لاستحقاق رئاسي في موعده!


أخبار بارزة, خاص 21 حزيران, 2022

كتب رامي الريس لـ “هنا لبنان”:

ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر انتهاء الولاية الرئاسية الحالية، فالعهد الحالي أذاقهم المر ولم يكترث بتاتاً للبحث في كيفية إخراجهم من أزماتهم المتراكمة، لا بل أمعن في تعميقها وتأبيد بعضها إلى حدود لم يكن من المتوقع بتاتاً الوصول إليها. أما الأشد إيلاماً، والأكثر فضائحية، هو تلك النصيحة التافهة التي أسداها الرئيس للبنانيين في إحدى مقابلاته المتلفزة، مقترحاً على أولئك الذين لا يعجبهم الوضع أن يهاجروا، ففعلوا.
لم يترك الرئيس الخيار للغالبية الساحقة من اللبنانيين الذين فقدوا الأمل تماماً بإمكانية قيامة وطنهم، فرحلوا إلى أقاصي الكرة الأرضية بحثاً عن لقمة العيش والاستقرار النفسي والإجتماعي والطمأنينة، وبحثاً أيضاً عن جنسيات أخرى يستفيدون من خلالها بتعليم أولادهم وضمان صحتهم وشيخوختهم. كلها مزايا باتت مفقودة في لبنان. أما أولئك الذين لم يغادروا البلاد، فإما لأن بعضهم أثرى من التلاعب بالعملة والمضاربة فيها، وإما لأن لا إمكانية لديهم للقيام بذلك (وقوارب الموت من طرابلس الجريحة تشهد على ذلك)، وإما لأنهم فعلاً لا يرغبون بذلك.
كل الكلام عن قيام حكومة جديدة في الوقت المتبقي من العهد لا يعدو كونه يصب في إطار تضييع المزيد من الوقت وهدر المزيد من الفرص. كيف سيسهل من عرقل تأليف الحكومات في السنوات الماضية ولادة سريعة لها ما لم ينل فيها حصة الأسد؟ وكيف سيقبل من عرقل عمل المؤسسات في الماضي بأن يسلم العهد حكومة جديدة لا يمتلك فيها ناصية القرار ويكون هدفها الأساسي العمل على توفير فرص وصوله إلى الرئاسة؟ ألا يساهم بقاء حكومة تصريف الأعمال في الترويج لنظرية بقاء الرئيس في القصر الجمهوري تحت ذريعة عدم جواز تسليمه السلطة لحكومة غير مكتملة الأوصاف، وهي مجرد نظرية لا تمت إلى الدستور بصلة ولا ترمي سوى إلى استدامة بقائه في القصر وبالتالي استدامة أزمات اللبنانيين وتعميقها.
وحده البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي فتح مبكراً معركة الرئاسة وفي ذلك رمزية كبيرة تعكس أولاً حرصه على احترام المواعيد الدستورية، وتعكس ثانياً رغبته الحاسمة بعدم بقاء الرئيس في القصر الرئاسي ليوم واحد بعد انتهاء ولايته. إنها طريقة بكركي في مقاربة الملفات الوطنية الحساسة والمفصلية. في قداس اختتام السينودس، قال البطريرك: “نرفض الشغور الرئاسي والفراغ الدستوري لأنهما مرادفان لتطورات يصعب ضبطها دستورياً وأمنياً ووطنياً”.
كلام البطريرك، بطريرك الكلام. نقطة على السطر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us