اللبنانيون متروكون لقدرهم!


أخبار بارزة, خاص 16 آب, 2022

كتب رامي الريّس لـ”هنا لبنان”:

اللبنانيون متروكون لقدرهم البائس! هذه هي الحقيقة المرّة التي يُفترض بهم أن يدركوها رغم قساوتها وبشاعتها. الفترة الفاصلة حتى نهاية العهد الرئاسي تمتد حتى أواخر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وهي الفترة التي تبدأ فيها الإستعدادات لفصل الشتاء والعودة إلى المدارس والجامعات.
أن يكون القيّمون على إدارة الشؤون العامة، وفي مقدمها تأليف الحكومات المسؤولة عن تسيير شؤون البلاد، لا يكترثون إلا لحصصهم وأوزانهم السياسيّة وصلاحياتهم فهذا أصبح أمراً معروفاً إختبره اللبنانيون في تجارب تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ سنواتٍ إلى اليوم. وهذا ما يجعل تأليف الحكومة الجديدة مسألة شبه مستحيلة فيما تبقى من العهد.
ولكن ألا تكترث حكومة تصريف الأعمال للقيام بالحد الأدنى من تصريف الأعمال لتعزيز الصمود الإجتماعي للمواطنين في ظل الدولرة المتزايدة للإقتصاد والصعود الجنوني دون سقف لسعر صرف الدولار الأميركي وإنعكاس ذلك على أسعار المواد الغذائيّة والمشتقات النفطيّة وكل السلع؛ فإن ذلك يعكس غياب الحد الأدنى من الأخلاق السياسيّة التي من الضروري أن يتحلى بها أي مسؤول سياسي في أي موقع كان.
المسؤوليّة الأولى والأساسيّة طبعاً تقع على عاتق رئيس الجمهوريّة وفريقه الإستشاري الذي يديره صهره وقد تولى طوال السنوات الماضية تعطيل المؤسسات الدستوريّة وشلها وحال دون تأليف الحكومات بالسرعة المطلوبة لأنه كان، بكل بساطة، يفتعل في كل مرة المعارك الوهميّة ويحارب طواحين الهواء في قضايا الصلاحيّات.
وها هو اليوم يعود ليطرح المعادلات ذاتها فيما خص الانتخابات الرئاسيّة المقبلة مشترطاً أن يكون التمثيل السياسي والشعبي للرئيس تمثيلاً واسعاً معتبراً أن هذا العرف الذي تكرّس مع الرئيس ميشال عون لا يجوز التراجع عنه.
ولكن، من قال أن معيار نجاح الرئيس في سدة الرئاسة هو شعبيته؟ الرئيس فؤاد شهاب لم يكن يملك كتلة نيابيّة وازنة، وثمّة إجماع على أنه كان الرئيس الأكثر كفاءة في تاريخ لبنان المعاصر وحقق إصلاحيات مؤسساتيّة وإداريّة هامة لا تزال آثارها قائمة حتى يومنا هذا. الرئيس شارل حلو كان المثقف العاقل الذي حالت إنزلاقات البلاد نحو النزاع المسلح دون قدرته على القيام بمهامه كاملة. الأمر ذاته ينطبق على الرئيس إلياس سركيس.
كذلك، الرئيس ميشال سليمان أتى من قيادة الجيش إلى الرئاسة الأولى، وشهد عهده إزدهاراً إقتصاديّاً ونمواً ملحوظاً رغم كل جهود التعطيل التي بُذلت من قبل محور الممانعة وحلفائه خصوصاً بعد أن تحدّث عن “المعادلة الثلاثيّة الخشبيّة”.
إن مقاربة الملف الرئاسي اللبناني تتطلبُ صياغة عناصر ومعايير جديدة أهمها أن يكون الرئيس الجديد قادر على الجمع بين اللبنانيين لا التفريق بينهم أو تكريس إنقساماتهم. أي “رئيس قوي” هو بحد ذاته جزء من حالة الإنقسام والاستقطاب، سواءً أكان في الشارع المسيحي أم في الشارع الوطني. لقد جرّب اللبنانيون “رئيس التحدي” ولمسوا تماماً إلى أين أوصلهم!
لذلك، لا بد من التفتيش عن شخصيّات وزانة قادرة أن تستعيد الثقة بالبلاد وأن تعيد فتح علاقات لبنان العربيّة والدوليّة وأن تنتشل لبنان من المأزق الإقتصادي والمالي والنقدي الكبير. لا ينقص لبنان كفاءاتٍ في هذا المجال.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us