المخالفات الانتخابيّة بالجُملة و”على عينك يا تاجر”… و”لادي” بالمرصاد!


أخبار بارزة, خاص 13 أيار, 2022

كتب إيلي صروف لـ “هنا لبنان” :

كلّ الأنظار شاخصة نحو الانتخابات النّيابيّة، المُنتظَر إجراؤها يوم الأحد 15 أيّار على كامل الأراضي اللّبنانيّة، لما لهذا الاستحقاق الدّستوري من أهميّة على صعيد إعادة رسم المشهد السّياسي اللّبناني، فضلًا عن الآمال الكثيرة المعلَّقة على هذا الحدث، علّه يكون بداية الخروج من قعر جهنّم، والخطوة الأولى في مسار التّغيير الإيجابي المنشود.
الأنظار في هذه الدّورة ليس فقط محليّة، بل عربيّة وعالميّة. فبعثات من جامعة الدّول العربيّة، الاتّحاد الأوروبي، المنظّمة الدّوليّة الفرنكوفونيّة لمراقبة الانتخابات والشّبكة العربيّة لديمقراطيّة الانتخابات، ستراقب سير العمليّة الانتخابيّة، للتأكّد من مدى دقّتها وشفافيّتها. لكن قبل متابعة اليوم الانتخابي، لا بدّ من تشريح مسار الحملات الانتخابيّة، الّذي لم يخلُ من المال الانتخابي والرّشاوى ومحاولات الغشّ والضّغوطات والتّرهيب.
مخالفات بالجُملة، هو العنوان الأنسب للأسابيع الأخيرة، فالصّمت الانتخابي خُرق، تخطّي السّقوف الانتخابيّة “على عينك يا تاجر”، والمال الانتخابي لم يغب عن المشهد العام، لا سيّما في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة الطّاحنة الّتي يمرّ بها الشّعب اللّبناني.
في هذا السّياق، أوضح المدير التّنفيذي في الجمعيّة اللّبنانيّة من أجل ديمقراطيّة الانتخابات – “لادي”، علي سليم، “أنّنا في فترة الحملة الانتخابيّة كاملةً، كنّا نرصد توزيع مساعدات، وَضَعها موزّعوها في هذا الإطار، إلّا أنّها في الحقيقة خدمات عينيّة ونقديّة للنّاخبين بشكل كبير جدًّا، وقد وثّقناها في الدّوائر الانتخابيّة كافّة؛ وأتت استغلالًا لحالات الفقر والعوز التّي يعيشها الكثير من اللّبنانيّين في هذه الأيّام”.
ولفت إلى أنّ “اللّوائح والمرشّحين كانوا يتحجّجون بالفقرة الثّانية من المادّة 62 من القانون الانتخابي، الّتي تنصّ على أنّ بإمكانهم تقديم هذه المساعدات في فترة الحملة الانتخابيّة، إذا كانوا قد دَرجوا على تقديمها بطريقة منتظمة ومتواصلة خلال فترة لا تقلّ عن 3 سنوات”، مبيّنًا “أنّنا كـ”لادي” نوثّق هذه المساعدات كعمليّات شراء أصوات انتخابيّة، فبالنّسبة إلينا يجب إلغاء الفقرة المذكورة، لأنّها تُقونن الرّشوة الانتخابيّة”.
مهمّة “لادي” لم تبدأ مع انتهاء مهلة تسجيل اللّوائح، إذ أشار سليم إلى “أنّنا منذ أيلول الماضي، قبل بدء الحملات الانتخابيّة، كنّا نوثّق هذه المشاهدات، الّتي كانت ترتفع وتيرتها تدريجيًّا كلّما اقتربنا من موعد الاستحقاق الانتخابي”.
وأكّد أنّ “الضّغوط على المرشّحين كانت أيضًا تزداد أكثر فأكثر، خصوصًا على من ليسوا من مرشّحي الصفّ الأوّل”. وذكر أنّ “على سبيل المثال، لوائح المعارضة في دائرتَي الجنوب الثّانية والثّالثة، كانت ولا تزال تتعرّض لحملات مضادّة قويّة جدًّا على صفحات التّواصل الاجتماعي، حتّى أنّها أدّت في مكان ما إلى حصول أعمال عنف على الأرض، عندما كان مرشّحو هذه اللّوائح يريدون القيام بحملتهم الانتخابيّة في الجنوب. هذا عوضًا عن اتّهامهم بالعمالة والتّخوين، من دون أن تتحرّك وزارة الدّاخليّة والبلديّات”.
