مرضى السرطان يواجهون “أخبث” المعارك: إمّا فقدان الدواء أو غلاؤه.. أو تزويره


أخبار بارزة, خاص 22 حزيران, 2022

كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:

يُعاني مرضى السرطان في لبنان الأمرَّين، ووجعهم لا يفوقه وجع، إذ لم تعُد معركتهم مع “المرض الخبيث” حصرًا، إنّما يخوضون معارك “أخبث” لتأمين علاجهم وتكاليفه، فهم إن وجدوا أدويتهم يجدونها بأسعارٍ مبالغ بها، وإن استطاعوا شراءها فقد تكون مزوّرة، ما يُهدّد صحّتهم بشكل مباشر، ويؤدي إلى تدهور وضعهم النفسي وتأخر استجابتهم للعلاج.
فقدان أنواع عديدة من أدوية السرطان في الصيدليات دفع من يحتاجونها للّجوء إلى “السوق السوداء” لتأمينها دون معرفة الجهات المؤمّنة ومصادرها.
وفق معلومات لـ “هنا لبنان”، أدوية كثيرة باتت تصل إلى لبنان من دول الخارج، وتحديدًا من تركيا وأوروبا، جوًّا وبرًّا عن طريق سوريا، عبر أفراد يبيعونها في “السوق السوداء”، إلّا أنّ الأمر “المُخيف” هنا هو عدم اعتماد بعض “تُجّار الدواء” المعايير السليمة لتخزين الأدوية لناحية التبريد وسواها، ما يؤثّر على فعالية الدواء.
أمّا الأسعار، فتختلف من “تاجر” إلى آخر، كلٌّ حسب “مزاجه”، وقد يصل الفارق في الدواء الواحد إلى حدود الألف دولار.
مثلًا إبرة الـ “Keytruda” التي تُستخدم لعلاج مرضى السرطان، تُباع من ثلاثة مصادر: الدواء “الوكيل” (قانوني لكنّه يُباع عبر محتكرين) وسعره في حدود الـ 1650 دولار، الدواء “التركي” (غير قانوني) وسعره تقريبًا 1100 دولار، والدواء “الفرنسي” (غير قانوني) وسعره يصل إلى الـ 4700 دولار.
مع الإشارة هنا إلى أنّ الدواء “غير القانوني” هو الذي يدخل لبنان عبر الأفراد وليس الوكلاء، وهذا لا يعني أنّ هذه الأدوية مزوّرة وغير فعّالة.

“لم نكن نتوقّع أنّ التزوير وصل إلى هذه الدرجة، إلى حدّ “قتل” مرضى السرطان”، تقول مريم، ابنة مريضة سرطان تُعالج في إحدى مستشفيات بيروت، وتضيف لـ “هنا لبنان”: “وضعنا مأساوي، نحن نعاني كثيرًا لتأمين الأدوية التي تحتاجها والدتي كل فترة، وفي كل مرّة نؤمّنها من مصدر مختلف. وفي النهاية نجد أنّ الدواء الذي نؤمنه “بالسراج والفتيلة” مزوّر، فالشهر الفائت أُصيبت والدتي بحساسية لم تُعانِ منها في المرّات السابقة، جرّاء الدواء المهرّب”.
الغش الذي تعرضت له والدة مريم ليس حالة فريدة، فبحسب طبيب الأمراض السرطانية منيف غيث، إنّ “عددًا من الأطباء الزملاء يتحدثون عن تأمين مرضاهم لأدوية غير فعّالة بالدرجة المطلوبة، لكن حتى الآن لم نسمع بمريض تعرّض إلى حالة خطرة جرّاء الدواء فالحالات في معظمها تعرضت إلى تحسّسٍ، إنّما بالطبع هي تؤثّر سلبًا على تجاوب المريض مع العلاج”.
ويوضح غيث لـ “هنا لبنان” أنّه “ممكن لذوي المريض أو للطبيب التواصل مع شركات الأدوية للتدقيق في الرقم التسلسلي الخاص بعبوة الدواء (barcode)، لكّن هذا الأمر بات صعبًا بسبب إنتاج أدوية عديدة عن طريق أكثر من شركة”.
ويلفت الطبيب إلى إنّ الأدوية التي يؤمّنها المرضى تكون إمّا عن طريق المغتربين أو عبر “السوق السوداء”، وتتنوّع مصادرها بين تركيا، إيران، أوروبا وأفريقيا.
وعن عدم قدرة المرضى على تلقي العلاج جرّاء الأسعار الجنونية، يقول غيث: “يوجد عدة مرضى يُحرمون من العلاج بسبب العائق المالي ما يؤدّي إلى تأخّر علاجهم وتدهور حالتهم الصحية، وموتهم للأسف”.

في هذا السياق، يقول نقيب الصيادلة جو سلّوم لـ “هنا لبنان” إنّ “الأدوية التي تأتي عن طريق التهريب، سواء من تركيا أو غيرها، ليس باستطاعة أحد معرفة ما إن كانت نوعيتها جيّدة أم مزوّرة، وهذا يُعرّض حياة المريض للخطر”.
ويوضح سلوم أنّ “اللجوء إلى الأدوية المزوّرة سببه عدم وضع الدولة خطة سليمة لتأمين الدواء، فالدواء المهرّب قد يفتقد للشروط اللازمة في عملية النقل حين يتعرّض لأشعة الشمس والرطوبة، لذلك على الدولة تبنّي خطة دوائيّة واضحة تؤمّن تسليم الدواء من المستوردين إلى الصيدليات”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us