الرئاسة ليست فوق كل شيء!

كتبت سناء الجاك في “ici beyrouth”:

في الآونة الأخيرة، قال رئيس الجمهورية ميشال عون إنّ رئاسة الجمهورية “يجب ألا تكون مستهدفة” ، مؤكدا أن رئيس الجمهورية هو الذي “يبادر بالتفاوض في المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ويوقع عليها مع رئيس الوزراء، لتعرض على مجلس الوزراء قبل إقرارها في مجلس النواب بموجب المادة 52 من الدستور”.

من الواضح أنّ ميشال عون كان راضياً عن تصريح الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي دعم الدولة في المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل حول الحدود البحرية ولا يريد ان يذهب أبعد من ذلك، بمعنى آخر، هو لم يستجب للتصريحات التحريضية لكوادر الحزب الآخرين، ومن بينها تصرح رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمد رعد، حول هذه المفاوضات نفسها.
ما يهم نصر الله هو أن يسجّل نقطة ضد “شريحة من اللبنانيين والمسؤولين والإعلاميين الذين يتجاهلون الدستور ويخطؤون في تصريحات تضر بلبنان، وفي موقع الرئيس ودوره والعهد  الذي يتولاه”.
ويبدو هنا أنّ نصرالله لم يكشف عمداً على من أسماهم “جاهلين”، أو ربما لم يتم إبلاغه بالتطورات المتعلقة بملف الحدود البحرية، من قبل معاونيه في محاولة لحماية اتفاق مار مخايل.
وكان محمد رعد قد قال بصراحة: “إنّ غازنا سيبقى مدفونًا في مياهنا حتى نتمكن من منع إسرائيل من لمس قطرة ماء من مياهنا”. أما الذين اختلفوا مع أقواله، فقد طلب منهم دون مزيد من اللغط “أن يرحلوا في مكان آخر”.
هذا الخطاب يتماشى ببساطة مع منطق حزب وموقفه.

والحزب يذهب أبعد من ذلك عندما تقتضي مصلحة إيران، فيستهدف رئاسة الجمهورية، التي لطالما حاكمت النشطاء الذين يتهمونها بأنّها تحولت إلى ستر وغطاء للحزب، الذي يستغلها لإدارة البلاد كما يشاء.

إذا التزم الفريق الموالي لإيران الصمت لفترة، تاركاً المجال مفتوحاً أمام رئاسة الجمهورية كي تحصل على أكبر عدد من الإنجازات من حيث التعيينات والملفات التي تناسب صهر رئيس الدولة.
والمحيطون برئاسة الجمهورية لا حدود لطموحاتهم ورغبتهم في حشد كل ما يمكن أن يكون، وهذا لا يتفق بالضرورة مع الخطوط الرئيسية للمفاوضات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.

ببساطة حزب الله يطبق ما يريد، دون ان يسكر الجرة مع حلفائه، فيسمح لهم بانتقاد بعض مواقفه، مع الحرص على حصر هذه الاختلافات في الإطار الضيق لحرب الجيوش الإلكترونية التي تؤدي وظيفتها من خلال اللعب على حبل المجتمع إذا لزم الأمر.

وهكذا يبقى “حزب الله” ملتزماً بـ “اتفاق مار ميخائيل” الذي هو حاجة له ​​بقدر ما يحتاجه ميشال عون للحصول على ما يريد، وبالتالي فإنّ المصالح المتبادلة كافية لإصلاح الشرخ.
إلى ذلك فإنّ الانتخابات المقبلة والمقرر إجراؤها في أيار المقبل وفق تأكيد نصرالله، ستوضح هذا الاتفاق، ما لم يؤدِ حدث إلى إلغائها.
وكان نصرالله قد أكّد أن “الآلات الانتخابية للحزب ستكون موجودة في جميع الدوائر، حيث سيقدم حزب الله مرشحين، كما ستتواجد أيضاً حيث لا مرشحين، حتى لا تضيع أصوات الناخبين”.

والحقيقة أن نصرالله لا يريد أن تعبّد الانتخابات المقبلة الطريق أمام ظهور طبقة سياسية جديدة غير خاضعة لحزبه وتعارضه في البرلمان الجديد، إذ يدرك هذا الفريق جيداً أنّ يأس الشعب ورفضه للطبقة السياسية الحالية، بالإضافة إلى الفقر المتزايد، جميعها عوامل يصعب السيطرة عليها واستغلالها.
كما يعلم أنّه من الصعب عليه اختراق المناطق المسيحية على وجه الخصوص، حيث يتحتم عليه دعم مرشحي التيار الوطني الحر.
من هنا، لن يقبل حزب الله إلاّ الحصول مرة أخرى على الأغلبية البرلمانية من خلال تمثيل مسيحي ثقيل مضمون لحلفائه.
وصحيح أّنّ الحزب بإمكانه استخدام القوة لسحق المعارضة، غير أنّ هذه القوة لم تمنع اللبنانيين من النزول في العامين 2015 و2019 للتنديد بالسلطة بما فيها حزب الله، وقد سئم اللبنانيون أيضاً من القمع والترهيب واعتقال النشطاء وحتى قتلهم.

ويتهم الحزب كل من يتحرك ضد رغبته، بأنّه يتقاضى أموالاً من السفارات، غير انّ هذا القمع انفجر بسبب الأزمة الاقتصادية التي تهدد كل شيء في لبنان.
كل ما سبق، دفع الحزب للتحرك انتخابياً وتقديم نفسه كقائد حقيقي في مواجهة الآخرين، وهو يعتبر أنّ لا ضرورة للانتخابات في حال لم تحافظ على مكاسبه، وهذا يبرر موقف الحزب من شروط ترسيم الحدود، وموافقته على ترشيح حليفة المسيحي لأحد الشخصيات التي سبق وأدينت بالتواصل مع اسرائيل!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us