “مافيا” أصحاب المولدات عبر تحريض الأهالي لوقف اشتراكاتهم بالمولدات الكهربائيّة في خطوة لإجبار أصحابها على الإلتزام بتسعيرة الوزارة وتعاميم البلديّة. وقطع حوالي 10 أشخاص اشتراكاتهم بعد أن طلب منهم أصحاب المولدات الدفع بالدّولار.

نقيب أصحاب ​المولدات الخاصة​ ​عبدو سعادة يقول لـ “هنا لبنان”: “​نحن لا نطلب من المشتركين الدفع بالدولار الفريش ولكن نحتسب الفواتير على أساس سعر صرف الدّولار، لحماية أنفسنا من تقلباته، تسعيرتنا ترتفع مع ارتفاع سعر الدّولار في السوق السّوداء وتنخفض مع انخفاضه”.
ويضيف “التّسعيرة الرّسميّة تصدر عن وزير الطّاقة وليس عن أصحاب المولدات الخاصّة كما يعتقد النّاس، ونرفض تحميلنا هذه المسؤولية ووضعنا بوجه المواطن”.
ويشير سعادة إلى بعض الشركات والأبنية التي تملك مولداً خاصاً وتسعّر بالدّولار بالاتفاق مع المشتركين، وهذا الأمر يتم بالتراضي بين الطرفين، ولا يمكن تعميمه على الجميع واتهامنا بطلب الدّفع بالدّولار الأميركي.
وينصح كل المشتركين بعدم التّأخر بتسديد فواتيرهم لتفادي زيادة أي تكاليف إضافية، نظراً لعدم قدرة أصحاب المولدات على التّحكم بتقلبات سعر صرف الدّولار اليومي.
وفي سؤال عن سبب رفض أصحاب المولدات تركيب العدادت للمشتركين، يقول سعادة: “هذا الكلام غير صحيح، فمن يريد العدّاد نستجيب فوراً لطلبه”.

في المقابل يؤكد مصدر في وزارة الاقتصاد أنّ الوزارة تقوم بواجباتها وتسطّر محاضر ضبط بحق المولّدات المخالفة، كما تتابع كل الشّكاوى المقدمة من قبل المواطنين، نحن نقوم بمهامنا وفق القانون رغم قلة عدد المراقبين.
ويدعو البلديّات إلى التّعاون مع الوزارة ومشاركتها المسؤوليّات، خصوصاً وأنّ بعضها يغضّ النظر عن المولّدات المخالفة لا بل وفي أغلب الأحيان تتواطأ بشكل أو بآخر مع أصحابها.
وعن أصحاب المولدات الذين يسعّرون باللّبناني على أساس سعر الصّرف في السّوق الموازية، يلفت المصدر إلى أنّ هؤلاء يحاولون التّلاعب على القانون، وفي هذه الحالة علينا معرفة ما إذا كان صاحب المولد ملتزم بتسعيرة الوزارة أم لا.

وحقّق أصحاب المولدات الخاصة أرباحاً طائلة من خلال الأسعار التي فرضوها على الطّاقة الكهربائية مستغلين الفجوة بين ما تؤمّنه الدّولة وحاجة المواطن للكهرباء.

اقتصاديّاً، يوضح الخبير الاقتصادي والأكاديمي البرفسور بيار الخوري أنّ هذا الموضوع بات قديماً جديداً، لكون الاتجاه للتّسعير بالدولار وفرضه على المواطن هو جزء من ضياع سياسي واسع في مضمار الحقوق والواجبات تجاه المواطن والمنتج والمستهلك على السّواء.
ويتابع أن هذه المسألة قد تبدو مسألة بسيطة مثلاً إذا ما قورنت بتفلّت السّوق السّوداء لصرف الدّولار، أو تفلت التّسعير في الأسواق الاستهلاكيّة وتسعير البضائع بهوامش تزيد عن سعر صرف السوق السّوداء وكل ذلك يحصل في الواقع بلا حسيب أو رقيب.
ويضيف الخوري، المشكلة ليست مع هؤلاء جميعاً، فرأس المال كبيراً كان أم صغيراً هو بتعريفه وحش يسعى ليس فقط إلى الحفاظ على مستوى أرباحه بل إلى التّعظيم المستمر لتلك الأرباح: هذه طبيعة المال!
ويتساءل: ما هو الحدّ الفاصل بين المواطنة وشريعة الغاب؟ إنّه وجود القوانين التي ترعى الحقوق والواجبات وعدالة تطبيقها على سائر المواطنين، حتى حين يكون هناك ظلم يجب أن يكون هذا الظلم غير استنسابي على قاعدة “ظلم بالسّوية، عدل بالرعية”.
ويلفت الخوري إلى أنّه في ظلّ الأزمات الاقتصاديّة تتعامل الدّول والشّعوب والوحدات الاقتصادية بالظلم وهذا أمر مبرر في ظلّ الأزمات، لأنّها بحد ذاتها فيها ظلامة اجتماعية كبيرة، لكن هذه الظلامة يجب أن توزّع الأعباء بشكل عادل وهذا ما لم يحصل منذ بداية الأزمة بل قامت الدّولة بالانسحاب من دورها في عدالة تطبيق القانون و”الظّلم بالسّوية” وسلّمت أمر النّاس لمجموعة من “المقاطعجيين” الجدد الذين مارسوا وحشيتهم المفرطة بلا حسيب ولا رقيب في تعظيم أرباحهم على حساب أرزاق وأرواح المواطنين.
ويختم قائلاً: أفضل تحرير كلّ الأسعار من سعر الصّرف إلى سعر العمل أو دولرة كل الأسعار لندفع بالدّولار ونقبض بالدّولار، وهذا أكيد هو عين العدالة إذا ما قورن بتحكّم وحشية المال بمصائر المواطنين الاجتماعية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us