13 تشرين الأول 1991-2022: دقيقة صمت عن روح لبنان


أخبار بارزة, خاص 10 تشرين الأول, 2022

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

كم يبدو رئيس البرلمان نبيه بري، بحسب التيار الوطني الحر كما قال رئيسه، “مستهتراً” بمشاعر “التيار” وجمهوره، عندما قرر أن تكون الجلسة الثانية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية في 13 تشرين الأول الجاري. ففي مثل هذا اليوم قبل 31 عاماً، خرج الجنرال ميشال عون مسرعاً من قصر بعبدا تحت أزيز قصف طائرات حافظ الأسد، لاجئاً إلى السفارة الفرنسية تمهيداً للجوء إلى فرنسا. فهل يعقل، أن الرئيس بري فاتته هذه الوقائع، فلا يكترث بها؟

أمضى مؤسس “التيار” حتى الآن قرابة ستة أعوام، ستكتمل في 31 الجاري رئيساً للجمهورية. لكن طوال هذه الأعوام الستّ لم يأخذ أي إجراء كي يعطي لمناسبة 13 تشرين الأول عام 1991 الأهمية التي يرى أنها تستحقها. ولو شاءت الظروف أن تكون جلسة مجلس النواب في 13 تشرين الأول عام 2016 حاسمة كي يصبح الجنرال رئيساً للجمهورية، فهل كان التيار ليعترض على التوقيت؟

في كتاب “ميشال عون: ما به أؤمن” وهو كناية عن أرشيف وحوار أجرته ديزيريه صادق مع الجنرال المنتخب في 31 تشرين الأول 2016، يقول الرئيس عون عن جلسة الانتخاب: “كنت شديد الهدوء. أدركت على الفور أن هناك محاولة لتطيير النصاب بعد عدم مطابقة عدد المقترعين لعدد الأوراق أكثر من مرّة. طلبت من جميع نواب “التيار” الاحتفاظ بهدوئهم، وعدم الرد على أي إستفزاز. كنت واثقاً أن لا شيء يمكنه وقف القطار الذي إنطلق”.

إذاً، كان العماد عون “شديد الهدوء” في جلسة صاخبة. وكل ذلك “الهدوء” كان من أجل إنتهاء الجلسة النيابية بإنتخاب عون رئيساً للجمهورية. ومن يعود إلى وقائع تلك الجلسة، يدرك كم كان حجم “اللعب على الأعصاب” كي يعلم المرشح للرئاسة الأولى أنه تحت رحمة غريمه في الرئاسة الثانية.

أما اليوم، الوقت يمضي سريعاً ليصبح مؤسس التيار رئيساً سابقاً للجمهورية. ولعل هذا الواقع المرتقب وراء هذا التوتر الذي يظهره وريث المؤسس النائب جبران باسيل في كل شيء، بما في ذلك موعد جلسة الانتخاب هذا الأسبوع.

ما “يزيد الطين بلّة” كما يقال، أن الرئيس عون وقبل 3 أسابيع من نهاية ولايته، لن يحظى بفرصة التوقيع على إتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل. وعلى الرغم من كل الجهود التي يبذلها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، فلن تكون هناك فرصة لكي يضع الرئيس الحالي للجمهورية إسمه على ورقة الاتفاق. وكانت لتكون فرصة، لكي يستثمر النائب باسيل الورقة في معاركه المقبلة، كي يكون له موقع على المسرح السياسي الداخلي.

يقول وزير سابق، عاصر عهود عدة في تاريخ لبنان بعد نيله الاستقلال عام 1943 أن الرئيس فؤاد شهاب الذي كان من الرؤساء الاستثنائيين في تاريخ لبنان، عندما حان وقت مغادرته منصبه عام 1964، بدأ العد العكسي لكي يفقد كل الإحاطة التي حظي بها، وبدأ غالبية الموالين يستعدون لـ “نقل البارودة من كتف إلى كتف” كي يجدوا لهم موقعاً في عهد الرئيس شارل الحلو الجديد.

كل هذا الضجيج الذي يصدره النائب باسيل حالياً، ومعه من تبقى من موالين لـ “التيار” هي مسالة أيام فقط لا أكثر ولا أقل، كما يقول متابعون لمجرى الانتخابات الرئاسية.

كان لافتاً هذا التشدد الذي مارسه العهد في عدم تسهيل قيام حكومة فعلية، كي تتولى ملء الفراغ الرئاسي في حال لم يكن هناك رئيس جديداة للجمهورية قبل نهاية الشهر الجاري. وهناك الكثير من المعطيات المتداولة حول المطالب التي يطرحها باسيل كي تبصر الحكومة الجديدة النور، بما ذلك مطلب إبطال نيابة النائب الحالي فراس حمدان كي يفوز تلقائياً منافسه مروان خير الدين المرشح الأرسلاني، على أن يقوم “التيار” لاحقاً بتأليف لائحة خاصة بخير الدين كي يقال أن الزعامة الدرزية لم تعد حكراً على دارة المختارة وحدها!

إنه 13 تشرين الأخير وعون رئيس للجمهورية. وهناك من تحلو له المقارنة بين هذا التاريخ قبل 31 عاماً وبين هذا التاريخ هذه السنة. في الزمن الأول، وكما ورد آنفاً، كانت هناك طائرات حافظ الأسد تحلق بغطاء أميركي “مكافأة” لحاكم دمشق على مشاركته في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة لإخراج الرئيس العراقي صدام حسين من الكويت عام 1990. أما في الزمن الحالي، فهناك مسيّرات الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي يريد إخراج الغاز من منطقة لبنان الاقتصادية في البحر الجنوبي. على ما يبدو، أن كلاً من الأسد ونصرالله سيتساويان في إخراج العماد عون من قصر بعبدا خالي الوفاض. وهذه المرة ستكون الرابية منفى على غرار باريس للجنرال المهزوم. لتكن ذكرى 13 تشرين الأول مناسبة للوقوف في مجلس النواب دقيقة صمت حداداً على روح لبنان الذي دفع أثماناً غالية في الزمن العوني.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us