النفط والغاز في لبنان صيد ثمين فكيف ستتعامل الشركة الوطنية اللبنانية مع حصتها فيه


أخبار بارزة, خاص 13 تشرين الأول, 2022

كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:

“إنها مجرد بداية” قالها الرئيس الأميركي جو بايدن لنظيره اللبناني الرئيس ميشال عون بعيد تسلم لبنان المسودة النهائية لإتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، إذ أصبح بيد لبنان ورقة رابحة وصيد ثمين بعد أن رمى صنارته في البحر وتم إلتقاطها من الأميركيين والإسرائيليين. لكن ما هي الضمانات لإستخراج لبنان للنفط والغاز، وهل سيبقى كالسمك في البحر؟

البداية بالنسبة للبنان لترجمة هذا الصيد الثمين أي “الإتفاق” تبدأ مع التوقيع عليه وإيداع نسختين في الأمم المتحدة، وبدء عمل شركات التنقيب عن النفط والغاز أي شركتي توتال الفرنسية وإيني الإيطالية إضافة إلى الشركة الوطنية اللبنانية التي ستنشأ بسبب إنسحاب شركة نوفاتيك الروسية.

وبحسب الخبراء فإن لبنان في العام 2026 قد يدخل نادي الدول النفطية، إلا أن جهوزية الدولة اللبنانية حتى الساعة معدومة في ظل الإنهيار الذي تعيشه البلاد فكيف ستستفيد الدولة من حصة الـ 20% التي هي من حقها في حال بدء التنقيب؟ وهل هي قادرة على الدخول على خط الشركات الكبرى من خلال الشركة الوطنية اللبنانية؟

أسئلة كثيرة بدأت تطرح حول هذا الأمر في ظل عدم وجود شركات أخرى حتى الساعة من شأنها إلتزام حصة لبنان للبدء بعملية التنقيب سوى ما تم تناقله عن استعداد دولة قطر، إضافة إلى الناحية القانونية لإنشاء الشركة الوطنية. وكانت كتلة التنمية والتحرير قد تقدمت بثلاثة إقتراحات قوانين تتعلق بإنشاء الصندوق السيادي لعائدات النفط الذي ينص عليه القانون، واقتراح قانون يتصل بإنشاء مديرية عامة للموارد النفطية في وزارة المالية، للتأكد من حُسن الجباية وذهابه إلى الصندوق السيادي، واقتراح قانون لإنشاء الشركة الوطنية للنفط، كما تقدم النائب السابق محمّد قباني بإقتراح قانون للتنقيب عن النفط في البر. هذه الاقتراحات تشكّل منظومة تشريعية في حال أقرت، كي يصبح لدى لبنان شفافية كاملة.

وفيما يتعلق بالشركة الوطنية للنفط، أكدت مصادر متابعة لهذا الشأن لموقع “هنا لبنان” أهمية الإستعجال في إنشائها وفق قانون في مجلس النواب لضرورات إستخراج الغاز والنفط أولاً واستخدام الغاز لتوليد الكهرباء والذي يدخل في صلب مهام هذه الشركة.

الخبيرة في الحكومة في مجال الحوكمة النفط والغاز في الشرق الأوسط لوري هايتيان أكدت لموقعنا أنه في حال إكتشاف الغاز في قانا وسواها من الحقول فإن حصة الشركة الوطنية اللبنانية 20 % قد تصبح قيمتها أكبر وقد تنتشل لبنان من القعر، وتجذب شركات أخرى للإستثمار والتنقيب، إلا أن ضمن الكونسورتيوم يعتبر لبنان بلداً مفلساً مقابل شركتي توتال وإيني، لذا فإنه من بين الإحتمالات أن يتم الطلب من شركة توتال إستدانة لبنان منها تكلفة التنقيب وعند الإستكشاف يعيد هذا الدين، لكن في حال عدم إستكشاف النفط والغاز لدواعي تجارية فإن لبنان يصبح مديوناً وهذا فيه مخاطر جمة. وشددت هايتيان على ضرورة إعطاء صلاحيات لهيئة إدارة قطاع البترول ودوراً أكبر من أجل المراقبة وتحقيق الشفافية اللازمة لأنه لا يمكن للشركة الوطنية أن تشكل رقابة على نفسها مما يعتبر تضارباً في المصالح كما يحصل في ليبيا مثلاً وهذا المثال ليس الأفضل.

