عودة هوكشتاين بانتظار ردّ إسرائيلي مقيّد باستحقاقات… وأي تأثير لتطوّرات غزة؟!


كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

التجارب في المنطقة علمتنا “التفاؤل بحذر” بأيٍّ ملفٍّ كان، لأنّ أيّ تطوّر كفيل أن ينسف هذا التفاؤل ويعيد عقارب الساعة إلى الوراء، فكيف بملفٍّ شائك كترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل! وعلى رغم الإيجابية التي عكستها أجواء اللقاءات التي عقدها الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين إلّا أنّه لم يتّضح بعد الموقف الإسرائيلي الذي يحيطه الغموض خصوصاً بعد أن طغت التطورات في غزة على الملفات الأخرى.
مصادر مطلعة أكدت لموقع “هنا لبنان” أن لبنان قد أدلى بما لديه أمام الوسيط الأميركي في اللقاء الذي عُقد في القصر الجمهوري بموقف رسمي موّحد يتضمن ثوابت و لاءات: لا تنازل عن الخط 23 وحقل قانا كاملاً، لا استثمار مشترك للحقول المسماة “متنازعاً عليها”، لا للتنقيب المشترك، لا لتقاسم الأرباح في أيٍّ من الحقول المشتركة.
هذه الثوابت حملها هوكشتاين، بحسب المصادر، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وقد عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر اجتماعاً اطَّلع فيه على تطوّرات هذا الملف. وعلى رغم بروز تفاؤل إسرائيلي للتوصّل إلى اتّفاق، تبيّن أن هناك رأيان في الحكومة الإسرائيلية: رأي يقول إنه يجب بتّ الموضوع وترسيم الحدود لتفادي أي مشاكل محتملة من أجل التفرغ لاستخراج الغاز، ورأي آخر متشدد يطالب بثلاثة أمور:
أوّلًا- في حال الموافقة الإسرائيلية على التّخلّي عن جزء من قانا، على لبنان إعطاء ضمانات أمنيّة، وهذا مطلب خطير بحسب المصادر، إذ إنَّ الضمانات الأمنية تتجاوز ما يتعلّق بالبحر لتطال الالتزام بعدم حصول أيّ عمل حربي ضدّ إسرائيل متذرّعين بأنّ ذلك حقّ من حقوقهم لأنّه جزء من قرار مجلس الأمن 1701 الذي حتى اليوم لم ينتقل إلى مرحلة تنفيذ وقف إطلاق النار ولا نزال في المرحلة الأولى أي وقف الأعمال العدائية. وبذلك، بحسب المصادر، يتجاهل الاحتلال الإسرائيلي أنّه هو الذي يعتدي على لبنان بخروقه المتكررة.
ثانياً- تسهيل عملية استخراج الغاز من دون أيّ مشاكل أو اعتراض ما يمكن أن يؤثّر على سير العمل.
ثالثًا- المطالبة بضمانة أميركية في حال ظهور حقول مشتركة تحت الماء في المستقبل ممتدة إلى المناطق الحدودية للأراضي المحتلة، وهذا أمرٌ يحصل دائماً في الحدود البحرية بين الدول، بالاستفادة من هذه الحقول، كما يتعهّد الجانب الإسرائيلي بإعطاء لبنان حصصاً إذا كان هناك حقول مشتركة، إلّا أنّ لبنان يرفض ذلك انطلاقًا من موقفه الرّافض للتطبيع والتنسيق مع الإسرائيلي.
أمام هذا المشهد تم الاستمهال في مجلس الوزراء المصغر لاتّخاذ القرار من أجل المزيد من التشاور والبحث. ولأن الأحزاب الإسرائيلية تُعدّ العدّة لخوض انتخابات نيابية مبكرة في تشرين الثاني المقبل، فإنّ هناك تردّداً من القيّمين على اتّخاذ القرار في إعلان الموافقة النهائية، وبالتالي توقعت المصادر أن يأخذ إعلان الموقف الإسرائيلي النهائي وقتاً، وثمّ حصلت تطوّرات غزة التي من شأنها أن تخلق جوًّا سلبيًّا إضافيًّا بسبب انشغال القيادتين العسكرية والسياسية الإسرائيلية ما يمكن أن يؤدّي إلى التأخّر قليلًا في إعلان الموقف الإسرائيلي من النقاط التي طرحها لبنان.
وفي وقت ينتظر لبنان الجواب، فإنّ المصادر لفتت إلى أنّ هناك كلاماً إسرائيليًّا حول إمكان تأجيل استخراج الغاز عن الموعد في أيلول إن لمسوا الجدّية في إمكان التوصّل إلى اتّفاق قريب حول الترسيم.
وبطبيعة الحال فإن هوكشتاين لن يعود قبل أن يكون هناك جواب إسرائيلي واضح. وهو سيُعِدّ تصوّرًا يتضمّن الموقفين اللبناني والإسرائيلي، على أن تتم الإضاءة على القواسم المشتركة التي على أساسها ستنعقد المفاوضات غير المباشرة مجدّداً في الناقورة لتكريس الاتفاق على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة والوسيط الأميركي والوفدين اللبناني والإسرائيلي. وفي هذه الحالة على الحكومة تعديل المرسوم 6433 عبر إدخال حقل قانا كاملاً إلى الحدود البحرية اللبنانية على أن يُودع المرسوم معدلاً مع الخرائط والإحداثيات لدى الأمم المتحدة.

أمام الحاجة الأوروبية والأميركية للوصول إلى حلّ بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، والحاجة الدولية إلى الاستقرار وإلى الغاز، وفي ظلّ الوضع الإسرائيلي الداخلي، الفرصة متاحة اليوم للبنان: إمّا أن يستغلّها أو يبقى بلد “الفرص الضائعة”!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us