لبنان لا يملك المال لزيادة رواتب وأجور موظفيه.. فما هو الحل “المنطقي” الوحيد؟


أخبار بارزة, خاص 15 تموز, 2022

كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:

تستمر رابطة موظفي القطاع العام في تنفيذ الإضراب العام “المفتوح” الذي بدأته منذ أربعة أسابيع، للمطالبة بتعديل الأجور بما يتناسب وتراجع القدرة الشرائية لرواتبهم التي لم تعد لها أي قيمة بعدما بلغ متوسطها 2 مليون و500 ألف ليرة، أي 80 دولار أميركي.
وبحسب رابطة موظفي القطاع العام، فإن الإضراب المفتوح لن يتم التراجع عنه ما لم يتمّ إقرار تعديل الرواتب، فهل لدى الدولة اللبنانية القدرة على رفع الرواتب والأجور؟
“لا تستطيع الدولة زيادة أجور موظفي القطاع العام، فهي لا تملك المال لتمويل أي زيادة في الرواتب والأجور”، يُجيب مدير معهد دراسات السوق باتريك مارديني الذي يؤكّد أنّ “الدولة اللبنانية لا تستطيع رفع الرواتب، لأنّها لا تملك الإيرادات الكافية لتغطية النفقات الحالية بين رواتب وأجور وخدمة دين عام بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي، وهذا ما يُسمّى بعجز الموازنة العامة، ولذلك الدولة اليوم ليست في وارد زيادة نفقاتها التي هي أصلًا لا تستطيع تغطيتها”.
ويشرح مارديني لـ “هنا لبنان”: “الدولة اللبنانية لم تكن تملك مداخيل كافية لتغطية نفقاتها بسبب التهرّب الضريبي والجمركي وعدم الجباية وغيرها من المشاكل، لكنّها تاريخيًّا كانت تستدين هذا الفارق من الأسواق المالية. واليوم الدولة تخلّفت عن دفع ديونها، على الأقل ديونها المُعنونة بالدولار أو ما يُسمّى بالـ “يوروبوند”، وبالتالي لم تعد الأسواق المالية تُقرض لبنان لأنه يعجز عن سداد ديونه، واليوم مع تخلّف دفع سندات اليوروبوند الدولة لم تعد قادرة على تمويل نفقاتها”.
إذًا، ضعف مصادر التمويل الطبيعية للحكومة اللبنانية أي الجباية الضريبية والجمركية، التعريفات والرسوم، من جهة، وعدم قدرة الدولة على الإستدانة من جهة أخرى، لن يُمكّنا الدولة من زيادة الرواتب والأجور لموظفيها.
ما الحل؟
وفق مارديني هناك حلّان لهذه المسألة، واحد “سيّئ جدًّا” وآخر “منطقي”.
الحل السيئ هو “زيادة الرواتب الأجور من خلال التضخم، أي التمويل من خلال طباعة الليرة اللبنانية، ما يعني زيادة الكتلة النقدية، ففي حال لجأت الدولة إلى هذا الإجراء، سنشهد المزيد من التضخم وزيادة في الأسعار وانهيار بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، وبالتالي زيادة الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام 50 في المئة مثلًا – بغض النظر إن كان لكافة الموظفين أو لجزء منهم – سيُقابلها ارتفاع في الأسعار بنسبة 70 أو 80 في المئة، إذن سيكون الموظف هو الخاسر”، يقول مارديني.
ويضيف: “لذلك هذا الحل يضر بالموظفين ولا يفيدهم لأنّه “إسميًّا” ستزيد معاشاتهم والتضخم لن يكون في صالحهم، لأجل ذلك برأيي الحديث اليوم عن رفع رواتب موظفي القطاع العام هو غير منطقي”.
أمّا الحل المنطقي، فهو “ترشيد القطاع العام وإعادة هيكلة هذا القطاع، بمعنى أن نترك الخيار لموظفي القطاع العام في مغادرة وظائفهم”، ويوضح مارديني أنّ “اليوم يوجد الكثير من الأشخاص في الأسلاك العسكرية والمدنيّة لديهم الاستعداد للتخلي عن “وظيفة الدولة” في حال سمحت الدولة لهم بذلك مع إعطائهم تعويضاتهم، وبالتالي ما توفّره الدولة في رواتب هؤلاء تزيده على رواتب من يبقى في مهامه”.
في الخلاصة وبحسب رأي مارديني، فإنّ تأمين التمويل من خلال ترشيد الأنفاق هو الحل الوحيد اليوم لزيادة الرواتب والأجور وإلّا انعكاسه على الإقتصاد سيكون تضخمياً وسيّئاً جدًّا.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us