اللقاحات بين ندرتها وارتفاع أسعارها… صحة أطفالنا بخطر!!


أخبار بارزة, خاص 29 أيار, 2022

كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

“لقحوا أطفالكم لا ينفع الندم”، مقولة ترددت على مسامعنا منذ طفولتنا، رافقت حملات التوعية لعدم إهمال تلقيح الأطفال، وكم هذه المقولة ضرورية اليوم. إذ إن أطفال لبنان يترعرعون على وقع أزمات تعصف ببلد لا تُؤمن فيه أبسط حقوقهم .
كم من أم وأب يبحثون يومياً عن علبة حليب من هنا أو دواء من هناك أو لقاح يمنع عن طفل أمراضاً شكّلت هواجس في مراحل سابقة .
آخر تطورات ملف لقاحات الأطفال، ارتفاع أسعارها ليتخطى بعضها المليوني ليرة لبنانية. أسعار تتخطى قدرة المواطن اللبناني الذي يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية ومن دون أي زيادات.
وفيما ليس المهم على من تقع المسؤولية، بل حماية أطفالنا من أمراض عديدة هي الأهم، أمراض تخلّص منها لبنان بفضل التلقيح وحملات التوعية، إلّا أنّ هذا الواقع عكسه تقرير أعدّته منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، تؤكد فيه تراجع تطعيم الأطفال في لبنان بنسبة تفوق 31%، محذرة من أن “الإنخفاض الحاد في معدلات التطعيم الروتينية ترك الأطفال عرضة للأمراض المميتة المحتملة مثل الحصبة وعدوى الدفتيريا أي الخناق والالتهاب الرئوي.”
ويشير التقرير الذي نُشر في نيسان الماضي إلى “إرتفاع عدد الأطفال الذين لم يحصلوا على أي جرعة، أي أولئك الذين فات حصولهم على الجرعة الأولى من اللقاح الخماسي، من 4% عام 2019 الى 13 % عام 2020 ويتوقع أن تستمر النسبة في الإرتفاع مع انخفاض تغطية التحصين، وهذا سيكون خطيراً جداً نظراً إلى الحماية التي يؤمنها هذا اللقاح ضد أمراض كثيرة”.
وفي التقرير إشارة إلى أن “الإبقاء على سلسلة التبريد للحفاظ على توفير اللقاحات – التي تتطلب وجود الطاقة – يُعتبر أمراً بالغ الأهمية، ويشكل ارتفاع أسعار الوقود تهديداً جديداً للخدمات الأساسية، مثل حسن تسليم اللقاحات…”
وبسبب الأزمة الاقتصادية ازداد عدد السكان في لبنان الذين باتوا يعتمدون على النظام الصحي العام الذي بدوره يعاني من عدم توافر التمويل اللازم، وكثير من هؤلاء السكان كانوا يعتمدون سابقاً على تأمين التلقيح الروتيني لأطفالهم عبر القطاع الخاص .
وهنا تكمن المشكلة مع ارتفاع أسعار اللقاحات في القطاع الخاص في ظل عدم ثقة المواطن بما هو متوافر في المستوصفات أو المراكز الصحية. فهل من حل؟

نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف أكد في حديث لـ “هنا لبنان” أن لا مشكلة في اللقاحات التي تعطى في المستوصفات وهي ذات مواصفات عالية وموافق عليها من قبل منظمة الصحة العالمية، إلّا أنّ المواطن اللبناني غير معتاد على الذهاب إلى المستوصف من أجل الحصول على دواء أو تلقي لقاح أو إجراء فحوصات، مع العلم أن هناك مستوصفات متوفرة في كل بلدان العالم وكثرٌ يستفيدون منها.
وفيما لفت أبو شرف إلى أن لا مشكلة في لقاحات الأطفال التي توزّعها وزارة الصحة على المستوصفات، دعا كل من ليس لديه القدرة على الذهاب إلى العيادات الخاصة إلى التوجه نحو المستوصفات وفتح ملف للحصول على دواء خصوصاً للأمراض المزمنة الباهظة الثمن أو تلقي لقاح إما مجاناً أو بسعر زهيد.
أما عن غلاء الاسعار، فيشير أبو شرف إلى أن اللقاحات في لبنان كانت إما عن طريق تقديمات أو هبات أو مدعومة من الدولة اللبنانية وعند رفع الدعم عنها نكون أمام السعر الحقيقي لها الذي هو بالأساس مرتفع لبعض أصناف هذه اللقاحات مقابل سعر الدولار.
وأمام هذا الواقع سيكون طبيب الأطفال أمام واقع تراجع الإقبال على العيادات الخاصة، وفي هذا السياق لفت أبو شرف الى أن لا شيء يمنع من أن يُعطى اللقاح في مكان على أن يُتابع نمو الطفل عند طبيبه.
وعن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي وتأثيرها على اللقاحات شدد أبو شرف على أن هذه المشكلة مشتركة بين الجميع إن كان في العيادات الخاصة أو المستوصفات .
وأكد وجوب أن يؤخذ بالاعتبار الظرف الذي نعيشه جميعاً ووضع المواطن المفلس مادياً والدولة المفلسة والطبيب المفلس.
وإذ اعتبر أن الوضع لا يزال مضبوطًا صحيًّا بالنسبة للأطفال في لبنان إلى حدّ ما، شدد على أهمية التعاون لتجاوز المرحلة بأقل ضرر ممكن، وعلى الدولة اللبنانية تأمين الحد الأدنى إن كان للمريض أو الطبيب ليعيش الإنسان بكرامته، فيما الطبيب يترك وطنه لأن لا شيء يشجعه على البقاء، والمريض لا أموال لديه إذ أن راتبه لا يزال كما هو بالكاد يكفيه لتأمين المأكل وبالتالي من أين سيأتي بالأموال للدواء والمدارس.
أبو شرف رأى أننا نتجه نحو انفجار اجتماعي، ولا أحد يحاول إيجاد الحلول عن طريق ضخ أموال من الخارج .

هذه المعاناة يعيشها طبيب الأطفال يومياً مع عدم قدرة الأهالي على تأمين اللقاح لأطفالهم إما بسبب انقطاعه أو لأسباب مادية، وفي هذا الإطار تحدث طبيب الأطفال الدكتور أنطوان فرح لـ “هنا لبنان” عن الضغط الهائل الذي يعانيه الأهل لتأمين اللقاحات، لافتاً إلى استمرار النقص في بعض اللقاحات التي إن وجد البديل عنها ليس من المؤكد كأطباء “أننا نستطيع استعمالها في عياداتنا بشكل آمن كاللقاحات التي اعتدنا عليها لأكثر من 25 سنة في لبنان وتحتاج هذه اللقاحات إلى وقت لتثبت فعاليتها والأمان باستعمالها خصوصاً عند الأطفال ما دون الـ 6 أشهر. كما أن هناك بعض الإختلاف في اللقاحات المتوفرة في القطاع الخاص والمصنعة في أوروبا وأميركا وبين اللقاحات المتوفرة في المستوصفات ولكن ليس بالفعالية إنما بردات الفعل كالحرارة والإحمرار مكان الوخز بإبرة اللقاح”.
ولأن لا مدخول بالدولار لدى الكثير من أهالي الأطفال، أكد فرح أن لا خيار لدى هؤلاء سوى بتطعيم أولادهم بهذه اللقاحات أو باللقاحات التي تؤمنها منظمة الصحة العالمية وهي ليست متوافرة في كل المستوصفات في لبنان.
في العامين الأخيرين لاحظ فرح عودة ظهور بعض الأمراض كالجدري والروتا فيروس بسبب فقدان اللقاحات وتوقف الأهالي عن تلقيح أولادهم نتيجة الأزمة الاقتصادية ولعبة الدولار التي تسبّبت بانقطاع اللقاحات إضافة الى الحجر أثناء انتشار كورونا.
أما الحل بحسب فرح فهو بانضمام لبنان إلى التحالف العالمي للقاحات GAVI للحصول على اللقاحات بجودة عالية وبسعر أقل من سعر السوق ما يحقق وفراً كبيراً في ظل الأوضاع الإقتصادية الحالية.
…وللأسف!! بتنا نعيش في بلد لا تصان فيه اليوم حقوق الطفل فكيف سيكون مستقبله؟!!…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us