الأمن الذاتي على الأبواب فهل سيستعيد لبنان إرث الحرب الأهلية مجدداً؟


أخبار بارزة, خاص 23 تموز, 2022

كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

بأساليب وفنون وخطط لا تخطر ببال بات “الحرامي” يقتحم المنزل “المستهدف”، متخطياً حدود المغامرة بحياته في بعض الحالات، وهنا لسنا أمام سرقة بطارية أو دراجة نارية من الطريق، بل أمام اقتحام وقح لغرف النوم وأصحابها نائمون فيها، ليسرق ما خف وزنه وغلا ثمنه من أموال ومجوهرات ليكون لبنان أمام سابقة خطيرة على يد سارقين أذكياء، وهذا ما وضع الكثير من اللبنانيين في حالة قلق كبيرة، بعد أن بات اللبناني يُسرق وهو داخل منزله.

” بلد فلتان” وصف من أكثر التوصيفات تداولاً في لبنان، إذ لا يمر يوم إلا ويحمل في جعبته عشرات السرقات على امتداد الأراضي اللبنانية ومن ضمنها “النوع المذكور”، في بلد لم يعد عنصر “الأمن” ولا “الأمان” متوفرين فيه لا للمواطن ولا لممتلكاته ولا لأفراد عائلته. فهل دفع هذا الواقع المقلق اللبنانيين إلى حماية أرواحهم وأرزاقهم وممتلكاتهم بأيديهم متسلحين بأسلحة فردية لإنجاز المهمة وبشكل علني؟ وهل عاد لبنان إلى حقبة الأمن الذاتي؟

من على شرفة منزله في شارع السانت تريز في محلة الحدث إعتاد عدنان م. (طالب جامعي) رؤية سيارات رباعية الدفع سوداء اللون ذات الزجاج الداكن، متوقفة أمام مفرق الشارع، يترجل منها عدد من العناصر المسلحة (بالأسلحة الفردية) فيما يبقى العدد الباقي داخل السيارات متأهبا لأي حالة طارئة.

ويتابع عدنان في حديثه لـ “هنا لبنان”: ألاحظ كيف يقيمون حاجزًا ثابتًا لبضع ساعات يدققون بهويات بعض المارة كذلك بهويات أصحاب السيارات التي تمر عبر الحاجز وأوراق سياراتهم الثبوتية، كل ذلك يحصل تحت ستار البلديات، وهؤلاء تابعون لأحد أحزاب المنطقة”.
هذه الدوريات تضم أحياناً 4 سيارات تسير ذهاباً وإياباً في حي الميكانيك وشارع راديو أورينت، يقوم من فيها بإقامة حواجز ثابتة ومتحركة وذلك كله لأسباب أمنية تتعلق بمكافحة حالات السرقة والنشل التي زادت وتيرتها في هذه المنطقة، وفي عشرات المناطق اللبنانية، حيث يركزون أيضاً على التدقيق بهويات من يبدو غريباً عن المنطقة في ساعات الليل المتأخرة.

ويشهد لبنان ارتفاعاً كبيراً في جرائم السرقة والنشل المسجلة في مختلف مناطقه، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية، فيما تزداد مخاوف اللبنانيين من تعرضهم لهذه الجرائم، ليتحولوا من حيث لا يدرون وبوقت قصير إلى ضحايا لهؤلاء، بفقدانهم أموالهم وممتلكاتهم التي غالباً لن تعود إليهم.

ويؤكد عدنان أننا أمام أشخاص حلوا مكان الأجهزة الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي التي من مهامها ضبط الأمن في كل المناطق اللبنانية، ولكن للأسف أمام ما وصلنا إليه من انهيار مالي واقتصادي والظروف التي يعيشها البلد، وبفعل النقص الذي كانت أصلًا تعاني منه أجهزة قوى الأمن الداخلي قبل أزمة 2019 ، كذلك رفض هذا الحزب لتدخل القوى الأمنية والجيش في العديد من المناطق التي يعتبرها (محسوبة عليه) هذه العوامل مجتمعة حولت الأمن إلى أمن ذاتي، “وهذا غير مُحبذ لأن المواطن يطمئن أكثر عندما يرى عناصر الأمن التابعة لأجهزة الدولة العسكرية، هي من تقوم بهذه المهمة وعلى الأقل عناصر تابعة للبلديات، وهذا ما لم ولا يحصل” على حد تعبيره.

وإذا كانت العديد من البلديات ترفض ظاهرة الأمن الذاتي، فإن شرطة البلدية فيها تعاني من نفس ما تعانيه معظم البلديات في لبنان من حجب المستحقات عنها، وخفض سقف سحوباتها، وعدم تنظيم عائداتها ومشكلة ارتفاع سعر صرف الدولار، وتدني قيمة رأسمالها مع اتحادات البلديات. ومن بين من أكد لنا رفضه هذه الظاهرة رئيسا بلدية الدكوانة أنطوان شخطورة والجاهلية أمين أبو ذياب.

وحول مدى فعالية “الأمن الذاتي” يبدي عدنان أسفه لأن هذه الإجراءات لم تؤت ثمارها ويوضح “في الحي الذي أسكنه حصلت سرقة دراجات نارية وأسلاك كهربائية منذ أيام وتم الاعتداء على حراس عدد من المباني (نواطير) أمام عدسات كاميرات المراقبة الخاصة بكل مبنى، ولم نشهد توقيف حرامي واحد، ليسأل: هل باتت إجراءات “الأمن الذاتي” لا تعدو كونها استعراضاً لمنطق القوة والسلاح؟

وانتقالاً إلى عدد من البلدات الواقعة في محيط مدينة النبطية يشدد زياد خ. (وهو من المتابعين للوضع الأمني فيها) أن الأمن الذاتي ليس مطروحاً عندنا، والبلديات هنا لديها الجهوزية لمواكبة أي تطور أمني، معتبراً أن ظهور الناس بالسلاح الفردي يشكل عامل قلق لبعض الناس خصوصاً عند الزوار الجدد لبعض البلدات من سياح ومغتربين، كذلك تسبب إشكالات غير محبذة أبداً.

وبرأيه، فإن المنطقة تعيش موسم سياحة وحفلات، والناس تسهر بشكل عام حتى ساعات الصباح الاولى، وهذا ما يساعد على التخفيف من حالات السرقة، لافتاً إلى أن الناس وشرطة البلدية تلاحظ دخول أي شخص غريب إلى المنطقة والناس تعرف بعضها البعض جيداً، وحتى النازحون السوريون يخضعون لشروط تتعلق بالتنقل وأي مخالفة تتم ملاحقتها فوراً من أعضاء البلدية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us