وركّز على أنّ “المشكلة أنّ ما يحصل يوضَع في خانة التّحريض، ويجرّمه القانون حتّى قبل أن يكون المواطن مرشّحًا للانتخابات النّيابيّة، لكنّ في هذه الحالات لا وزارة الدّاخليّة تتدخّل، ولا القضاء المختصّ؛ وهذا خطر جدًّا”. ورأى أنّ “التّحريض الّذي نراه ضدّ عدد من المرشّحين، قد يعبّد الطّريق أمام عنف أكثر وبأشكال مختلفة بوجه هؤلاء”.
الجهة اللّبنانيّة الرّسميّة الّتي تراقب العمليّة الانتخابيّة هي “هيئة الإشراف على الانتخابات”، الّتي من مهمّاتها مراقبة تقيُّد اللّوائح والمرشّحين ووسائل الإعلام على اختلافها، بالقوانين والأنظمة الّتي ترعى المنافسة الانتخابيّة، وتلقّي الشّكاوى في القضايا المتعلّقة بمهامها والفصل بها. لكنّ العديد من علامات الاستفهام تَحوم حول عملها. وشدّد سليم على “أنّنا لا نعرف الآليّة الّتي تعتمدها هيئة الإشراف لمراقبة الإنفاق الانتخابي”.
وشرح أنّ “الإنفاق يحصل عبر حساب الحملة الانتخابيّة، وكلّ ما يتخطّى سقف المليون ليرة لبنانيّة، يُدفع عبر “شيك”، إلّا أنّ لا أحد الآن يقبل بتقاضي الأموال بواسطة “شيك”، وبالتّالي كلّ الإنفاق الّذي يحصل هو خارج إطار حساب الحملة، أي عن طريق الدّفع نقدًا”.
وكشف “أنّنا علمنا أنّ هيئة الإشراف لم تحصل إلى حدّ الآن، على الاعتمادات الماليّة اللّازمة لتقوم بمهامها. كلّ هذه الأمور ترسم ضبابيّةً حول موضوع مراقبة الإنفاق والظّهور الإعلامي”. وأفاد بأنّ “كلّ الظّهور الإعلامي يُدفع بالدّولار “الفريش”، في وقت أنّ جداول الأسعار المقدَّمة للهيئة الّتي تحدِّد كلفة الظّهور الإعلامي، قد تختلف كليًّا عمّا يتمّ الاتّفاق عليه بين الوسيلة الإعلاميّة والمرشّحين. كلّ هذه المراقبة غائبة من جهة، وغير واضحة لجهة الآليّة المتّبَعة من جهة أخرى”.
يوم أمس الخميس، جرت المرحلة الثّالثة من الانتخابات النّيابيّة المتمثّلة باقتراع موظّفي الأقلام، وقد وثّق مراقبو “لادي” شوائب فاضحة، تزيد من منسوب القلق حول سير العمليّة الانتخابيّة بعد غد الأحد. وبيّن سليم أنّ “خلال كلّ فترة الانتخابات، وخصوصًا خلال عمليّة اقتراع موظّفي الأقلام، كان واضحًا عدم الإلمام الكبير من قِبل موظّفي هيئات القلم بالقانون الانتخابي، في حين أنّهم سيكونون كتّابًا أو رؤساء أقلام يوم الانتخابات. بالتّالي كلّما كان إلمام هؤلاء ضئيلًا أو محدودًا، كلّما ستزيد عمليّة الضّغوط على النّاخبين من قِبل المندوبين، ما سيخلق فوضى داخل أقلام الاقتراع”. وجزم أنّه “ليس مقبولًا ألّا يعرف موظّفو هيئة القلم كيف يقترعون!”.
أكثر من 900 مراقب من “لادي” ونحو 200 مراقب غربي سيتواجدون في مختلف أقلام الاقتراع على كامل الأراضي الّلبنانيّة يوم الانتخابات. أعداد تبعث بنوع من الطّمأنينة بأنّ الاستحقاق الدّستوري سيكون شفّافًا و”مطابقًا للمواصفات”، وبأنّ كلّ التّجاوزات ستكون تحت السّيطرة، وستوثَّق وتُرفع إلى هيئة الإشراف على الانتخابات. فهل سيتمّ البتّ بهذه المخالفات، أم أنّها ستكون مجرّد حبر على ورق، يجفّ في السّادس عشر من أيّار؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us