الرئاسة اللبنانيّة: إقرأوا كلام بكركي!


أخبار بارزة, خاص 12 تموز, 2022

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان” :

لافتة جداً هي المواصفات التي حددّتها بكركي لرئيس الجمهوريّة المقبل. فرغم أن البطريرك الراعي سار على خطه سلفه البطريرك صفير في رفض تنحية رئيس الجمهوريّة في الشارع على وقع الاحتجاجات الشعبيّة؛ إلا أنه لم ينفك يكرّر في عظاته الأسبوعيّة ضرورة الالتزام بالمهل الدستوريّة لانتخاب الرئيس والإبتعاد عن الأساليب الملتوية في التسويف والمماطلة.
مع أن فكرة رفض إسقاط رئيس الجمهوريّة وفق الأساليب السلميّة والديمقراطيّة قبل إنتهاء ولايته باتت تحتاج إلى نقاش معمّق؛ إلا أن الكلام البطريركي عن الرئاسة والرئيس يستحق العناية والاهتمام لا سيمّا أنه صادر عن مرجعيّة وطنيّة لها دورها ووزنها الكبير.
لقد سبق أن تنحى رئيس الاستقلال الأول بشارة الخوري سنة 1952 على وقع “الثورة البيضاء” ولم يتمكن من إكمال ولايته التي جُددّت لست سنوات. ولم “تخرب الدنيا”، بل انتخب خلفه كميل شمعون الذي بدوره أخفق في تمديد ولايته وغادر الرئاسة على وقع تداعيات “ثورة 1958″، وأيضاً لم “تخرب الدنيا”، بل انتخب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب كخليفة له وحقق جملة من الإصلاحات المؤسساتيّة التي لا تزال آثارها قائمة حتى يومنا هذا. وطبعاً، غني عن الذكر أن الرئيس شهاب رفض تمديد ولايته رغم توفر الأكثريّة النيابيّة المريحة لذلك.
المهم الآن أن نقاش إسقاط الرئيس بات خلفنا لأن الأحداث تجاوزته وليس اقتناعاً بصحته. طالما أن الضغط للتنحي يتوسل الأساليب السلميّة والديمقراطيّة، فأين المشكلة في ذلك؟ في نهاية المطاف، المستهدف الرئيس بشخصه وليس بطائفته، وخليفته سيكون من الطائفة ذاتها طالما لا يزال النظام الطائفي المقيت يتحكم بمختلف نواحي الحياة الوطنيّة اللبنانيّة.
مهما يكن من أمر، فإن الكلام البطريركي الأخير عن مواصفات رئيس الجمهوريّة في غاية الأهميّة، إذ قال: “أنّنا نرفض مع شعبنا، التّلاعب باستحقاق ​رئاسة الجمهورية​. نتمسّك بضرورة احترام هذا الاستحقاق بوقته الدّستوري، وندعو لانتخاب رئيس متمرّس سياسيًّا وصاحب خبرة ومحترم وشجاع ومتجرّد، أن يكون رجل دولة حياديًّا في نزاهته، وملتزمًا في وطنيّته، ويكون فوق الاصطفافات والمحاور والأحزاب ولا يشكّل تحدّيًا لأحد”.
ثمّة تفسيرات سياسيّة عديدة يمكن سوقها في إطار قراءة هذا الكلام. ولعل أبرزها أن يكون الرئيس المقبل “لا يُشكّل تحديّاً لأحد”، بمعنى أن يكون قادراً على الحفاظ على مسافة واحدة من مختلف مكونات المجتمع السياسي اللبناني وألا يكون منحازاً لأي منها أو، بعبارة أكثر وضوحاً، ألا يُسخّر الرئاسة بما تمثّله من رمزيّة وطنيّة وموقع دستوري هو الأول في الجمهوريّة، لغاياته المصلحيّة والفئويّة، كما هو الحال راهناً مع الرئيس ميشال عون الذي فشل في مغادرة مربع التيار الوطني الحر إلى مربع الوطن!
إن البناء على مواقف بكركي المتتالية وإصرارها المسؤول على إتمام الاستحقاق الدستوري الأهم في المرحلة المقبلة، هو مسؤوليّة كل الكتل النيابيّة التي يفترض بها الإلتزام بالمواعيد الدستوريّة وإنجاز الانتخاب دون إبطاء أو تعطيل كما حصل في المراحل السابقة.
يستحق لبنان رئيساً وطنيّاً جامعاً عاقلاً مسؤولاً ومعتدلاً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us