الجهوزية والمفاجأة الرئاسية


أخبار بارزة, خاص 28 أيلول, 2022

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

لم ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري انتهاء جلسات الموازنة، حتى قام بتحديد موعد لانتخاب رئيس الجمهورية في أول جلسة في المهلة الدستورية، بعد 48 ساعة، ورمى الطابة في خانة جميع الكتل وخصوصاً منها كتل المعارضة التي بدا وكأنها أخذت على حين غفلة، فانطلقت الاتصالات بالثواني والدقائق والساعات استباقاً لجلسة الغد ومفاجآتها، التي طرحت على الطاولة امتحان الجهوزية الذي لم يكتمل، بفعل عدم اكتمال أي اتفاق على اسم موحد تخاض به الانتخابات.
لم يحدد بري الجلسة إلا بعد التنسيق مع حزب الله، فهذه الجلسة ستكون اختباراً لجميع القوى بما فيها للحزب الذي استعد على ما يبدو تفادياً لاكتمال النصاب وحصول مفاجآت غير محسوبة.
بالفعل ستكون جلسة الغد جلسة كشف المستور وتحديد موازين القوى الحقيقية في المجلس، إذ ستمر هذه الجلسة باختبار القوى البرلمانية، من خلال المرور باستحقاق تأمين النصاب أو فقدانه ولكل من هذين الاحتمالين نتائجه وتوازناته المختلفة، فمن من الفريقين الأساسيين سيضطر إلى تحمل عبء إفقاد الجلسة نصابها، وإذا ما عقدت الجلسة فهل ستكون الخطوة التالية انتخاب رئيس للطرف القادر على تأمين أغلبية الـ 65 نائباً، وما هي احتمالات حدوث هذا الأمر.
الأكيد أن حزب الله وفريقه قد هيأوا أنفسهم للخطوة التالية أي لاحتمالات الجلسة، أما فريق المعارضة التي بدأت أطرافها اتصالات سريعة فيما بينها بما يشبه غرف العمليات، لتحقيق الجهوزية في التعامل مع الجلسة وتلافي المفاجآت المزعجة، ومنها مفاجأة انتخاب أحد حلفاء الحزب رئيساً للجمهورية، وهذا سيتطلب استنفاراً لتأمين ثلث معطل من 43 نائباً، كما سيتطلب تأمين مناعة سياسية للاستمرار في التعطيل وتحمل أعبائه في حال الاضطرار إلى تحمل كلفة تعطيل جلسات أخرى، قد يحددها بري بعد هذه الجلسة بشكل مفاجئ.
التخوف لدى قوى المعارضة من مفاجأة كهذه ليس مجرد تخوف ناتج عن فراغ. فالقراءة للوضع في المنطقة والتوازنات الناتجة عنها تشي بالكثير من الاحتمالات، ومنها أن يكون حزب الله عبر تحديد هذه الجلسة المفاجئة بسرعتها يريد الرد على البيان الأميركي الفرنسي السعودي، بخطوة تؤكد على امتلاكه زمام الاستحقاق الرئاسي، والتلويح مجدداً بأن خيار باسيل أو فرنجية لا يزال قائماً لدى الحزب في حال شعر بأن هناك من يريد انتزاع رئاسة الجمهورية من محوره، وبأن عهد ميشال عون مرشح للاستمرار ولو بمرشح آخر.
التخوف نابع أيضاً من أن حزب الله بتوقيعه القريب لاتفاق الترسيم البحري، سيستعيد هامش المناورة، وسيطرح مجدداً مرشحاً للرئاسة بمواصفات باسيل، ذلك طالما أنه أمن جانبه على المستويين الإقليمي والداخلي سواء بامتصاص النقمة الداخلية جراء الانهيار، أو بإرساء تفاهم غير مكتوب طويل الأمد مع إسرائيل، يمتد إلى حدود ضمان الاستقرار التام عبر الحدود البرية والبحرية، ويصل إلى ضمان عملية استخراج الغاز في إسرائيل ولبنان على السواء.
لهذا لا ينظر إلى جلسة الغد باعتبارها مجرد تكتيك من رئيس المجلس لتطيير تشكيل الحكومة، بل باعتبارها جلسة أولى ونقلة أولى على رقعة شطرنج يحترف حزب الله اللعب عليها، فيما يتردد خصومه الذين لم يتربوا إلى الآن ساحتهم الداخلية بما يكفي للتعامل مع مثل هذه الخطوات المفاجئة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us