جهات سياسية ونيابية في المعارضة لديها جملة هواجس تتعلق أيضاً بالشركة الوطنية لا سيما حول طريقة عملها في حال سوء استخدام العائدات وإمكانية تفشي الفساد عبر التعيينات والتوظيفات والمحسوبيات وتقاسم الحصص كما حصل في قطاع الكهرباء وإدارات الدولة في ظل وجود المنظومة الحاكمة.

وكان لافتاً تطرق رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في تغريدته الأخيرة إلى إنشاء الشركة الوطنية إذ قال: “أما وقد جرى الترسيم دون مشاكل وحرب ووفق الديبلوماسية التي أوصيت بها المدعومة بالمسيرات يبقى الأهم إنشاء الشركة الوطنية للنفط بعيداً عن أي وصاية سياسية سياسية محلية وبعيداً عن الشركات الوهمية التي شكلت من قبل السماسرة وإلا أفضل على هذه الثروة أن تبقى حيث هي”.

هذا وقد طالب حزب الكتائب بضرورة نشر اتفاق ترسيم الحدود البحرية وفق قانون حق الوصول إلى المعلومات إضافة إلى عرضه على مجلس النواب ووضعه على جدول أعمال المجلس كي يتحمل النواب مسؤوليتهم القانونية والسياسية وهذا ما نقله نائب رئيس حزب الكتائب النائب سليم الصايغ للرئيس نبيه بري الذي أبدى إنفتاحه على هذا الطلب ليصار إلى تلبيته في الشكل والوقت المناسب بحسب ما أشار الصايغ.

أما نواب قوى التغيير سيعملون للضغط عبر اللجان النيابية في هذا الإتجاه للمساءلة والمحاسبة، وهم يدرسون بحسب مصادرهم دور هيئة قطاع البترول في الرقابة على الصندوق السيادي الذي سيتم إقراره إضافة إلى موضوع المحاسبة وضبط الفساد وتحقيق الشفافية. وهم يلتقون أيضاً مع المجتمع المدني الذي يعمل منذ سنوات على “مبادرة الشفافية في الصناعات الإستخراجية EITI ” والتي تشكل خطوة كبيرة في مجال تعزيز الشفافية في قطاع الغاز والنفط، وتوفر معايير الشفافية والمحاسبة والمساءلة لضمان حسن إدارة القطاع، كما ستؤمن حضوراً فعلياً للمجتمع المدني اللبناني داخل مجلس أصحاب المصلحة في أهم قطاع استراتيجي وحيوي. كما تعتبر هذه المبادرة معياراً عالميًّا يشجّع على الحوكمة الرشيدة في قطاع الصناعة الاستخراجيّة، (تنفّذه أكثر من خمسين دولةٍ حول العالم)، وقد تم العمل خلال شهر أيلول 2022 على إعادة تفعيلها وإحيائها في ظل التطورات الراهنة، وقد شُكلت لجنة للإشراف ولمراقبة الانتخابات تضم ممثلين عن منظمتي “أنشر ما تدفع” و”معهد حوكمة الثروات الطبيعية” و”هيئة إدارة البترول” و”تحالف حوكمة الطاقة” و”الجمعية اللبنانية لأجل مراقبة الانتخابات”. وبناء عليه انتخب ثلاثة ممثلين في مجلس أصحاب المصلحة في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية وثلاثة رديفين لولاية مدتها أربع سنوات. واعتبر أصحاب المبادرة أنها تأسيس لشراكة حقيقية في القرار السياسي والإداري بين السلطة التنفيذية وبين المجتمع المدني مما يعتبر خرقاً إيجابياً وتاريخياً في الحياة السياسية والإدارية.

هذه المطالبات والمبادرات من شأنها تسليط الضوء على المخاطر المتعلقة بإستخراج النفط والغاز في لبنان وحمايته في المستقبل وبعد توقيع الاتفاق بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي وعلى أمل أن يكون للشركة الوطنية دور فاعل في هذا القطاع الحيوي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us