هل التيار الوطني الحر أمام انشقاقٍ مؤجَّل؟


أخبار بارزة, خاص 12 تشرين الثانى, 2022

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

هل ينجو التيار الوطني الحر من “لوثة” أو “لعنة” الانشقاقات التي أصابت سائر الأحزاب والتيارات والتنظيمات والحركات اللبنانية، من دون استثناء؟ هل يبقى بمنأى عن هذا القدَر؟

في قراءة هادئة وتتبعٍ موضوعي، يتبيَّن أن التيار الوطني الحر ليس استثناءً، وأن ما أصاب غيره يمكن أن يصيبه، خصوصًا أن المنضوين في صفوفه يأتون من مشارب مختلفة ومتباينة عقائديًا، فهذا الآتي من الحزب السوري القومي الاجتماعي، وذاك الآتي من القوات اللبنانية، وما بينهما ملتحقون بالجنرال من أهواء شتى. فرئيس التيار الوزير جبران باسيل آتٍ من خلفية حزب الوطنيين الأحرار حيث كان ناشطًا في “منظمة الشباب” في الحزب، و”نجم” التكتل، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب آت من خلفية الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو الذي وضع تمثال مؤسس الحزب أنطون سعادة في ساحة بلدة ضهور الشوير، مسقط رأسه، وهو الذي قال يوماً في حديث صحافي: “أنا من خلفية قومية ولا مرة أخفيت هذا الموضوع، وهذا الأمر ليس اتهاماً وطبعاً هذه جذوري، أبي من الحزب القومي، إنما الياس بو صعب لم ينتمِ يوماً إلى أحد الأحزاب. أنا مقتنع بفكر أنطون سعادة لكن هذا لا يعني أنني التزمت حزبياً”.

وبيار رفول آتٍ من خلفية “التنظيم” – جناح أبو روي، في مواجهة جورج عدوان، وميشال دو شاداريفيان آتٍ من خلفية قواتية، وجان عزيز، حينما كان، كان آتيًا من خلفية قواتية، وابراهيم كنعان آتٍ من خلفيةٍ كتلوية، صحيح أنه لم يحمل بطاقة حزبية لكن “بيته” كتلويٌ بامتياز منذ أيام والده الشيخ يوسف كنعان.

هذا التنوع على طاولة التيار أو طاولة التكتل، كانت تغطي تبايناتها وعيوبها “العباءة السياسية” لمؤسس التيار الجنرال ميشال عون، لكن عندما أُلبِس الوزير باسيل “عباءة الوراثة” بالتعيين، بدأت التباينات تظهر إلى العلن، وبدا التيار كأنه دخل في رَكبِ مَن سبقوه إلى الانشقاقات:

الحزب السوري القومي الاجتماعي انقسم إلى قسمين، ولم تنجح سوريا في إعادة توحيده.

حركة أمل انشقت، فتشكلت ” أمل الإسلامية” ولاحقًا “أمل” محمود بو حمدان ثم محمد عبيد.

حزب البعث انقسم بين عاصم قانصوه وفايز شكر.

حزب الكتائب انقسم، فكانت “القيادة التاريخية” التي تمثلت بعائلة الجميل، وكانت رئاسة المحامي كريم بقرادوني.

القوات اللبنانية انقسمت، بعد الانتفاض على قيادة الدكتور فؤاد أبو ناضر، وقاد الإنتفاضة سمير جعجع وإيلي حبيقة وكريم بقرادوني، لم تحصل الإنتفاضة “على حياة” الرئيس المؤسس الشيخ بيار الجميل، بل بعد ستة أشهر على وفاته، وفي ظل رئاسة الدكتور إيلي كرامة للحزب.

هل تصل “لعنة” الانشقاق إلى التيار؟ لا دخان من دون نار، وما يحصل ليس صاعقة في سماء صافية، ونار الخلافات تتأجج، وإنْ كان البعض يحاول التخفيف من وقعها ووطأتها، عازيًا ذلك إلى أن التباينات “عوارض صحية” داخل التيار، مع ذلك فإن هذه العوارض ليست صحية خصوصًا أن “التيار حالة عاطفية” أكثر منها مؤسساتية، تمامًا كما كان يحصل في الكتلة الوطنية حيث الكتلويون يشكلون حالة عاطفية حول العميد ريمون إده.

القياديون الذين أصبحوا خارج التيار يكادون أن يكونوا أكثر ممن هم داخل التيار: من زياد أسود إلى حكمت ديب إلى ميشال دو شاداريفيان إلى طانيوس حبيقة إلى زياد عبس إلى نعيم عون إلى رمزي كنج إلى أنطوان نصرالله، واللائحة تطول، فهل دنت ساعة تموضع هؤلاء في تنظيم يسحب البساط من تحت رجلي جبران باسيل ومَن معه في التيار والتكتل؟

مستبعدٌ هذا التطور اليوم، فغطاء الجنرال ميشال عون يشكِّل رافعةُ لجبران باسيل، ليس بالإمكان تخطيها، تمامًا كما كان غطاء مؤسس حزب الكتائب الشيخ بيار الجميل رافعة “للحرس القديم” في الحزب، حيث لم يكن أحد قادرًا على تجاوزه أو الإعتراض عليه أو الإنتفاض عليه. فهل يستطيع الجنرال ميشال عون “على حياته”، وبعد عمر مديد، أن يُحصِّن التيار من الإنشقاقات؟

المسألة ليست سهلة، فالأفول ليس كالبدايات، وجبران ليس “الجنرال”!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us

Skip to toolbar